
عوامل عدة لاندحار واقع حرية الصحافة هذه السنة على المستوى الدولي، شرع في عدها خبراء وصحفيون أحرار بالعاصمة الرباط ، أعضاء النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بمقر المعهد العالي للإعلام والاتصال، صباح هذا اليوم 30 أكتوبر على الساعة العاشرة والنصف، ووضعوا تزامنا أرضية للحديث عن وضعية الصحفي المستقل(الفريلانس)، بالتعبير الدارج في الأوساط المهنية. وما تستدعيه من صيغ للدراسة بل التقويم، قصد وضع إطار قانوني تنظيمي كفيل بالحفاظ على المهنة، وحمايتها من تطفل الدخلاء عليها.
في ندوة وطنية فكرية، نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية SNPM، تحت إشراف الصحفية حنان رحاب، وبتسيير من الصحافية فاتحة النوحو، شخص رئيس النقابة الزميل عبد الله البقالي ظاهرة الصحفي الحر في المشهد الإعلامي العالمي، واعتبرها حديثة العهد، وآخذة في الارتفاع يوما بعد يوم خصوصا في عدد الحاصلين منهم على بطاقة الصحافة المهنية بعدد لا يتجاوز 110 فردا فقط، ويرجع السبب لتعدد الصلاحيات والسلط التي تمنح “الفريلانس” هوامش أكبر من تلك المتوفرة عند باقي فئات الصحفيين ” العاديين”.
لكن هذا لا يعفيهم من لفيف معاناة صعبة تتجسم في الانتهاكات على مستوى التغطية الاجتماعية، والتأمين الطبي، والأجور الهزيلة، وعدم الاستفادة من التعويضات، والامتيازات كغيرهم من الزملاء.
الهدف من الندوة:
تحدث الرئيس البقالي، عن تنظيم قطاع استراتيجي من التنسيقات، عن طريق العمل التنظيمي الخاضع لمختلف القوانين داخل النقابة، لذلك وجدت هذه التنسيقات منذ سنين طويلة، والتي تنظم القطاع، الى جانب مكاتب اللجان النقابية، والمجلس الوطني الفيدرالي…وانتهى الرئيس بإنشاء إطار خاص بفئة الصحفيين الأحرار من خلال الندوة أولا، وتشكيل تنسيقة “لضرب عصفورين بحجر واحد ” كما يقول. بداية بدراسة أوضاع هذه الفئة من الصحافيين المهنيين، انتقالا الى تتويج هذه الدراسة بتشكيل إطار مهني سيساهم في الترافع من اجل الدفاع عن مصالح هذه الفئة المهمة.

وفي تصريح ل “لبوكلاج” يقول الرئيس عبد الله البقالي: ” الفريلانس تعتبر فئة الصحافيين الأكثر هشاشة في المشهد الإعلامي الوطني، لإعتبارات كثيرة، أولها غياب اعتراف واضح بشرعية هذه الفئة، ففي كثير من الأحيان نجد المجتمع، رجال السلطة والمواطنين لا يعرفون معنى الفريلانس وبالتالي يقعون في مواقف محرجة، ذلك لأنهم محرومون من جميع الحقوق الاجتماعية كالتغطية الاجتماعية، والتأمين، والتقاعد… فلذلك خلقت هذه التنسيقية من اجل انصاف هذه الفئة والترافع على حقوقها وفق الدفتر المطلبي.
إشكالية الممارسة الموائمة وفق شروط ملائمة:
شهدت الندوة مداخلة معمقة بعنوان: ” الصحفي الفريلانس بالمغرب… اية ممارسة وبأية شروط؟. بإشراف الأستاذة سعيدة شريف، صاحبة المسار الطويل في الصحافة الوطنية وكذا الدولية. وأشارت الصحفية إلى تراجع في مستوى الممارسة الإعلامية بالمغرب، وتجاوز اللبس الواقع ما بين أنشطة الإعلامي وباقي الأنشطة المجاورة مثل صناع المحتوى، والمؤثرين على سبيل المثال.
وعبرت شريف عن معاناة هذه الفئة، التي تبدأ من المؤسسة التي يشتغلون بها، لتمتد بعدها الى الفضاء العام، بمهنة مشوبة بالتضييق والحد من الحرية، باعتبار ان الفريلانس يعاني الأمرين ذات الوقت.

وقد حدد في هذه المداخلة ثلاثة محاور مهمة:
أولها محور تعريفي: بحيث يفيد الفريلانس ” العمل الحر”، باعتباره واحدا من أفضل الوسائل التي تضعك مباشرة على الطريق الصحيح نحو الحرية المالية والعمل لحسابك الخاص.. وقد أصبح العمل الحر خيارا شائعا في سوق العمل ينافس الوظائف التقليدية التي تفرض العمل وفق ساعات محددة قد تقارب 40 ساعة أسبوعيا.
وقد عرفته الاتحادات والمنظمات المهتمة بمجال الاعلام بكونه صحفي بالدرجة الأولى، يعمل بشكل مستقل وحر ويقدم خدمة لمؤسسة او مؤسسات متعددة ويتقاضى منها اجرا وتعويضا بشكل حر. يليه محور قانوني تنظيمي: يشير على ان العمل الحر اقتصاد من المتوقع ان يهيمن مستقبليا بفضل الشباب الذين وجدوا فيه ضالتهم، والمؤسسات التي تخلصت بفضله من عبئ الضرائب،
ويعرف القانون الصحفي المهني الفريلانس: ” كل صحفي مهني يتعامل بناءا على طلب من مؤسسة صحفية واحدة أو أكثر يوجد مقرها الرئيسي بالمغرب وان يكون اجره الرئيسي من مزاولة عمل الصحافة وان يتقاضى اجرا قارا… اما آخر محور فقد تناول ظروف وشروط الممارسة المهنية للصحفي المستقل بالمغرب، والتي ما تزيد تنساق نحو التطور مع تطور الصحافة في العالم خاصة في عصر الرقمنة.
وانتهت سعيدة شريف في ورقتها لخلاصة بأنه من الضروري اقتراح حلول قانونية ومهنية، لإخراج هذه الفئة من وضعية الهشاشة الاجتماعية والاستغلال وهيكلة نشاطها، وتمكينها من جميع الامتيازات أسوة بباقي الصحفيين المهنيين والتقنيين عبر التزام حر ومحو النظرة الدونية التي يعايشها يوميا، كسؤاله عن المؤسسة التي يشتغل وفقها ويعتمد على النمط الحر وما يترتب عن ذلك من استغراب وقمع ومنع لجوء وتقديم الترخيص والبطائق المهنية…
وفي تصريح ل “لبوكلاج ” ذكرت سعيدة شريف بان مهنة الاعلام في المغرب تشهد ردة وتراجع على المستوى المهني والأخلاقي وسط لامبالاة من قبل المسؤولين عن القطاع … حتى أضحت آخر ما يتم التفكير فيه، وقد أثبتت جائحة كورونا هذا الأمر بالملموس بعد تسريح عدد مهول من الصحفيين جراء اغلاق المؤسسات.
وضعية قانونية واجتماعية منصفة للفريلانس:

اما الصحافي منصف يوسف فركز في ورقته على الإشارة الى المهن المنظمة قانونيا ثم مجتمعيا كرجال السلطة و الأساتذة… بمعنى ان النظام الأساسي لنظام التدريس مثلا يتضمن مقتضيات قانونية تنظيمية للوضعية المفترضة، في اطار مهني، ووفقا لهذه المقاربة نستوعب شدة اختلاف وضعية الصحفي الفريلانس التي تتحدد حسب اطار قانونيا مسبقا نادر الامتيازات الاجتماعية.
وضعية مقلوبة “هكذا وصفها الأستاذ منصف، فاجتماعيا: تغلب عليه الهشاشة الاجتماعية وتجعلها لا تختلف عن باقي حالات الفئات الاجتماعية المتضررة، هذه الهشاشة ناتجة عن عامل الاستغلال الذي مرده غياب العدالة الأجرية هذا أولا، ثانيا مواجهة الفريلانس واقع قانونيا يتمثل في غياب أية ضمانات قانونية باستثناء الإشارة اليتيمة في مرسوم منح البطائق والتعريف المستخلص من القانون الصحفي المهني.
وعقبت المحاضرة بمعهد الاعلام والاتصال، البرلمانية المغربية والصحفية حنان رحاب، التي اعتبرت أن وضعية الصحفي الفريلانس وضعية شائكة، فهو يريد ان يبقى مهتما بالإنتاج الصحفي بموازاة معرفة ترسانة من القوانين للحماية، بدون حقوق اجتماعية ولكن مثقلة بالقومية، وأكدت على ضرورة اجتماع هذه الفئة من اجل وضع ملف مطلبي. فهم ليسوا في خانة مقاولين بل هم صحفيون مهنيون. واكدت على رغبة النقابة في الإفصاح عن مطالب هذه الفئة في إطار مذكر ة مطلبية على طاولة نقاش لابد فيها من حضور ملف الصحفي الفريلانس.
وفي تصريح ل “لبوكلاج” قالت الأستاذة والصحفية جميلة البزيوي بان هذا اليوم هو لقاء مميز هدفه تكوين تنسيقية لتقنين المهنة وحمايته من المتطاولين، ومن الواجب معرفة ان الصحفي الحر يشتغل أكثر من الصحفي المكتبي، فالأول ذو حقوق مهضومة لذا وجب الدفاع عن حقوقه، صحيح أنه يتوفر على بطاقة مهنية لكنه لا يمتلك تقاعد، الصحفي الحر هو صحفي حرب، كفاءة ونضال لذا يجب أن نوافيه حقه.
وبحسب القائمين على المنتدى، تم تشكيل لجنة صياغة البيان العام، الى جانب انتخاب السكرتارية الوطنية التي ستعمل على المطالبة بحذف كل العقوبات السالبة للحرية في مجال الصحافة والنشر، ورفض كل ترحيل للقضايا المتعلقة بهذا المجال الى القانون الجنائي، كما حدث في عهد الحكومة السابقة، الى جانب مراجعة القوانين المؤطرة للمقاولة الصحفية، وتعزيز الخدمات الاجتماعية للصحافيين وشجب كافة الممارسات المخالفة للقانون.