تشهد مدينة طاطا حالة احتقان اجتماعي متصاعدة بسبب مشروع اتفاقية شراكة مثير للجدل يتعلق بإعادة استعمال الموارد المالية الإضافية المحصلة من عملية تسويق تجزئة النهضة من أجل تمويل أشغال التهيئة. الاتفاقية التي تمت مناقشتها خلال اجتماع انعقد بمقر عمالة طاطا يوم 5 ماي 2025، وأعيد طرحها على أنظار لجنة التعمير والبيئة وسياسة المدينة بجماعة طاطا بتاريخ 25 شتنبر 2025، أثارت غضباً واسعاً في أوساط ساكنة حي النهضة الذين اعتبروا أن ما يجري “جريمة في حق المستفيدين” ومحاولة لتحميلهم التزامات مالية جديدة بعد أكثر من ثلاثة عقود على اقتنائهم للبقع.
السكان، مدعومون بجمعيات محلية أبرزها جمعية النهضة للتنمية، وجّهوا مراسلات متكررة إلى المجلس الجماعي وعامل الإقليم عبّروا فيها عن رفضهم القاطع لمضامين الاتفاقية، كما أرفقوا عريضة مطلبية موقعة من عشرات الملاك والمتضررين تتضمن أرقام بطائقهم الوطنية وتوقيعاتهم، أكدوا فيها على ضرورة احترام حقوقهم المكتسبة وعدم إلزامهم بأية مساهمات مالية إضافية.
اللجنة الجماعية المكلّفة بدراسة الاتفاقية وقفت بدورها على مجموعة من الاختلالات، من بينها غموض الوضعية القانونية للعقار واحتمال نشوء نزاعات قضائية بين الملاك والشركة، وعدم تحديد كلفة مالية دقيقة للمشروع، وغياب جدول زمني واضح للأشغال، إضافة إلى أن تمويل المشروع يبقى مرهوناً بنجاح عملية التسويق وهو ما قد يهدد بفشل عملية التهيئة برمتها. كما سجّلت اللجنة أن الشركة المعنية تأخرت عقوداً طويلة في إنجاز أشغال التهيئة منذ عملية التسليم، وأن أي محاولة لتدارك الوضع يجب أن تراعي مبدأ العدالة والإنصاف وأن لا يتحمل المواطنون تبعات هذا التقصير.
في هذا السياق، حمّل السكان عامل الإقليم كامل المسؤولية فيما اعتبروه إقحاماً غير مشروع لهم في تمويل مشروع كان من المفترض أن تتحمله الشركة أو أن يجد تمويله عبر الدولة والشراكات المؤسساتية، معتبرين أن تمرير الاتفاقية بمثابة شرارة قد تفجر الأوضاع الاجتماعية في المدينة. كما وجّهوا تحذيراً مباشراً إلى المجلس الجماعي من مغبة المصادقة على الاتفاقية في دورة أكتوبر العادية التي ستنعقد يوم الاثنين المقبل، ودعوه إلى رفضها بشكل صريح حمايةً للاستقرار الاجتماعي وصوناً للحقوق المكتسبة.
الغضب الشعبي في طاطا بلغ مستويات غير مسبوقة، إذ يؤكد سكان حي النهضة استعدادهم للنزول إلى الشارع دفاعاً عن حقهم في السكن والتمليك بما يكفله القانون، محذرين من أن إقليم طاطا يقف على برميل بارود وأن أي تجاهل لمطالبهم قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي يصعب التحكم في مآلاته.