يروي الفيلم الروائي الأول لمحمد كردفاني، وهو أول فيلم سوداني يُعرض ضمن اختيار رسمي في مهرجان كان، المصائر المتشابكة لامرأتين سودانيتين، ومن خلالهما يقدم لنا ما يعتمل في السودان من صراعات وانقسامات.
يبدأ الفيلم في الخرطوم بأجواء مشحونة، واشتباكات في الطرق، وأسلحة مرفوعة، وغضب مستعر، حيث يمكن لكلمة واحدة، أو حادث غير متعمد أن يشعل عنفا يروح فيه الكثيرون. تحزبات وتفرقة عنصرية بين أهل شمال البلاد، والجنوبيين في الخرطوم. وسط هذا العنف والغضب تقود امرأة سيارتها لقضاء أمر لها. تفقد انتباهها لحظات، فتصدم طفلا يلعب، يسقط الطفل على الأرض، لا نعرف إن كان حيا أم ميتا، تفر المرأة بسيارتها خوفا، بينما يندفع الأب خلفها بدراجته النارية.
كان يمكن للمرأة أن تقف لتتفقد الصبي الذي سقط على الأرض، أو لتتحدث إلى والده، ولكنها أجواء الذعر في السودان عام 2005، حيث انتهت حرب أهلية بفعل اتفاقات سياسية، لكن نذر الانقسام تتجمع وتلوح، والاحتقان بين الشماليين والجنوبيين في ذروته. المرأة شمالية والأب وابنه من الجنوب، وقد تتشابه أمامنا البشرة السمراء للجنوبي والشمالي، ولكن أجواء الاحتقان العنصري في البلاد في ذروتها.
يطارد الرجل المرأة حتى تصل إلى منزلها، ويراه زوجها فيظنه ينوي السوء بامرأته، فيحمل سلاحه الذي اشتراه للدفاع عن النفس من الجنوبيين، الذين يشير إليهم عرضا بأنهم عبيد ومتوحشون، ويرديه قتيلا. يصف الزوج والجيران الأمر للسلطات على أنه دفاع عن النفس، وتخفي الشرطة أوراق هوية القتيل، وتدفنه سرا، في محاولة للحد من العنف المحتمل. القتيل هو سانتينو، الجنوبي الذي يعمل في استوديو للتصوير الفوتوغرافي، والزوج هو أكرم (نزار جمعة) وهو صاحب مصنع للمنتجات الخشبية، والمرأة هي منى (إيمان يوسف)، التي تقرر العثور على عائلة سانتينو ومساعدتها، تكفيرا عن الذنب، دون الكشف عن هويتها.
في «وداعا جوليا» يربط كردوفاني بين الأزمة السياسية الدائرة في البلاد شمالا وجنوبا، والخلافات المنزلية والاجتماعية، المتمثلة في الخلافات بين الزوجين منى وأكرم.