مشهد قل نظيره، هذا العام استثناء تكسرت فيه ومعه قاعدة “عام لنا و عام لغيرنا”… عام الحصاد و الغلة و الدوبلي… التريبليت ملعوب و رباعيات الخيام قائمة ومونديال الأندية خامس الأهداف! مشهد السيطرة و الاكتساح للأرقام و الالقاب ، الوداد هو الرقم الثابت في معادلة الذهب، اخر من توج قبل كورونا واول من توج بعدها، فما ابرز الدوافع و الاسباب التي اعادت للوداد امجاده؟
الوداد يسير على خطى ثابتة مبسطا امامه الطريق لتحقيق جميع الالقاب الممكنة و الخروج بموسم كروي استثنائي و غير مسبوق هذا العام ، حقق الفريق الاحمر الى حد الان لقبين مهمين و لا زال يطمع في العودة بكأس العرش لعقب داره ، هذه النجاحات التي حققها فريق الوداد الرياضي لم تأتي محض صدفة، بل كانت نتيجة مجهودات جبارة و تفان كبير ابان عليه مجموعة من العاملين على بصم تاريخ الوداد و امجاده من طاقم تقني و فني و اداري ..، الكل كان يدا واحدة قابضة مشعل الوداد نحو القمة ، ولكن لم يكن ليحصّل كل هذه الانجازات دون ثلاث عوامل رئيسية و فاعلين بارزين تمكنوا من احياء الماضي المجيد للنادي . سنعرج و اياكم للتعرف على اهم هذه العوامل في المقال الآتي .
نادي الوداد الرياضي لم يكن ابدا نادي مدينة الدار البيضاء فحسب بل طالما اطلق عليه الراحل محمد الخامس “نادي الامة”، ناد عريق يتمتع بشهرة و شعبية كبيرتين من قبل قاعدة جماهيرية عريضة مغربية و افريقية ، كما ان له مناصرون و مشجعون من جميع بقاع العالم ، و بالتالي فعملية بصم تاريخ الوداد خاصة فرعه الخاص بكرة القدم ، لم تكن عملية هينة على الاطلاق ، مع ذلك و على مر التاريخ ، شهدت الوداد اسماء لامعة طبعت مسارا حافلا بالالقاب ، سنتشهد هنا ، على سبيل المثال بالجيل الذهبي لسنة 1992، المكون اساسا من لاعبين ابانو على جدارتهم و تميزهم داخل الميدان ، امثال نور الدين نيبت و فاسيلي و موسى نداو .. الذين استطاعوا ترك بصماتهم في سجل الوداد عبر قيادة الاحمر و الابيض نحو الافق .
بعد ثلاثين عاما ، اعاد فريق الوداد الرياضي إحياء هذا الماضي المجيد، فتمت كتابة صفحة جديدة في تاريخه بخط من ذهب، عنوانها ثلة القاب ثمينة بخط عريض، و عمودها جيل جديد من اللاعبين الواعدين بقيادة مدرب محنك ،اخدوا على عاتقهم حمل قميص الوداد بكل شرف و تعريقه اداءا للواجب، فلم يكن لهم الا ان يفدوا بكل نفس و جهد لاستعادة صورة احد اعرق اندية المغرب.
خلال هذا الموسم (2021-2022)، اكد الوداد على جدراته و استحقاقه لنيل لقب بطل المغرب للبطولة الاحترافية للمرة الثانية و العشرين في تاريخه متقدما عن غيره من الفرق الاخرى، و على الصعيد القاري اهدى الفريق الاحمر لنفسه و جمهوره و زين قميصه بنجمة ثالثة ، وذلك بعد الهزيمة المدوية الاي الحقها في نهائي دوري ابطال افريقيا باحد عمالقة القارة السمراء ، و هو نادي الاهلي المصري المتوج باكبر عدد من الالقاب، لازال الوداد يطمح للمزيد من الالقاب ، ففي الوقت الحالي ينصب تركيزه و يشق طريقه نحو الضفر بلقب كاس العرش الذي غاب عن خزينة القاب الوداد لسنوات، و ذاك بعد تاهله على حساب غريمه الرجاء البيضاوي الذي خرج منهزما في باقي المنافسات باكرا ، التعطش لكأس العرش و الفوز على الرجاء جعل الكل متطلع لمبارة الفريق الاحمر القادمة في العاصمة العلمية فاس ..تجدر الاشارة الى ان جل هذه الانجازات و النجاحات و كذا التطلعات البنائة ما هي سوى حصيلة العمل الجماعي المكثف الذي شارك فيه النادي بجميع مكوناته و اطقمه ، لكن يرجع الفضل بالاساس لثلاتة عاملين اساسيين كان لهم دور حاسم و حتمي و فضل كبير في التفوق في جل هذه المسابقات.
وليد الركراكي
الجدية ، الصرامة ، اللياقة البدنية، الاحترام..كلمات مفاتيح يضع بها هذا خططه التي بفضلها غير ملامح الوداد الرياضي ، للمدرب الذي اكد على اهمية دعم المنتوج المحلي ، مدرب تكتيكي من عيار خاص ، تمكن بسرعة من التعامل مع كيفية توظيف اللاعبين و اخراج افضل ما عندهم من خلال زرع الثقة فيهم و في انفسهم ،خاصة هؤلاء الذين ابانوا على مستوى ضعيف و تركيز اقل ، و بالتالي كانوا مهددين بالمغادرة كبديع اووك ، و زهير المترجي، و ايوب العملود ، فقد ساعدهم على استعادة اجنحتهم و بث فيهم حماسا جوّد عطاءاتهم.
يتميز الركراكي بكونه صاحب حنكة و مراس جيد بالنسبة للتخطيط المسبق قبيل اية مباراة ، يتواصل بشكل جيد مع لاعبيه خاصة الركائز : اشرف داري ، يحيى جبران، و ايمن الحسوني و رضا التگناوتي ، و يتعاملون كما لو انهم “عائلة”، فتسّهّل مأمورية التفاهم بين اللاعبين فيما بينهم و فيما بينهم و بين المدرب و بالتالي يترجم هذا التفاهم لاهداف تغني رصيد الوداد و تقوي علاقته بجمهوره.
لقد تمكن وليد ببساطة من تكوين “عائلة” له داخل كنف الوداد ، ابان على اخلاصه و تفانيه في خدمة النادي طوال الموسم ، فجعل ثلة من الجماهير الودادية تتمنى ان يضل الركراكي قائدا لفريق الوداد كلهم ثقة بانه سيحرز معها اكبر عدد ممكن من الالقاب ، لكن قرار وليد الذي جاء في تصريح له على قناة الرياضية ، و الذي يوضح من خلاله انه ليست له اية نية لمصاحبة الفريق لموسم اخر ، يقول إن :”ما احرزته ما مع الوداد كبيرا جدا، و افضل ان ياتي مدربا اخرا في مكاني ، من الصعب علي ان احقق ما اكبر و افضل من العصبة و البطولة”.
كل هذه النقاط السالفة الذكر تجعل من الركراكي رجل تحديات بامتياز ، و فاعلا اساسيا محوريا في المسار المميز الذي سار على نهجه فريق الوداد الرياضي هذا الموسم ، و اذ تم تاكيد رحيله ، فسيترك خلفه ذكريات جميلة لا يكاد اي ودادي صغيرا كان ام كبيرا من نسيانها ، ذكريات ستضل خالدة في كتاب نادي الوداد الرياضي.
غي مبينزا
العامل المساعد الثاني في نجاحات “الموسم التاريخي” الذي حفل به الحُمر ، لم يكن سوى الكنغولي مبينزاالذي تربع على عرش هدافي الدوري المغربي ب 16 نقطة في البطولة الاحترافية و 3 اهداف في دوري ابطال افريقيا ، و قائدها الثاني بعد الركراكي نحو الانتصار في العديد من المناسبات . لا يخفى على متتبع اخبار الوداد ان لها قصصا كثيرة رائعة مع المهاجمين الكنغوليين ، امثال : مويثيس و فابريس اونداما
وصل غي مبينزا للوداد على سبيل الاعارة من فريق رويال انتويرب البلجيكي ، في بداية مشواره ، تردد الجميع في اعطاءه فرصة للعب بشكل اساسي ضمن تشكيلة الوداد خاصة في المباريات الحاسمة ، طالما انه لم يكن يحضى بشهرة واسعة في المجال الكروي، في حين رأى البعض ان له مهارات فريدة سيعمل من خلالها لا محالة عل تقديم اضافات للوداد.
فبعد اسابيع قليلة ، سرعان ما اكتسح حسابه على الانتستغرام مئات الالاف من المتابعين الوداديين الذين آمنوا بقدراته بعد ان اثبت تمكنه من الكرة و حضي بثقة الجمهور الذي شجعه بحفاوة، فقد اثبت الكونغولي نفسه باعتباره الركيزة الاولى في فريق الركراكي بيد انه لا يزال مستقبل مبينزا غير واضح مع الوداد علما انه لم يجدد عقده الى الان ، في حين لازلت المفاوضات قائمة معه لضمه لموسم آخر.
اللاعب رقم 12
“الفائزون” او “the winners”، المحرك الاساسي و الاول للفريق الاحمر كان و لا يزال جمهوره الغني عن التعريف ، فدائيو الوداد ، الذي بفضل ابداعاتهم ، تُزين المركبات بلوحات ملفتة للنظر على مدرجاتها ، كما تُزَّين سماء الميدان في كل محفل ، و تسمع اغانيهم و اهازيجهم و قرع طبولهم من كل مكان ، حكايةُ ابداع و تلبية نداء تشجيع نادي وداد “الامة” العريق، Wydad كلمة حب يتكلمون عنها و يدافعون عنها، Wydad هي شرف و شغف يحييهم.
فدائيو الوداد الداعم الاول للفريق و رأس حربتها بالفعل ، الذي سَعد بانجازات فريقه الايجابية هذا الموسم ، و لا زال يطمع بالمزيد طامحا للفوز بلقب كأس العرش العزيز على قلوبهم. غاب الجمهور عن المدرجات لمدة سنتين كاملتين و حين عودتهم هزوا المدرجات باجواء احتفالية و اغان تحفيزية للاعبين بشكل حماسي رهيب ، اعادت لهم الثقة في نفسهم و شجعتهم لتقديم الافضل ،يقول الناصيري : عودة الجمهور “نفساتنا” بالنتائج و سعادتنا ماديا أيضا و نتمنى أن تحج دائما بكثرة لتشجيع النادي ..
رافق فدائيو الوداد المدرب وليد الرگراگي ولاعبيه حتى النهاية و الى اخر رمق، و بالتالي يستحيل نكران مساهماتهم الكبيرة خلال هذا الموسم الخالد الذي فتح آفاقاً مميزة و جديدة لهذا النادي في المستقبل، خاصة مع عودة احقية الانتدابات ، كما انه سيبقى علامة فخر في مرسخة في أذهان جميع الوداديين كبارا و صغارا.