بعد حالة الذعر والارتباك الاقتصادي والاجتماعي التي دخلها العالم نتيجة ظهور آخر سلالات كورونا، والذي أُطلق عليه “أميكرون”، دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن الدول التي كان من المتوقع أن تجتمع في منظمة التجارة العالمية هذا الأسبوع للموافقة على التنازل عن حقوق حماية الملكية الفكرية للقاحات “كوفيد-19” في أعقاب ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في جنوب إفريقيا.
ولكن تم تأجيل هذا الاجتماع بعد أن أدَّت السلالة الجديدة إلى فرض قيود على السفر من شأنها أن تحول دون وصول كثير من المشاركين إلى جنيف.
وقال بايدن في بيان إن “هذه الأنباء بشأن هذه السلالة الجديدة يجب أن توضح أكثر من أي وقت مضى سبب عدم انتهاء هذه الجائحة إلا بعد أن يكون لدينا لقاحات عالمية”، وأضاف أن “هذه الأنباء اليوم تؤكد أهمية المُضي قدماً في هذا (التنازل عن حماية الملكية الفكرية) بسرعة”.
وقالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إنه لم يتم رصد أي إصابات بسلالة “كوفيد-19” الجديدة في الولايات المتحدة حتى الآن، وأضافت في بيان، “نتوقع التعرف على أوميكرون بسرعة إذا ظهر في الولايات المتحدة”.
– دول عديدة تُعلق رحلاتها الجوية.
ومع ظهور متحورة جديدة لفيروس كورونا في جنوب إفريقيا، بدأت الحدود تغلق، فسلطنة عُمان قررت تعليق دخول القادمين من جنوب إفريقيا وناميبيا وبوتسوانا وزيمبابوي وليسوتو وإسواتيني وموزمبيق ابتداء من 28 نوفمبر (تشرين الثاني). كذلك ذكر مسؤول كبير بقطاع الصحة في تايلاند أنه اعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سيمنع دخول القادمين من ثماني دول إفريقية صنفتها بأنها عالية الخطورة وأضاف أن تايلاند لن تسمح للمسافرين من هذه الدول بالتسجيل للسفر إليها بدءا من يوم السبت الأخير.
أوروبياً قررت دول عدة الجمعة الماضية تعليق الرحلات الجوية من هذا البلد بينما فرضت بلدان أخرى بينها اليابان حجراً صحياً. وأُعلن اكتشاف المتحورة الجديدة التي قد تكون معدية جداً في جنوب إفريقيا الخميس الماضي، كما أُعلن رصد إصابة أولى بها في أوروبا وبالضبط في بلجيكا، وكذلك في إسرائيل.
وعلى الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية التي نصحت بعدم فرض قيود على السفر، حظرت بريطانيا وفرنسا وهولندا الرحلات الجوية من جنوب إفريقيا وخمس دول مجاورة لها. كما أوصى الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بتعليق الرحلات من إفريقيا الجنوبية وإليها.
واعتبرت حكومة جنوب إفريقيا القرارات “متسرعة”، وتشكل هذه الإجراءات ضربة جديدة للسياحة قبل الصيف مباشرة عندما تكون حدائق الحيوانات والفنادق ممتلئة عادة. وقالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور في بيان “قلقنا الفوري هو الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بالصناعات السياحية والشركات.”
-المتحور الجديد يُدخل العالم في حالة ارتدادات اقتصادية.
وتسببت المخاوف المتعلقة بهذا المتحور الجديد الذي تم اكتشافه، بينما تسببت القيود الصحية توتراً اجتماعياً واستمرار عدم الثقة في التطعيم، في انخفاض أسعار النفط وتراجع حاد في أسواق الأسهم العالمية. وخسرت بورصة طوكيو 2,53 بالمئة عند الإغلاق بينما تراجعت بورصتا فرانكفورت ولندن أكثر من 3 بالمئة في بداية الجلسة وانخفض مؤشر “كاك 40” الرائد في بورصة باريس بنسبة 3,33 بالمئة عند الساعة 11,10 ت غ.
وكانت إيطاليا منعت من دخول أراضيها الجمعة أي شخص زار جنوب إفريقيا “في الأيام ال14 الماضية”.
في آسيا أعلنت سنغافورة حظرا مماثلا بدأ تطبيقه الأحد الأخير باستثناء مواطنيها والمقيمين فيها.
في ألمانيا، حيث تجاوز عدد الوفيات عتبة المئة ألف الأسبوع الماضي، لن يُسمح إلا للمواطنين الألمان بالعودة من جنوب إفريقيا اعتبارا من مساء الجمعة الماضية وشرط احترام الحجر الصحي لمدة 14 يوما ، حتى لو كانوا ملقحين.
وأعلن وزير الصحة الألماني المنتهية ولايته ينس شبان أن “آخر شيء نريد الآن هو إدخال متحورة جديدة تسبب المزيد من المشاكل”. وقد بلغت بعض المستشفيات طاقتها القصوى في ألمانيا بينما يتعلق الجدل حاليا بفرض اللقاح الإلزامي كما قررت النمسا للتو.
وأعلن متحدث باسم منظمة الصحة العالمية الجمعة إن فهم مستوى انتقال وشدة المتحورة الجديدة لفيروس كورونا التي رصدت في جنوب إفريقيا يحتاج إلى “أسابيع عدة”.
وقال كريستيان ليندماير خلال مؤتمر صحافي دوري لوكالات الأمم المتحدة، إن خبراء من منظمة الصحة العالمية مكلفين بمراقبة التطورات الخاصة بفيروس كورونا سيجتمعون خلال الأسبوع الجاري، مع ذلك، لتحديد ما إذا كان ينبغي تصنيف المتحورة على أنها “مقلقة” أو “يجب مراقبتها”.
حتى الآن سجلت 22 إصابة بالمتحورة الجديدة لكوفيد معظمها لدى شباب حسب المعهد الوطني للأمراض المعدية في جنوب إفريقيا. وسجلت إصابات في بوتسوانا وإصابة في هونغ كونغ لشخص عائد من رحلة إلى جنوب إفريقيا.
وأعلنت إسرائيل عن إصابة بالمتحورة الجديدة “لشخص عاد من ملاوي” حسب وزارة الصحة التي تحدثت عن “حالتين أخريين لأشخاص عادوا من الخارج” ووُضعوا في الحجر.
وقالت وزارة الصحة في بيان إن هؤلاء الثلاثة تم تطعيمهم ضد كوفيد-19 من دون تحديد عدد الجرعات أو نوع اللقاح.
في هذه المرحلة يبدو العلماء في جنوب إفريقيا غير متأكدين من فعالية اللقاحات الموجودة ضد الشكل الجديد للفيروس.
-كورونا على إيقاع عدد كبير من الطفرات.
وقال عالم الفيروسات توليو دي أوليفييرا في مؤتمر صحافي في وزارة الصحة بجنوب إفريقيا، إن المتحورة الجديدة تنطوي على عدد “كبير جدا” من الطفرات “ويمكننا أن نرصد إمكان انتشارها بسرعة كبيرة”. ويفيد علماء أنّ المتحورة “بي.1.1.529” تحمل ما لا يقل عن 10 نسخ مختلفة في مقابل نسختين للمتحورة دلتا.
يمكن أن يؤدي تحول الفيروس الأولي إلى جعله أكثر قابلية للانتقال إلى درجة تجعل المتحورة سائدة. وقال البروفسور ريتشارد ليسيلز إن “ما يقلقنا هو أن هذه المتحورة قد لا تكون لديها قدرة انتقال متزايدة فحسب بل قد تكون قادرة على اختراق أجزاء من جهاز المناعة لدينا”.
وعبَّر مسؤولو الصحة العامة في بريطانيا عن القلق الشديد إزاء هذه السلالة، لأنها تحتوي على ضِعف عدد التحورات في السلالة دلتا، ومن بينها تحورات مرتبطة بتفادي الاستجابة المناعية.
وقالت وكالة الأمن الصحي البريطانية، إن السلالة التي أطلق عليها اسم (بي 1.1.529) تحتوي على ما يسمى “بروتين سبايك” المختلف تماماً عن البروتين الموجود في فيروس كورونا الأصلي الذي صُممت اللقاحات لمقاومته.
وأضافت أنه لم يتم اكتشاف أي حالات لهذه السلالة في بريطانيا وإن علماءها على تواصل مع زملائهم في جنوب إفريقيا للإطلاع على بياناتهم.
وتحمل السلالة الجديدة تحورات من المحتمل أن تتفادى الاستجابة المناعية الناتجة عن كل من العدوى السابقة والتطعيم، وكذلك تحورات مرتبطة بزيادة العدوى. وقال علماء، إن هناك حاجة إلى دراسات معملية لتقييم احتمالية أن تسفر التحورات عن انخفاض كبير في فاعلية اللقاحات.
-جزيرة مارتينيك تفرض حظر تجوال.
وأمرت السلطات في جزيرة مارتينيك الفرنسية الواقعة في البحر الكاريبي، الخميس الماضي، بفرض حظر تجوال بعدما نهب محتجون متاجر ونصبوا حواجز مشتعلة مع انتشار المظاهرات المناهضة لبروتوكولات مكافحة كورونا في أقاليم ما وراء البحار الفرنسية. واجتاحت اضطرابات عنيفة مارتينيك وغوادلوب المجاورة خلال الأسبوع الماضي بعد فرض الحكومة إجراءات أكثر صرامة لكبح تفشي الجائحة.
وأدى اشتراط تطعيم جميع العاملين في القطاع الصحي، وهو إجراء معمول به في فرنسا أيضاً، إلى زيادة مشاعر، بين معظم السكان من أصحاب البشرة السوداء، بالاستبعاد والتهميش عن البر الرئيس، ويطالب المحتجون الآن أيضاً بزيادة الأجور وخفض أسعار الطاقة.
ووصف بعضهم هذا الأمر بأنه عودة لـ”عصر العبودية”، مُصرين على أنه ينبغي السماح لهم بالاختيار بأنفسهم في الأمور المتعلقة بالرعاية الصحية.
وتسبب وباء “كوفيد-19” في وفاة أكثر من 1.5 مليون شخص منذ بدء انتشاره في أوروبا، حيث أعادت دول عدة فرض قيود لوقف ارتفاع عدد الإصابات القياسي، بحسب حصيلة وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعت منظمة الصحة العالمية مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مواصلة التلقيح واستخدام الكمامات والتقيد بإجراءات التباعد الاجتماعي، وهي تخشى تسجيل 700 ألف وفاة إضافية في المنطقة بحلول الربيع.
وفي المجموع، أودى الفيروس بأكثر من 5.16 مليون شخص في أنحاء العالم منذ نهاية عام 2019، لكن تقريراً نشرته المنظمة، أظهر أن اللقاحات أنقذت أرواح نصف مليون شخص على الأقل في أوروبا.