وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، مذكرة إلى الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة توضح فيها مقاربتها للتصور المستقبلي للأسرة المغربية.
العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي تعتبر أول منظمة حقوقية بالمملكة المغربية قدمت اقتراحات و مساهمات جدية تشاركية، ساهمت فبها كل أجهزة الاستشارية. التقديرية للمنظم، سواء على المستوى الجهوي، الإقليمي و النركزي.
و هكذا ناقش و اقترح أعضاء العصبة المغربية للدفاع عن حقوق العناصر الأساسية للتي تمثل العمود الفقري لمدنة الأسرة المغربية:
- آليات الزواج
- الزواج القاصر
- عقد الزواج و الإدارة المغربية
- تعدد الزوجات
- تدبير الأموال المكتسبة من الزوجية
- التبليغ
- الطلاق و الشقاق
- الصلح و الوساطة
- المتعة و النفقة
- الحضانة
- الأطفال
- النسب
في ما يلي تص المذكرة:
مذكرة العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
حول مراجعة مدونة الأسرة
الأربعاء 22 نونبر 2023
تقديم
تفاعلا مع الخطاب الملكي المؤسس لورش إعادة النظر في مقتضيات مدونة الأسرة، بعد ما يقارب 20 سنة على إعمال مقتضياتها ونفاذ أحكامها بالمحاكم الوطنية، الذي ألقاه الملك سنة 2022، بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش، والذي وقف فيه على جملة من الاختلالات والأعطاب، التي حالت دون تحقيق مدونة الأسرة في حلَّتها الحالية لأهدافها ومقاصدها الكاملة، ولا سيما منها المرتبطة بأسباب سوسيولوجية، أو تلك المتعلقة بالتطبيق غير السليم لقواعدها وأحكامها.
وتماشيا مع مطالب العصبة والهيئات الحقوقية والسياسية والجمعوية الداعية إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة وتدارك بعض الاختلالات التي ظهرت مع الممارسة، انخرطت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في هذا الورش الإصلاحي الهام والمهيكل، مولية إياه أهمية خاصة وعناية بالغة، وذلك من منطلق إيمانها بأهمية مؤسسة الأسرة، ومركزيتها داخل المجتمع، باعتبارها خليته الأولى ونواته الصلبة، استقرارها من استقراه، وتماسكها من تماسكه، مستندة في ذلك على مرجعيتها الحقوقية القائمة على كونية قيم حقوق الإنسان والدين الإسلامي السمح والمعتدل، وثوابت الأمة الجامعة.
حيث شُكِّلت في هذا الإطار، خلية داخلية، منبثقة عن المكتب المركزي للعصبة، بعد 10 أيام فقط، من الخطاب الملكي المومأ له أعلاه، وأوكلت لها مهمة التفكير في نص “مدونة الأسرة” ودراسته وتحليله، ومحاولة الوقوف على مكامن الخلل والعوار الذي يعتري مقتضياته وأحكامه، مستحضرة في ذلك حصيلة تجربة ما يقرب عشرين سنة من الممارسة القضائية داخل المحاكم الوطنية، مسنودة بما راكمته العصبة، في إطار مواكبتها وتتبعها للوضع الحقوقي ببلادنا، ولا سيما القضايا الحقوقية التي لها علاقة بإعمال قواعد مدونة الأسرة ونفاذ أحكامها.
كما كثفت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، اهتمامها المتصل بهذا الورش، مباشرة بعد الرسالة الملكية ، التي وجهها الملك إلى رئيس الحكومة، بتاريخ 26 شتنبر 2023، التي أعلن عنها بلاغ للديوان الملكي الصادر في نفس اليوم، بخصوص إعادة النظر في مدونة الأسرة، الذي أسند مهمة قيادة هذا الورش الإصلاحي الهام، إلى كل من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إلى جانب رئاسة النيابة العامة، بالنظر للأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع، مع إشراك المؤسسات الوطنية العمومية ذات الارتباط الوثيق بمؤسسة الأسرة، فضلا عن الانفتاح على كافة الفاعلين والمهتمين بما فيهم المنظمات الحقوقية، في إطار منهجية تشاركية واسعة، تكفل لقوى المجتمع، المساهمة الفاعلة في إغناء العمل التحضيري المرتبط بهذا الورش وإثراء محاوره ومضامينه، انسجاما مع توجيهات وتعليمات ملك البلاد الواردة في الرسالة الملكية المشار إليها أعلاه.
وبعد اجتماعات متتالية، وجلسات متعددة، تخللتها نقاشات عميقة ومستفيضة، في مختلف القضايا الخلافية التي تعتري مدونة الأسرة، بحضور خبراء ومتخصصين من مختلف المشارب العلمية والفكرية: حقل القانون، والفقه، وعلم الاجتماع الأسري…، ذات الارتباط الوطيد بمؤسسة الأسرة ومكوناتها، خلصت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جملة من التوصيات والمقترحات، مرفوقة بمجموعة من التدابير المصاحبة، التي تراها من وجهة نظرها، كفيلة بمعالجة بعض الاختلالات ذات الطبيعة القانونية والقضائية التي تكتنف نص المدونة، وتجاوز بعض الإكراهات التي لم تعد تتناسب مع بنية الأسرة وأدوارها ووظائفها في عصرنا الحالي، وذلك بهدف بلوغ نص قانوني منسجم ومتكامل، يكفل التوازن في الحقوق والواجبات داخل مؤسسة الأسرة، بالشكل الذي يحفظ كرامة الرجل من حيث كونه زوج وأب، ويكرس حقوق ومكتسبات المرأة من حيث كونها زوجة وأم، ويراعي المصلحة الفضلى للأطفال.
كما تجدر الإشارة إلى أن المكتب المركزي وبعد تجميعه لخلاصات الخلية المكلفة بمراجعة المدونة، ارتأى أن يوسع دائرة النقاش حول فحوى مقترحاته، خاصة وأن مجموعة من المضامين لم يكن للعصبة فيها رأي واضح، أو تم تجديد قناعتنا فيها من خلال الممارسة والانفتاح على قيم حقوقية ذات بعد كوني.
وقبل أن نتمم مشوار إعداد الوثيقة بكل مراحلها تمت دعوة المكتب المركزي من قبل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة يوم 22 نونبر 2023، على الساعة العاشرة صباحا بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث اجتمع أعضاء من المكتب المركزي بأعضاء الهيئة الذين استمعوا بإمعان لبعض مقترحات العصبة وتفاعلوا مع مجموعة من نقطها، ليختم اللقاء بكلمة لرئيس العصبة الذي تعهد بتسليمها للهيئة بعد عرضها للنقاش أمام الهيئات التقريرية للعصبة.
وسيرا على نهج المقاربة التشاركية التي تم نهجها في عدد من القضايا، راسل المكتب المركزي فروع ومجموعة من أطر العصبة، لحثهم على بسط رأيهم في الموضوع، كما قام، بتنسيق مع مجموعة من الفروع الإقليمية والجهوية، بتنظيم لقاءات تشاورية، كانت أبرزها الندوة الوطنية التي نظمت بشراكة مع جامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، يوم السبت 16 دجنبر 2023 بأكادير، والتي كان موضوعها موسوما ب:” مدونة الأسرة .. قراءات متقاطعة”.
وبعد أن تم إتمام مشروع متكامل لرؤية العصبة في موضوع مدونة الأسرة، عرضت الوثيقة على المجلس الوطني ليخلص إلى المقترحات التالية:
المقترحات:
- بخصوص إثبات الزواج:
الإشكال: تنص المادة 16 من مدونة الأسرة على أن وثيقة عقد الزواج هي “الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج”، وحددت مرحلة انتقالية لسماع دعوى الزوجية، إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته.
وإذا كانت إرادة المشرع، تتجه نحو تسوية وضعيات حالات الزواج غير الموثقة، قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، فقد أظهر الواقع العملي والممارساتي على امتداد ما يقارب 20 سنة من دخول المدونة حيز التنفيذ والتطبيق، حالات عديدة لزيجات جديدة بدون إبرام عقد الزواج، قد تكون مدخلا للتحايل على القانون لاسيما فيما يتعلق برفض الإذن بزواج الفتاة القاصر، أو في حالة عدم الإذن بالتعدد.
المقترح: التنصيص على أن عقد الزواج هو الوثيقة الوحيدة المقبولة لإثبات الزواج، ولا شيء يمنع من يعنيه الأمر من إبرام عقد زواج تسري آثاره بين طرفيه ابتداء من تاريخ إبرامه، وكتابة إقرار يُثبت بواسطته نسب أطفاله مع تعيين أمهم فيه.
- زواج القاصر:
الإشكال:
حدد المشرع الأسري سن الزواج القانوني في 18 سنة شمسية كاملة، انسجاما مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب وصادق على بنودها، وخاصة منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، غير أنه سمح بزواج القاصر على سبيل الاستثناء، بما يعالج حالات مخصوصة وفق شروط ومعايير محددة، تناغما مع خصوصية المجتمع المغربي، غير أن هذا النوع من الزواج لم يبقى في قالبه الاستثنائي، كما كان يهدف إلى ذلك المشرع الأسري، بحيث يلاحظ ارتفاع ملموس في أعداد طلبات الزواج دون السن القانوني، ولا سيما في صفوف الإناث، على اعتبار أن هذا النمط من الزواج يمس الإناث أكثر من الذكور، مما أصبح يشكل ظاهرة اجتماعية مقلقة آخذة في الارتفاع، تهدد تماسك الأسرة، وتغذي العنف الأسري، بالنظر لما لها من تداعيات خطيرة، سواء على مستوى الفتاة القاصر، التي تحرم معه من حقها في مواصلة تعليمها، وعيش طفولتها الطبيعية، وحقها في اختيار شريك حياتها، ونمط الحياة الزوجية التي تريدها.
المقترح:
أولا: نقترح منع زواج من هم دون 18 سنة كاملة، مع مواكبة هذا المنع بمجموعة من السياسات العمومية المندمجة، تستهدف هذه الفئة الاجتماعية، بحمولة تحسيسية وتوعوية وثقافية مستحضرة للبعد الحقوقي في شموليته، ولاسيما على مستوى المناطق التي لازالت تسود فيها أعراف وتقاليد تزويج القاصر.
ثانيا: في حالة عدم الأخذ بهذا الرأي، نرى منع زواج منهم دون 16 سنة، باعتبار أن السن الأدنى للتعليم الأساسي الإجباري هو 15 سنة، والترخيص بشكل استثنائي بزواج من يتراوح سنهم بين 16 و18 سنة، مع تحديد الشروط والمعايير المقيدة للسلطة التقديرية للقاضي، في منح الإذن بهذا الزواج (الاستماع للقاصر ولوالديه وموافقتهما، البحث الاجتماعي والخبرة الطبية معا، مراعاة التناسب الجيلي في السن بين الزوجين…).
- بخصوص تقديم عقد الزواج للإدارات:
الإشكال:
تستلزم الكثير من النصوص التنظيمية، الإدلاء بنسخة من عقد الزواج، أمام العديد من المصالح الإدارية والمرافق العمومية، من أجل الاستفادة من حقوق ومصالح ومنافع يخولها ويكفلها القانون (مصالح الموارد البشرية بالإدارات العمومية، وبالقطاع الخاص وغيرها)، ونفس الأمر لاستفادة الزوجين من غرفة بأحد الفنادق الموجودة عبر التراب الوطني، مما يؤدي، للاطلاع على البيانات والمعلومات الخاصة بالزوجين، الأمر الذي يتعارض مع الحق في حفظ المعطيات الشخصية للأفراد (المهنة، مقدار الصداق، الوضعية الشخصية/ الحالة العائلية قبل الزواج: مطلق/ة.).
المقترح:
الاكتفاء بتقديم نسخة موجزة من عقد الزواج، لا تتضمن المعطيات الشخصية الخاصة بالزوجين، ولا سيما منها المتصلة بشروط الزواج المشار إليها أعلاه، مع التوصية بمنع هذا الإجراء في الفنادق والاكتفاء بطلب بطاقات الهوية.
- في التعدد ومسطرته:
الإشكال:
أباحت مدونة الأسرة للزوج إمكانية الزواج من امرأة ثانية وفق شروط ومبررات محددة (المبرر الموضوعي الاستثنائي، إمكانية إعالة أسرتين)، وبالرجوع للواقع المعاش، غالبا ما نجد التعدد غير المستند إلى شروط ومعايير مضبوطة، لا يحقق من جهة مبدأ وقيمة العدل المنصوص عليها في القرآن الكريم والنصوص الشرعية، ويخلف من جهة ثانية مآس فظيعة على الأسرة، ولا سيما على الزوجة والأطفال، كما ينظر إليه من وجهة نظر حقوقية على أنه مظهر من مظاهر عدم المساواة والتمييز بين الرجال والنساء.
من ناحية أخرى، نصت المادة 45 من المدونة في إطار مسطرة التعدد، على أن المحكمة تطبق تلقائيا مسطرة الطلاق للشقاق، ولو لم تُطالب بذلك المراد التزوج عليها، وذلك في حال عدم موافقتها، وتمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد. وهذا المقتضى لا ينسجم وغايات المدونة المنصرفة لحماية الأسرة، وتعزيز استقرارها وتماسكها (تقضي المادة 70 من مدونة الأسرة بأن حل ميثاق الزوجية لا ينبغي اللجوء إليه إلا استثناء) فكيف يعقل أن تقضي به المحكمة تلقائيا وبدون طلب أصلا في تناقض أيضا مع قانون المسطرة المدنية؟
المقترح:
أولا: نقترح منع التعدد، حفاظا على الأمن الأسري، وصون حقوق وكرامة المرأة، ولا سيما عندما يقع التعدد عند تقدم الزوجة الأولى في العمر.
ثانيا: إذا لم تتضح بعد للهيئة المكلفة بالمراجعة أسباب المنع الواضحة ننصح بضرورة تشديد معايير التعدد وتقييديها بشروط تضمن العدل والمساواة وتحول دون وضع الأسرة المعددة في مشاكل اجتماعية جمة.
ثالثا: في حالة عدم الأخذ بالرأي المشار إليه في الفقرة الأولى، نرى إعادة النظر في مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 45 من المدونة (المحيلة على التطليق للشقاق بدون طلب أي من الطرفين) في إطار مسطرة التعدد، والتي من شأنها تهديد كيان الأسرة، كما ينبغي إلغاء هذا البند، لعدم واقعيته وجدواه.
- تدبير الأموال المشتركة المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية:
الإشكال:
يطرح تطبيق المادة 49 من مدونة الأسرة، العديد من الإشكالات، من ذلك الواجب الملقى على العدلان المتمثل في إشعار الطرفين عند إبرام عقد الزواج بتضمين الاتفاق على استثمار الأموال، التي ستكتسب أثناء قيام الزوجية، وتوزيعها في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج. ومن ذلك إعطاء قيمة مالية للأشغال البيتية التي تقوم بها الزوجة أثناء الحياة الزوجية، أو اعتبارها من الواجبات الزوجية للزوجة.
المقترح:
بخصوص الحرج الذي يتعرض له العدلان أثناء إشعار الطرفين، عند إبرامهم لعقد الزواج، بتوقيع عقد مستقل للبت في الأموال المشتركة عند حل العلاقة الزوجية، نقترح إضافة وثيقة للوثائق الإدارية المطلوبة لإبرام عقد الزواج، يتم ملئها وتوقيعها من الطرفين، ويجيبان فيها عن سؤال يتعلق بالاختيار بين أمرين: محافظة كل منهما على استقلال ذمته المالية أو إنشاء العلاقة الزوجية على ذمة مالية مشتركة.
كما تقترح العصبة بخصوص النقطة الثانية، اعتبار أشغال البيت، الذي تقوم به الزوجة، بمثابة مساهمة منها، في تنمية أموال الأسرة، كلما كانت تساهم أيضا في الإنفاق على أسرتها.
- مسطرة التبليغ في الطلاق/ المادة 81 من المدونة:
الإشكال:
تختلف المقتضيات المتعلقة بتبليغ الزوج في قضايا الطلاق (الفصل 36 وما يليه من قانون المسطرة المدنية) وتلك المتعلقة بتبليغ الزوجة (المادة 81 من مدونة الأسرة).
ولا يترتب أي جزاء جنائي في حال ثبوت تحايل الزوجة في الإدلاء بعنوان الزوج، خاصة أن النص الجنحي لا يمكن القياس عليه أو التوسع في تفسيره، وهذا يعد ضربا واضحا لمبدأ المساواة بين الزوجين، كما يتعارض مع مقتضيات الفصل 19 من دستور 2011، الذي يكفل المساواة بين الرجل والمرأة.
المقترح:
يتعين توحيد الإجراءات المتبعة في تبليغ كلا الزوجين، إما باعتماد آجال التبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، أو الواردة في مدونة الأسرة، وذلك تفعيلا للمساواة اتجاه الطرفين في إعمال هذه المسطرة.
- المحكمة المختصة للبت في دعاوى التطليق للشقاق/ المادة 94 من المدونة:
الإشكال:
عدم تحديد المحكمة المختصة للبت في دعاوى التطليق للشقاق.
المقترح:
يتعين إضافة فقرة للمادة 94 من مدونة الأسرة، تحدد بشكل واضح ودقيق المحكمة المختصة للبت في دعاوى التطليق للشقاق، على أساس أن تكون منسجمة مع الاختصاص المحدد بمقتضى المادة 79 من نفس القانون، والذي يحددها في: المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها أو التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.
- الصلح والوساطة:
الإشكال:
لعل من المؤشرات والمعطيات الإحصائية، ذات الصلة بمؤسسة الأسرة، التي أضحت تثير القلق، وخاصة في علاقتها بتماسك واستقرار المجتمع المغربي، ولا سيما منها المتعلقة بارتفاع نسب حالات الطلاق بالمغرب، التي تشير إلى ما يفوق 800 حالة طلاق يوميا بالمحاكم الوطنية.
ولعل من المساطر التي راهن عليها المشرع الأسري، للتقليص من حالات الطلاق، والدفع ما أمكن في اتجاه تعزيز تماسك الأسرة وتعزيز استقرارها، هي مسطرة الصلح بين الطرفين، سواء عبر اعتماد آلية الحكمين، أو آلية مجلس العائلة، أو أي آلية أخرى تراها المحكمة مناسبة لإصلاح ذات البين، ومن ذلك الانفتاح على المجالس العلمية المحلية.
غير أن تزايد حالات الطلاق بشكل مضطرد، يدفعنا إلى إثارة الانتباه، لمحدودية مسطرة الصلح بأشكالها المعتمدة حاليا، وعجزها في تحقيق الصلح بين الأزواج، بالنظر للملفات المعروضة على القضاء، ولغيرها من الأسباب.
كما أن هذه الآليات الواردة في مدونة الأسرة، لم تعد تنسجم مع التحولات التي عرفتها الأسرة، أي الانتقال من الأسرة الممتدة إلى الأسرة الزوجية، التي أضحت سائدة في المجتمع المغربي.
المقترح:
نقترح الإحالة على الوساطة الإجبارية، وإناطة الوساطة والصلح بين الزوجين المتخاصمين بهيئة للوسطاء، لها مؤهل علمي في مجال الوساطة، ويمكن أن تشمل محامون وعدول وأساتذة جامعيون، وأطباء، وأعضاء المجالس العلمية المحلية وغيرهم، على أساس إجراء الصلح والوساطة خارج فضاء المحاكم وتحت إشراف قاضي الصلح (يتطلب ذلك إدخال تعديل على مستوى القوانين ذات الصلة بالمنظومة القضائية).
- المتعة/ المادة 97 من المدونة:
الإشكال:
من الأمور التي أثارت نقاشا فقهيا وقانونيا وتضاربا في الأحكام هو مدى استحقاق المرأة طالبة التطليق للشقاق للمتعة، ولا سيما بعد صدور قرار المجلس الأعلى رقم 123 بتاريخ 21/09/2011، ومرد ذلك الغموض الذي يكتنف صياغة المادة 97 من المدونة التي تحيل على مقتضيات المواد 83-84-85.
المقترح:
نقترح التنصيص على تحميل المتعسف في طلب التطليق للشقاق، تعويض الطرف الثاني في العلاقة الزوجية، مع وضع معايير واضحة للقضاة لتحديد المتعسف، ولتقدير مقدار التعويض.
- المصلحة الفضلى للطفل:
الإشكال:
تبدو مدونة الأسرة متلائمة في مجملها مع اتفاقيـة حقـوق الطفـل، التـي يقـوم بنيانهـا علـى مجموعـة مبـادئ تروم حفظ حقوق الطفل ورعايته وإعلاء مصلحته الفضلى. ومع إيراد المدونة في الكثير من موادها لمصطلح “مصلحة”، غير أن مفهوم “المصلحـة الفضلـى للطفـل” الوارد باتفاقية حقوق الطفل لا يجد له محلا بقانون الأسرة. وترتب على ذلك، عدم تعامل مدونة الأسرة مع الطفل ككائن له شخصية قانونية، ولذلك لا يتم الاستماع إليه (المواد 20 و21 من المدونة)، ولا ينظر له كصاحب حق، باســتثناء اختيــار الطفــل عنــد بلــوغه ســن 15 للحاضــن: الأم أو الأب.
المقترح:
نرى أنه يجب التنصيص على مبدأ “المصلحـة الفضلـى للطفـل”، كمؤطر لجميع حقوق الأطفال الواردة بالمدونة، وبالتالي ضرورة الاسـتماع للطفـل فـي جميـع القضايا التـي تهمـه، بمـا فـي ذلـك المسـاطر القضائيـة المعروضة على المحاكم، كما نورد في هذا المقترح ضرورة تحديد مساعدين اجتماعيين محلفين تابعين للدائرة القضائية المختصة تكون مهمتهم الانتقال إلى محل إقامة الطفل والاستماع إليه والأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة به.
- النسب ووسائل إثباته:
الإشكال:
ساوت المادة 146من مدونة الأسرة بين الآثار المترتبة عن البنوة للأم سواء كانت هذه البنوة ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية، أي أن الابن البيولوجي يحق له حمل اسم أمه وعليها واجب حضانته ويتوارثان.
وعلى العكس من هذا التوجه، ميزت المدونة بين الآثار المترتبة عن البنوة للأب، التي لا يترتب حسب المادة 148 من المدونة، على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية. على الرغم من أن الابن الطبيعي ناتج عن علاقة غير شرعية بين الطرفين، اختارت المدونة نقلا عن الاتفاق الفقهي تمتيعه بجميع الحقوق التي تُخول للابن الشرعي من جهة أمه، وحرمته من هذه الحقوق من جهة الأب.
وإذا كان هذا التوجه مفهوما في العصور السابقة، بالنظر إلى يُسر ربط علاقة الابن بأمه لحملها الظاهر له مدة من الزمن، وولادته تشهدها نساء، وصعوبة إثبات علاقته بوالده. فقد تيسر الأمر اليوم بفعل التقدم العلمي في مبحث الجينات، إذ يكشف فحص البصمة الجينية عن العلاقة بين الابن ووالده بشكل قاطع، تثبت علاقته به.
ناهيك عن معاناة الأطفـال المولوديـن خـارج إطـار العلاقـة الزوجيـة، مـن التمييـز والإهمـال والمتاجـرة فيهم أحيانا، ممـا ينعكـس بشكل سـلبي علـى الطفـل والأسـرة والمجتمـع. ولعل هذا ما انتبه إليه المشرع الدستوري عندما دعا الدولة في المــادة 32 مــن دســتور 2011 إلى السعي “لتوفيـر الحمايـة القانونيـة والاعتبـار الاجتماعـي والمعنـوي لجميـع الأطفـال، بكيفيـة متسـاوية بصـرف النظـر عـن وضعيتهـم العائليـة”.
المقترح:
نقترح اعتماد الخبرة الجينية التي تفحص البصمة الوراثية، كسبب من أسباب لحوق النسب، وبالتالي ترتيب نفس الآثار الناتجة عن الأبوة سواء كانت هذه البنوة ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية.
وعليه يضاف سبب رابع لأسباب لحوق النسب المنصوص عليها في المادة 152 من المدونة لتصير على الشكل التالي: ” أسباب لحوق النسب:1 – الفراش؛ 2 – الإقرار؛ 3 – الشبهة؛ 4 – الخبرة الجينية.”، بالإضافة إلى إمكانية إلحـاق النسـب إذا حصـل الحمـل خـلال الخطبـة بشـروط محـددة، المنصوص عليها بالمادة 156 من المدونة والتي ليست إلا حالة من حالات الشبهة.
- الحضانة:
الإشكال:
تعتبر حضانة الأطفال، حسب المادة 164 من المدونة، من الواجبـات المشتركة بين الأم والأب مـا دامـت العلاقـة الزوجيـة قائمة. غير أنه في حالة انحلال هذه العلاقة تنص المادة 171 من المدونة على أن، الحضانة تعود للأم بالأولوية ويليها الأب ثــم إلــى جــدة الطفل مــن أمه، فإذا تعـذر ذلـك، فللمحكمـة أن تقـرر بنـاء علـى ما توفر لها من معطيات لصالح رعاية الطفل المحضون، إسـناد الحضانـة لأحـد الأقارب الأكثـر أهليـة.
وحسب المادة 175 من المدونة، تفقــد الأم الحاضنة حقهــا فــي الحضانــة، فـي حالــة زواجها، إلا فــي حــالات معينــة: إذا كان المحضــون لــم يتجــاوز الســابعة أو يعانـي مـن علـة أو عاهـة، وإذا كان الـزوج قريبـا محرمـا أو نائبـا شـرعيا وأخيـرا إذا كانـت الأم نائبـا شـرعيا للطفـل. ولا يوجد أي مقتضى بالمدونة يُرتـب سـقوط حـق الحضانـة في حالة زواج الأب الحاضن.
يبدو جليا أن هــذه المــواد تُكــرس منطق التمييـز والهشاشــة لــدى الأمهــات الحاضنــات ولا تراعي مبدأ المصلحــة الفضلى للطفــل المحضون إلا نادرا.
المقترح:
عــدم إســقاط حــق الحضانــة عــن الأم فــي حالــة زواجهــا، مــع مراعــاة المصلحــة الفضلــى للطفــل كمعيــار حاســم وأساســي فــي قــرار إســناد الحضانــة، فضلا عن تمديــد حــق زيــارة الأب، وعدم قصرها على يوم واحد في الأسبوع.
- نفقة الزوجة:
الإشكال:
يُظهر الواقع العملي مساهمة الزوجة في الإنفاق على أسرتها إلى جانب زوجها، ناهيك عن الأسر التي تتحمل فيها النساء مسؤولية إعالتها لوحدهن، لانحلال رابطة الزوجية إما نتيجة وفاة أو طلاق أو غيره من الأسباب.
المقترح:
التنصيص التشريعي على مساهمة الزوجة في الإنفاق على الأسرة، إن كان لها مال، إنصافا لها، واعترافا بواقع مساهمتها في إعالة أسرتها، وتنزيلا لمبدأ المساواة بين النساء والرجال المؤطر لأحكام المدونة.
- نفقة تعليم الأطفال:
الإشكال:
تنص الفقرة الأولى من المادة 189 من مدونة الأسرة على أن النفقة تشتمل على”الغذاء والكسوة والعلاج، وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد، مع مراعاة أحكام المادة 168 أعلاه”. ويُظهر الواقع تأثر المستوى الدراسي للأطفال جراء تغيير المدارس التي كانوا يتابعون فيها دراستهم (الانتقال من مدرسة إلى أخرى، أو الانتقال من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي على سبيل المثال لا للحصر)، باعتبار أن مصاريف تعليمهم تدخل في مشتملات النفقة، وبالنظر إلى التدبير السابق لهذه المصاريف من قبل الزوجين أثناء الحياة الزوجية.
المقترح:
إفراد نفقة خاصة لتعليم الأولاد، وتقسيم تكاليف مصاريفها، بعد الزواج، بالتساوي بين المفارقين، إذا كان للزوجة مال.
- النيابة الشرعية:
الإشكال:
تذهب المدونـة فـي المـادة 231 إلى أن الأب هـو الولـي وله النيابـة الشـرعية علـى أولاده بحكـم القانـون، مـا لـم يجـرد مـن ولايتـه بحكـم قضائـي. ويمكـن لـلأم أن تتولـى النيابـة فـي حالـة عـدم وجـود الأب أو عـدم أهليتـه، ولها حسب المادة 236 من المدونة أن تقـوم بالمصالـح المسـتعجلة لأولادهــا فــي حالــة حصــول مانــع لــلأب.
وتطرح الولايـة المؤقتـة المخولـة لـلأم فـي حالـة وجـود الأب، تعقيدا في حياة الأم والطفل لاسيما عند الطلاق، فلا يحـق لهـا اتخـاذ أي قـرار عنـد رعايتهـا لأبنائهـا المحضونيـن دون الرجوع إلى الأب وأخذ موافقـته.
المقترح:
جعل الولاية القانونيـة مشتركة بين الوالدين في انسجام تام مع مقتضيات المادة الرابعة من المدونة، وفي نفس الدرجة بين الأب والحاضن أما أو جدة أو غيرهما، رفعا للتناقـض مـع المـادة 4 مـن المدونـة، التـي تضـع الأسـرة تحـت الرعايـة المشتركة للزوجيـن، ورعاية المصلحـة الفضلـى للطفـل (التسـجيل بالمدرسـة، حالـة الاستشـفاء، السـفر…)، وتحمل المتعسف للمسؤولية أمام القضاء.
- التنزيل:
الإشكال:
نظم المشرع أحكام كفالة الأطفال المهملين بمقتضى القانون رقم 15.01 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19 غشت 2002. وقد عرف هذا القانون كفالة الطفل المهمل بكونها التزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده ولا يترتب عنها حق الطفل المهمل المتكفل به فـي الإرث ولا في النسب.
وبالنظر لوضعية الهشاشة النفسية التي يوجد فيها هذا الطفل المتكفل به، وللمشاعر الوجدانية التي يكنها له المتكفلين به، قد يوصون له بنصيب من تركتهم، كما قد توافيهم المنية قبل ذلك.
المقترح:
نقترح تنزيل الطفل المتكفل به منزلة أولاد الكفيل في حدود ثلث تركة الكفيل، تنزيلا واجبا بنص القانون.
- المنزل الرئيسي للأسرة:
الإشكال:
تنص المادة 321 من المدونة على أن “التركة مجموع ما يتركه الميت من مال أو حقوق مالية”، وتنتقل هذه التركة بموت مالكها بعد تصفية التركة لمن استحقها شرعا بلا تبرع ولا معاوضة كما تقضي بذلك المادة 322 من المدونة.
وكثيرا ما يؤدي تصفية التركة إلى تشريد أفراد الأسرة (الزوجة أو الزوج أو الأطفال)، باعتبار أن قسمة المنزل الذي كانوا يسكنون به تتطلب بيعه حتى يحصل كل وارث على نصيبه من التركة.
ويظهر هذا الإشكال بشكل أكثر جلاء، في حالة الأسر المكونة من إناث فقط، إذ يرث معهن العصبة أو الحواشــي من الرجال من خارج الأسرة الزوجية أو النووية التي أضحت شائعة في عصرنا الحالي.
المقترح:
نقترح إخراج المنزل الرئيسي الذي كانت تسكنه الأسرة من التركة، وإبقائه في ملكية زوج الهالك، حماية لأولاده ولزوجه من التشرد، تعزيزا لتماسك الأسر وصيانة لوحدتها.