في ظل استمرار المشاورات حول المسار الدستوري في القاهرة، ومحاولة مجلسي النواب والدولة تعديل الدستور وفتحه من دون طرحه على الاستفتاء، تظهر إلى السطح مطالبات لم تؤخد بعين الاعتبار ولم تصغ لها الأذان من قبل الهيئة المتخصصة والمنتخبة والتي أنجزت هذا المشروع بضرورة احترام حق الشعب في الاستفتاء.
حيث ورغم جاهزية مشروع الدستور والتصويت عليه من الهيئة ظل حبيس الأدراج ولم يطرح إلى الاستفتاء ما اعتبر تعديا على حقوق المواطنين، بل تم الاتجاه إلى مسارات بديلة لم ترتق إلى قدسية مشروع الدستور .
وفي ظل هذه المشاورات والمناقشات وموجة الرفض المندلعة أجرت «القدس العربي» حوارا مع عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور نادية عمران، وهنا نصه:
○ المهمة التي انتخبت لأجلها الهيئة هي صياغة دستور للبلاد لعرضه للاستفتاء، كيف تمت صياغة هذا الدستور وما مدى جاهزيته؟
- الهيئة التأسيسية انتخبت في نيسان/ابريل 2014 وأنجزت مهمتها في 29 تموز/يوليو 2017 عندما صوتت على مشروع الدستور، وهذا المشروع سبقته ثماني مسودات عرضت على المستوى الشعبي والهيئات المحلية والسلطات وكانت في كل مرة تتلقى ملاحظات وترجع للمناقشة، وقد عدلت الكثير من النصوص بالنظر إلى هذه الرؤى.
الهيئة انتخبت بالتساوي بين الأقاليم، 20 عن برقة و20 عن طرابلس و20 عن فزان، وتم الإقرار في الإعلان الدستوري أن يتم التصويت على النصوص الدستورية بنسبة ثلتين +1 وهي نسبة مرتفعة، والتجارب الدستورية عادة ما يكون التصويت بالنصف + 1 اعتمدت الهيئة في صياغة الدستور على المشاركة الشعبية، وتواصلت مع العديد من الجهات، وعقدت الندوات والورش، وبمجرد تصويت الهيئة على هذا المشروع أخطرت مفوضية الانتخابات ومجلسي النواب والدولة بأن هناك مشروعا للدستور قد أنجر وما زال هذا المشروع إلى غاية الآن حبيس الأدراج وينتظر عرضه على الاستفتاء .
○ ما النقاط الخلافية في الدستور التي عطل لأجلها الاستفتاء أم برأيك هل سبب التعطيل مصالح سياسية؟
- النقاط الخلافية كانت موجودة منذ بداية عمل الهيئة ومنها الشريعة والعاصمة هل هي عاصمة أو اثنتين هل هي في طرابلس أو بنغازي، تكوين السلطة التشريعية هل من غرفة أو غرفتين، الأساس الذي ستقام عليه هذه الغرفة التشريعية هل هو سكاني أم جغرافي، العلاقة بين المجلسين ومقر السلطة التنفيذية أيضا كان عليه خلاف، وكذلك شروط انتخاب الرئيس، موضوع تولي العسكر المناصب السيادية بدون الاستقالة، التنظيم الإداري في ليبيا ومعايير إنشاء المحافظات هل تذكر في الدستور أو لا، وكذلك موضوع العدالة الاجتماعية وتوزيع المؤسسات في الدولة وعدم تركزها في منطقة معينة وموضوع الثروات الطبيعية هل تقسم نسبة على الأقاليم التاريخية.
الأمور كانت نقاطا خلافية داخل الهيئة لكن تم حل كل هذه الإشكاليات، والوصول إلى توافق والتصويت على مشروع الدستور. الآن يتم التسويق على أن هناك نقاط خلاف رغم أن التصويت كان بنسبة عالية .
○ ما أسباب غياب المجتمع الدولي والدول المتدخلة في الملف الليبي عن الحديث عن ملف الدستور؟
- المجتمع الدولي لم يغب عن المسار الدستوري بل على العكس تدخله في المسار أفسده. عندما نراجع الأمر نجد أن الأمم المتحدة كانت مواكبة للأحدات، وعند التصويت على المشروع تحججت بأن هذا المشروع غير توافقي وأن هناك العديد من النقاط الخلافية فيه، بالرغم من أن التوافق يعرف فقط من خلال عرضه على الاستفتاء، وليس من خلال رفض مجموعة من الشخصيات له.
ما يجري من مناقشات في جنيف وفي اجتماعات باريس وبرلين وفي كل اللقاءات، كان فيها المسار الدستوري حاضرا وبقوة إلا أن التدخل فيه أفسده، ما زالت بعض الدول تصر على التدخل في المسار الدستوري لسببين رئيسيين الأول لان هناك بعض النصوص التي لا ترضي بعض الأطراف التي تدعمها هذه الدول، كما أن هناك دولا ترفض وجود نظام ديمقراطي في ليبيا من الأساس.
○ هناك عدم توافق من قبل الأمازيغ وبعض المكونات الاجتماعية والأقليات على مسودة الدستور كيف هي المساعي لتوفيق الرؤى معهم؟
- في ما يخص المكونات الاجتماعية فقد نص الإعلان الدستوري على وجوب أن تتوافق الهيئة مع المكونات في ما يخصهم، وقد ذكر الإعلان الدستوري أنهم مكونات لغوية وثقافية، فالهيئة نصت على أن تكون لهم هوية وأن يتم احترامهم، وقد نظم المشروع موضوع اللغات بحيث تكون اللغة العربية لغة الدولة ويتم احترام باقي اللغات وتطويرها وتنميتها والتعامل بها على المستوى الثقافي.
الأمازيغ قاطعوا انتخابات الهيئة من الأساس لأنهم معارضون للمادة 30 من الإعلان الدستوري والذي أصدره المؤتمر الوطني، ويقولون إن لديهم نصوصا للمتعلقات الخمسة ومع ذلك الهيئة شكلت العديد من اللجان للتواصل معهم، وكان آخر تواصل قبل التصويت على المشروع، وتم تعديل العديد من النصوص بناء على رؤاهم .
وفيما يتعلق بمكون الطوارق فهم متوافقون مع مشروع الدستور وكذلك التبو تم تلبية الكثير من مطالبهم ولكن كانت لديهم متطلبات معينة كأن تتم تسمية بعض المحافظات باسمهم وهذا لم يتم التوافق عليه، ولكن في العموم التوافق كان كبيرا مع المكونات وخاصة في المواضيع الخاصة بهم والتي هي الاحتياجات اللغوية والثقافية.
○ لماذا أبقت السلطات التشريعية مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية حبيس الأدراج حتى هذه اللحظة؟
- في ما يتعلق بالسلطات التشريعية المتمثلة في مجلسي النواب والدولة، طبعا المسار الدستوري موجود في الإعلان الدستوري ومرسوم بوضوح، فتوجد هيئة تعد الدستور إذا وافق عليه الشعب وصوت بنعم يتم اعتماده وإذا رفض الشعب هذا المشروع يعود للهيئة خلال شهر وتعرف أسباب الرفض وتعيد صياغته. المسار الدستوري المرسوم تم تأكيده أيضا في الاتفاق السياسي الذي تم التوافق عليه بين مجلسي النواب والدولة، وتم النص على أن التوافق بين المجلسين يكون في قوانين الاستفتاء ولكن لم يعطها الصلاحية في تعديل هذا المسار أو التدخل أو المساس بمشروع الدستور وما حدث هو العكس، لانهم يدركون جيدا أن الاستفتاء على مشروع الدستور هو نهاية لهم ونهاية لهذه الأجسام لذلك يتحججون بوجود نقاط خلافية، وأن هناك نقاطا يجب أن تعدل، رغم أن النقاط الخلافية غير معروف من تم تحديدها، وكان من الواجب على المجلسين السعي لطرحه للاستفتاء وترك الرأي للشعب، لذلك كل ما يجري الآن يصب في إطار الإطالة لهذه الأجسام فقط.
○ ما مدى قانونية التعديل الثاني عشر الذي ينص على فتح مسودة الدستور؟
- لا توجد قانونية للتعديل الدستوري الثاني عشر، لان التعديل حسب نص الاتفاق السياسي وحسب القانون المنظم لمجلس النواب، يجب أن تمر بعدد من المراحل، ومنها تشكيل لجنة بين المجلسين لتدارس هذه التعديلات وثم التصويت عليها بأغلبية موصوفة ومحددة أي ما يعادل 120 عضوا من مجلس النواب، وبالمقابل يصوت عليها مجلس الدولة منفردا، وما حدث هو العكس لم يتم التوافق عليها من خلال لجنة ولم يتم التصويت عليه بأغلبية موصوفة، بل لم يتم التصويت من الأساس وتم تمريره بطرق غير قانونية.
○ ما هو تقييمكم العام للمسار الدستوري الذي تشهده العاصمة المصرية القاهرة؟ وهل يمكن أن يفضي لحل حقيقي للأزمة الدستورية في البلاد؟
- المسار الدستوري الذي يجري في القاهرة هو استمرار لعدة محاولات بدأت منذ عام 2017 والنقاش لم يكن على المسار الدستوري فقط، ولكن كل التفاوضات التي جرت بين المجلسين لم تفض إلى أي نتائج ملموسة مطلقا، ولهذا نقاش المسار الدستوري الذي تم في المغرب والغردقة 2 رغم أنه توصل لضرورة الاستفتاء على مشروع الدستور إلا أن الأمم المتحدة عطلته وخرجت ببدع أخرى. ما يجري الآن هو أنهم قاموا بأخذ مشروع الدستور وطرحوه على النقاش وقاموا بأخذ العديد من المواد وحذفها وتعديلها وهذا شيء منافي للأسس العلمية، لان مشروع الدستور مرتبط ببعضه ونصوصه تفسر بعضها البعض، لذلك التعامل بهذه الهزلية مع قواعد حاكمة للدولة غير صحيح بالمطلق، ورغم الضخ الإعلامي الذي تقوم به البعثة بأن هناك توافقا كبيرا على العديد من المواد إلا أن ما تم هو فقط التوافق على النصوص التنظيمية التي ترد في جميع الدساتير، ولكن المواد التي بقيت هي المفصلية والتي ذكرناها سابقا كمواد خلافية ومنها آلية انتخابات الرئيس والغرف وتولي العسكر وغيره، ذات النقاط الخلافية التي توافقنا عليها سابقا عادت إلى السطح من جديد، كانوا يعتقدون أن صياغة الدساتير بهذه السهولة ولا يدركون أن العملية معقدة وخاصة في الهيئات المنتخبة والتي تحتاج إلى توافق، ولكن ما يجري في القاهرة هو أن المجموعة ليست لديها أي خبرة في صياغة الدساتير ويستندون إلى ملاحظات البعثة التي أصدرت سابقا ملاحظات لا ترتقي لأن تكون خارجة من خبراء أو متخصصين، والخلاصة لاجتماعات القاهرة هو أنه لم يتم التوافق حتى الآن وربما ما يسوق هو أن يعود كل شخص إلى مجلسه للتوافق بشكل داخلي على هذه النقاط، ولكن المجلسين لا يمكن أن يصلا إلى أي توافق في أي حال من الأحوال.
○ هل خاطبتم جهات معينة للمطالبة بالاستفتاء على الدستور وعدم المساس به أو بشكل عام ما هي الخطوات التي قمتم بها؟
- الهيئة من عام 2017 وهي تقوم بالمخاطبة فمجرد إصدارها لمشروع الدستور خاطبت المجلسين ومفوضية الانتخابات بأن مشروع الدستور أصبح جاهزا، وكان من الأولى أن المجلسين يتوافقان على نص الاستفتاء ولكن تم التحجج بوجود طعون قانونية مرفوعة على نص الدستور، وعندما حكمت الدائرة العليا بأن الدستور خاص بالهيئة وأن الفصل للشعب الليبي تلكأ مجلس النواب في إصدار قانون الاستفتاء حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ومن ثم لم تقم المفوضية بتطبيق هذا القانون والبدء في العملية الاستفتائية.
ولطالما الهيئة خاطبت الأمم المتحدة بضرورة القيام بمهامها من تقديم الدعم وغيره، وخاطبت الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن وكل الجهات الدستورية والمحلية بضرورة احترام حق الشعب الليبي وخصوصية وقدسية الدستور وكونه شأنا داخليا، أيضا تواصلت مع المجلسين باحترام هذا المسار وبأن النقاط الخلافية يقررها الشعب، ولكن لم تتم الاستجابة لان اعتماد المشروع هو نهاية لهم.
○ تعطيل الدائرة الدستورية ما تبعاته ولماذا لم يستجب أحد لمطالبات تفعيلها؟
- عدم تفعيل الدائرة الدستورية هو من أوصل ليبيا لهذا الانسداد، لأنه منذ صدور حكمها المتعلق بإلغاء تعديل شباط/فبراير وحل مجلس النواب، والخطأ الذي ارتكبته المحكمة في ما يتعلق بأنها ليست محكمة قانون فقط بل محكمة قانون وسياسة، كان من المفترض أن تجد حلا بعد هذا القرار بحيث لا تدخل البلاد في هذا الانقسام، وبذلك فالقرار الذي اتخذ بتجميد عمل الدائرة الدستورية غير صحيح بالمطلق لأنه انكار للعدالة، وعدم تفعيلها جعل مجلس النواب والدولة يخالفان النصوص ويقومان بالكثير من العبث التشريعي والدستوري أوصلت البلاد إلى هذا الحال، ولو كانت الدائرة مفعلة لحلت هذه النقاط وأوقفت هذا العبث، بالرغم من أن الهيئة التأسيسية خاطبت بضرورة ان تعود الدائرة الدستورية إلى عملها ومهامها وأن توقف هذا العبث ولكن من الواضح ان هناك ضغوطا عديدة تعطل عمل هذه الدائرة وتمنعها من العودة.
○ كانت هناك جهات مسؤولة في الدولة داعمة للاستفتاء على الدستور ولحق الهيئة ومنها المجلس الأعلى للدولة ما الذي حصل ولماذا تغيرت وجهات النظر؟
- مجلس الدولة كان داعما للاستفتاء على المشروع ولطالما صرح رئيسه بضرورة طرحه للاستفتاء، أيضا هناك أعضاء في مجلس النواب يدعمون الاستفتاء على المشروع، ولكن في الفترة الأخيرة حدث تقارب بين المجلسين وحصل توافق لإيجاد قاعدة دستورية مؤقتة للذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ثم ينظر البرلمان المنتخب في مشروع الدستور. وبالنسبة للذهاب إلى مشاورات القاهرة فمجلس الدولة يقول بأنه ذاهب لإيجاد قاعدة وتم النظر في المشروع، ومجلس النواب يقول العكس وأنه ذاهب انطلاقا من التعديل الدستوري الثاني عشر والذي ينص بتشكيل لجنة لتعديل مشروع الدستور.
الواضح أن الأجسام توافقت لإيجاد طريقة للصمود أكبر وقت ممكن ولكن اليوم الأخير من المشاورات اقترب ولم تصدر منهم أي نتيجة ونحن ندرك ذلك لان إعداد الدساتير والقوانين لا يمكن ان يؤخذ بهذا العبث والهزلية ولذلك فالموضوع موضوع مصالح الآن .
○ هل تم إعداد خريطة سياسية من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور كإطار بديل عن محادثات القاهرة؟ يعني مثل طرح الدستور للاستفتاء أو تعديل النقاط الخلافية؟
- الهيئة أنجزت ما عليها وصوتت على مشروع الدستور بنسبة عالية وقامت بمراعاة كافة الاطر القانونية المشروطة عليها والتزمت بنصوص اللائحة الداخلية وأنجزت مهمتها وعلى مجلس النواب والدولة الاضطلاع بمهامهم وطرح هذا المشروع للاستفتاء واحترام إرادة الليبيين، لذلك فكل المخاطبات التي صدرت من الهيئة للأطراف المحلية والدولية كانت بضرورة احترام هذا المسار وعدم البحث عن بدائل غير صحيحة لا تفضي لأي نتائج كما حدث ولذلك فهي متمسكة في موقفها باحترام الدستور والإرادة الشعبية.
○ كم عدد أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور المعارضين لخطة اجتماعات القاهرة؟
- أعضاء الهيئة يرفضون تدخل هذه الأجسام في المسار الدستوري لأن الهيئة فوضها الشعب الليبي لإعداد الدستور، عبر ذهابهم إلى صناديق الاقتراع ووكلها، والهيئة أنجزته ولذلك كل أعضاء الهيئة رفضوا التدخل في المسار وفي المركز القانوني لها، ولو كانت هناك تعديلات فتتم من خلال الهيئة بعد الاستفتاء وليس قبله ووفقا لما ورد في الإعلان الدستوري وغير ذلك لا يمكن أن تقبل الهيئة بأي تعديل على المشروع من أجسام لا اختصاص لها.
○ لو تم اعتماد نتائج مشاورات القاهرة ما خطط الهيئة؟ هل سيكون لها رد فعل؟
- ردة فعل الهيئة معروفة لن تتوقف عن المطالبة باحترام هذا المسار وستسعى إلى التواصل الدولي والمحلي لتبيان ما يجري بوضوح في المسار الدستوري الليبي وبخصوص تدخل الدول، وستسعى في المسار القانوني برفع الطعون والدعاوي المتعلقة بالمخالفات التي طالت نصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي والسعي لأن تكون هناك دولة قانون ومؤسسات للبت في المخالفات والعبث.
○ أثناء صياغة الدستور وبعده كيف كان دور الأمم المتحدة؟
- ذكرت أن البعثة كانت مواكبة لعملية إصدار الدستور وكان تعد الورش والمناقشات ولكن بمجرد صدور مشروع الدستور البعثة غيرت مسارها تماما وتحججت بوجود خلافات وانه غير توافقي وأنه لا يرضي جميع الأطراف، وخرج علينا غسان سلامة ودخل مركز الحوار الإنساني الذي دار أنحاء ليبيا وخرج بمخرجات تعد تعديا على حقوق الليبيين وكان يسعى في اجتماع غدامس أن يعتمد هذه المخرجات ولكن بسبب الحرب لم يتم هذا التوافق، البعثة أيضا وبعد التوافق في اجتماعات الغردقة تجاهلت هذا المشروع وأخرجت لجنة قانونية، ولنتفاجئ بعد أشهر أنه لم تكن هناك توافقات من الأساس بل كانت هناك مطمطة، وأيضا ما تقوم به البعثة في القاهرة عبر موظفيها من اقتراح نصوص دستورية ووضع ملاحظات هزلية على الدستور لا يمكن أن ترتقي حتى إلى مستوى طالب في السنة الأولى من القانون، كل ما يجري وما تقوم به البعثة يؤكد أن هناك دولا متنفذة لا تسعى لان يكون هناك دستور استقرار للبلاد، ولا تسعى إلا إلى إيجاد نظام في ليبيا يخدم رؤاها ومصالحها فقط.
○ هناك مطالبات صدرت اليوم باعتماد دستور ما بعد الاستقلال أي دستور الفترة الملكية هل هذا سيكون ملائما؟
- فيما يتعلق بدستور الاستقلال، فالدساتير تنتهي بعدة طرق، منها الانقلاب والثورات والتعديل، ودستور الاستقلال مر على هذه النقاط كلها، أيضا الإعلان الدستوري ألغى كل الوثائق السابقة، ورغم رفع بعض الدعاوي، فقد حكم بأن هذا الدستور منتهي، ولم يعد يلبي مطالب الليبيين سواء من ناحية النظام المركزي أو من ناحية النظام الملكي الذي لا يتلائم مع ليبيا، وكذلك السلطة المطلقة للملك، وتركيبة الأجسام الموجودة وهذا كله ينافي الطلبات الليبية التي تسعى إلى الإشراك. لا يمكن بأي حال العودة لهذا الدستور رغم أنه في وقته كان من الدساتير الجيدة .