عندما تتقاطع خيوط الإعلام بمسارات القانون، قد نجد أنفسنا أمام مشاهد لا نحسد عليها. ليس بسبب الاثارة التي توفرها، وإنما للدهشة من سخرية الأقدار.
وهذا الذي تمثله قضية المنشط الإذاعي محمد بصفيحة المعروف بلقب “مومو” منشط “هيت راديو” الذي وجد نفسه لأول مرة مطالبا للحديث ليس للتنشيط، وإنما للدفاع عن نفسه داخل قاعة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
لطالما داعب “مومو” الأثير بصوته، يضحكنا، يذكرنا من خلال قصصِ من يستضيف بقصصنا، وأحيانا يبكينا، لكن من فكر أنه يوما سيكون هو نفسه موضوع نقاشاتنا؟
هي ليست حلقة جديدة من برنامج إذاعي قديم، بقدر ما هو سيناريو واقعي تختلط فيه موجات الراديو بضجيج قاعات المحكمة.
في هذه الواقعة المثيرة تحول “مومو” الذي عرف بتقديمه للأغاني والأخبار الطريفة، الى بطل، أو ضحية، لسيناريو قضائي، حيث الدراما لا تأتي معززة بالمؤثرات الصوتية، بل بالأدلة والشهادات. وهنا يطفو السؤال الذي يطرح نفسه؛ أما زال الجمهور ينتظر الفاصل الإعلاني لينتهي، أم أنهم سلموا بما راج وجلسوا ينتظرون البث المباشر لجلسة المحاكمة؟
المفارقة المثيرة هنا هي أن “مومو” الذي جعل من الحوار والنقاش الحر صفة لبرنامجه، انقلبت موازينه فوجد نفسه في كرسي المستجوَب مطالبا بالدفاع عن نفسه.
ربما كان يعتقد أن أصعب موقف يمكن أن يواجهه هو مقابلة مع نجم صعب المراس، لكن هذا النجم تبدى له، سواء كان يعي بالأمر أم لم يكن كذاك، في زي المدعي العام. وفي هذه الرحلة من الأثير إلى قفص الاتهام لا يمكننا إلا أن نتأمل كيف أن ميكرفون الإذاعة قد يتحول، إن لم نحسن استعماله، إلى شاهد ضد صاحبه.
من الواضح أن “مومو” قد انزلق من بريق الشهرة إلى مضايق المساطر القانونية؛ حيث الاضواء ليست لامعة بل قد تكون معتمة، أو منعدمة. وبهذا يجد “مومو” نفسه في حاجة الى من يوضب “حريرتو”، طبعا بالاحتكام الى النصوص القانونية.
بينما نتابع هذه القصة المثيرة، نتساءل: هل سينجح “مومو” في تجاوز هذه العقبة، العثرة، لاسيما أن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري قد أصدرت بلاغا تدين فيه ما شاب هذه الحلقة. وقد عُرِفَ عن إذاعة هيت راديو كثرة خروقاتها التي أعقبتها بلاغات عديدة للهيأة المنظمة. وكما يقول المثل المغربي: “وريه وريه، ولا عما زيد أو خليه”.