- افتتاحية
يجب أن أعترف أن عيناي لم تدمع وقلبي لم يحزن على رجل بعد وفاة والدي رحمه الله، إلا على المحامي والنقيب زيان، خاصة بعد مشاهدة فيديو الموكب الجنائزي (الحي) والصورة الحزينة والمؤلمة جدا التي ظهر بها أول وزير لحقوق الإنسان في عهد الراحل الحسن الثاني وهو في طريقه إلى محاكمة أخرى وقد لا تكون الأخيرة.
أعتقد أنه لو كان صاحب مقولة أو عبارة ” الصورة تساوي ألف كلمة ” حيا، أولا لصدم بالحمولة المأساوية للصورة التي أمامه وثانيا لغير رأيه كليا في عدد الكلمات التي تساوي هذه الصورة. صورة المحامي والنقيب محمد زيان وهو مسيج بثلة من أجهزة الأمن في طريقه إلى محاكمة أخرى، وكأن المحاكمة الأولى والسجن لم يفيا بالغرض المطلوب. بل بالقهر المطلوب.
صورة قد يقول فيها المحللون الشرفاء والصحافيون النزهاء والمواطنون الشجعان ما لم يقله مالك في الخمر. صورة رجل ولا رجل. شبح يمشي الهوينا بعيون جاحظة وقوى منهارة ونظرات تختصر كل معاني الحزن والألم والأسى.
لذلك نتساءل مع المتسائلين، من المستفيد من هذه ” الخرجة ” المذلة لرجل كان شامخا، قويا وشجاعا؟ من المستفيد من هذا الإمعان في الإذلال لرجل عبر عن رأي علانية وبصوت مرتفع؟ من المستفيد من هذا التردي الأخلاقي والقيمي بوطن يعتبره بعض المتملقين وثلة من الانتهازيين ” وطن حق وقانون “؟
المستفيد لا يمكن أن يكون إنسانا عاديا وسويا.
المستفيد لا يمكن أن يكون وطنيا
المستفيد لا يمكن أن يكون مغربيا
المستفيد لا يمكن إلا أن يكون ساديا، نذلا وحقيرا.
كمواطن أدين
كإعلامي أدين
كحقوقي أدين
كإنسان أدين
كمسلم أدين
كأمازيغي أدين هذه الجهة، كيف ما كانت هذه الجهة، التي أساءت للوطن قبل أن تسيئ لنفسها الأمارة بالسوء والحقد الكبير.
إن هذه الجهة … تقول وتخبر وتحذر الآخر، كيفما كان هذا الآخر: سواء كنت مخزنيا، أو عياشا. سواء كنت عميلا أو شكاما، سواء كنت معنا أو ضدنا، سواء كنت محاميا، نقيبا، وزيرا سابقا أو لاحقا ” اللي طاح في المقلة يتقلى “.
الصديق والزميل العزيز يونس مسكين وهو يكتب عن صورة القرن 21 أنها صناعة الخوف وأضيف أن الصورة أيضا أمر بالسكوت والصمت، وإن كان الصمت نتيجة للخوف.
وختاما أقول أن الجهة التي كانت وراء ذلك الموكب الجنائزي “الحي”، قوضت كل حقوق الإنسان و السجين:
الحق في الصورة
الحق في احترام الخصوصية
الحق في محاكمة عادلة
الحق في عدم التشهير