طلب موقع ” لوبوكلاج ” من الصديق و الزميل محمد الأمين مشبال نشر بعض الحلقات من سلسلة حوارات سبق أن أجراها الزميل نورالدين الأشهب لفائدة الزميلة هسبريس منذ حوالي بضع سنوات.
لن نعيد كل ما سبق نشره و لكن سنحاول أن ندرج بعض المحطات الكبرى التي يراها موقع ” لوبوكلاج ” تستحق التركيز عليها في المسار النضالي الممتد عبر الزمان و المكان للدكتور محمد الأمين مشبال.
محمد الأمين مشبال، من المعتقلين السياسيين السابقين. حكم عليه بـ20 سنة، في إطار محاكمة الدار البيضاء لسنة 1977، التي شملت 139 من النشطاء السياسيين المنتمين إلى تنظيمات ماركسية لينينية، كانت تهدف التغيير السياسي بالعنف وإقامة نظام يشبه أنظمة “الديمقراطيات الشعبية”، التي كانت قائمة في أوروبا الشرقية وبلدان أخرى من قبيل كوبا والفيتنام.
في البداية سندخل مع المعتقل السياسي السابق الأمين مشبال، سجن القنيطرة ليحكي عن حقيقة منظمة ” إلى الامام” و تعامها العنيف من رفاق النضال و السجن:
منظمة إلى الأمام منظمة دكتاتورية
” النهج السياسي لمنظمة “إلى الأمام” داخل السجن كان ستالينيا تمت ممارسة العنف الرمزي ضد المنتقدين إلى أقصى حد.
بالله عليك ما هو الخيط الناظم ما بين ماجرى للمشتري والمنصوري داخل السجن المركزي بالقنيطرة، وعزل وتجويع كل من موطا ابراهيم و العربي العلمي بسجن شفشاون لتشبثهما بمواقف “23 مارس” ومغربية الصحراء؟
وما علاقة ذلك أيضا بعزل العناصر القيادية في “23 مارس” لأنها تبنت مغربية الصحراء داخل مجموعة 26 بالسجن المدني بالبيضاء؟.
وكيف نفسر ما جرى في سجن شفشاون من محاولة منع مجموعة من المعتقلين ومن ضمنهم عبد ربه ويونس مجاهد وعزيز الطريبق وأحمد بوغابة وآخرون لا تحضرني أسماؤهم من إدخال الجرائد والاستماع إلى الراديو لان الاستماع إلى الموسيقى على حد تعبير عبد الرحيم الابيض أحد عتاة التنظيم بشفشاون “ترف برجوازي” والاكتفاء عوض ذلك ب”نشرة أخبار” يقدم فيها الرفاق الأخبار التي يرونها مناسبة ؟.
ألا تجوز مقارنة ذلك بالتنبؤات العبقرية بشأن العالم الشمولي لجورج أورويل في روايته الخالدة “1984”؟ أليس هناك تشابه إذا لم نقل تطابق مابين نفس التفكير والمسلكيات للحرس الأحمر بالصين إبان الثورة الثقافية، وبول بوت إبان حكمه الدموي في كمبوديا؟.
إن ما جرى كان تجليات لمنطق أو على الأصح هلوسات امتلاك الحقيقة المطلقة. وفي الوقت الراهن نجده هذا المنطق الشمولي قد يتخذ لبوسا دينية أو عرقية أو غيرها حسب الأزمنة والسياقات الثقافية والتاريخية الملموسة.
قد تتعدد التسميات والمسوغات لكن القاسم المشترك يظل واحدا ألا وهو وهم امتلاك الحقيقة المطلقة ،فيمارس أقصى الجرائم بشاعة دون أن يحس بأدنى وخز للضمير باسم الدفاع عن الدين أوالهوية أوالثورة أوالبروليتاريا.
باختصار، إنه في نهاية المطاف نهج ومنهج لا يولد سوى التوتاليتارية وما يتبعها من كوارث إنسانية لا تحصى. وهنا وبالمناسبة تحضرني قولة لينين “إن الطريق إلى جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة”.
فمما لاجدال فيه أن معظم مناضلي أقصى اليسار في السبعينيات قدموا تضحيات جسيمة وتعرضوا للتعذيب والاختطاف والسجون، لكن هذا لا يمنع من الجهر بأن مشروع “إلى الأمام ” والتيارات الماركسية اللينينية آنذاك كان مشروعا توتاليتاريا في عمقه وأفقه لذا أحمد الله على فشله.