* الأستاذ عبد العالي الصافي
بداية، الشكر موصول لكل من ساهم في هذا النقاش المتعلق بمدونة الأسرة و حينما نتحدث عن الأسرة فإننا نتحدث عن الزوج كما نتحدث عن الزوجة دون ان ننسى ثمرة هذا التزاوج و هو الابن أو البنت أي الطفل الذي قد يكون ذكرا او أنثى .
و بالتالي فإن مدونة الأسرة هي ليست قانون المرأة بل هو قانون الأسرة و حينما نتحدث عن الأسرة في المغرب يطرح السؤال التالي: هل نتحدث عن الأسرة الممتدة أو الأسرة النووية أو شيء اخر؟ ثم هل نحن في مجتمع عضوي قبلي أم أننا في مجتمع وظيفي أو شيء اخر!؟
فهو نقاش ليس صحي فقط بل هو نقاش مطلوب خصوصا و أن الأمر يتعلق بموضوع _أو ملف او سميه ما شئت__ مجتمعي و أن ربما المقاربة المعتمدة من البدء لم تكن صائبة ، و دليلنا على ذلك هو ما يتعرض له صديقات و زميلات من تهديد و اعتداء نفسي ، و بالتالي فطرح مشروع أو مسودة مدونة الاسرة للنقاش هي مسألة جيدة من عدة زوايا أهمها إشراك المجتمع الحقوقي في موضوع ذي حساسية مجتمعية من أجل تحميله جزء من المسؤولية ثم تحسيسه بخطورة الموضوع حتى لا يبقى موقفه موقف المتفرج او الحياد السلبي و بالتالي تحفيزه و حثه بل و استفزازه من أجل الانخراط الكامل و غير المشروط في موضوع أخذ منه الكثير من النقاش الأكاديمي .
فنحن ننتمي لهذا المجتمع و لا يمكن لنا بأي شكل من الأشكال الاختباء وراء المعيارية لتبرير ما يقع و ما وقع و هو أمر خطير جدا ، إذ كان بالإمكان الدعوة لانفراج سياسي ليكون مقدمة لحل الكثير من المشكلات الاجتماعية و من بينها مدونة الأسرة.
مدونة الأسرة هي موضوع مجتمعي و كان بالإمكان مقاربته عن طريق اطلاق حوار مجتمعي عمومي أولا ثم استدعاء العلوم الإنسانية كما جاء في خطاب جلالة الملك و كما اوصينا به في المنظمة المغربية لحقوق الانسان من خلال الندوات و التوصيات و بعد ذلك كان من المفروض تشكيل لجنة سياسية -حقوقية وليست قضائية .
فالسؤال المطروح في هذا الخصم هو كالتالي : كيف للقضاء الذي سيطبق قانون هو منشؤه و صانعه ؟
أو كيف يمكن للقضاء أن يكون الخصم و الحكم في كثير من فصول القانون و كيف يمكن الحديث عن الاجتهاد القضائي كمصدر من مصادر التشريع غير التشريع حينما يتعلق بمسألة اجتهادية و هو من وضعه؟
، هناك إذن خلل ما ، و الخلل يكمن في دمج السلط في نازلة الحال المخالف للمبدأ الكوني المتمثل في فصل السلط .
فلا اعتقد أن إسناد التشريع للسلطة القضائية شيء جيد ، فلكل اختصاصه ، حيث أن وظيفة السلطة القضائية هو تطبيق القانون و التطبيق السليم للقانون، هذا الأخير الذي هو اختصاص حصري للمشرع الذي هو السلطة التشريعية.
صحيح ان صناعة القانون في المغرب ليست اختصاصا حصريا للبرلمان ، بل أن دور هذا الأخير لازال يراوح مكانه باعتبار أن لمقترحات القوانين دور ثانوي يكاد يكون منعدما في حين لمشاريع القوانين التي تقترحها الحكومة النصيب الأسد في التشريع و أن دور المشرع لا يعدو أن ينحصر في هذه الحالة في المصادقة او اقتراح تعديلات قد لا تجد لها طريقا سالكة ، بالإضافة للتفويض التشريعي .
إن الحديث عن فصل السلط كان مطلبا سياسيا حقوقيا ، تشبثت به رئاسة النيابة العامة في عدة مناسبات بدءا من أول منشور لها و الذي رفضت فيه عرض تقريرها امام البرلمان و أمام لجنة العدل والتشريع معللة موقفها لاستقلال السلط أن القانون يفرض عليها عرض تقريرها امام السلطة التي تنتمي اليها و هي المجلس الاعلى للسلطة القضائية ، فكيف لذات الرئاسة و لذات السلطة أن تكلف بمهام سلطة أخرى و هي سلطة التشريع؟