المرحوم محمد رشيد الدويهي هو أحد أقطاب قبيلة ازرگيين، مزداد في 15 أكتوبر 1948 بواد بوكراع، تابع دراسته العليا بالعراق، وهو نائب برلماني سابق، عامل على إقليم بوجدور ثم واليا بالإدارة المركزية بوزارة الداخلية. والأمين العام لجبهة التحرير والوحدة “F.L.U” وأحد مؤسسيها في بدايات السبعينات.
يعتبر الفقيد أول صحراوي يشتغل في ميدان الإعلام، حيث عمل صُحفي بجريدة ” العلم ” لسان حزب الاستقلال المعارض آنذاك من سنة 1969 إلى 1974، كما كان يشغل عضوية المجلس الاستشاري لشؤون الصحراء، رافق لجنة تقصي الحقائق الأممية للعيون والسمارة بداية 1975 كصحفي وأختطف حينها، فحملت الأمم المتحدة إسبانيا المسؤولية في ذلك مما اضطر الإسبان لإرجاعه، كما كان رحمه الله ضمن الوفد المغربي بمحكمة العدل الدولية سنة 1975.
بالإضافة إلى كونه نائبا برلمانيا عن مدينة العيون ممثلا عن حزب الإستقلال من 1977 إلى 1983، وشغل المرحوم كذلك منصب عامل إقليم بوجدور من سنة 1983 إلى حدود سنة 1994، ثم مستشارا بالمجلس البلدي بالعيون سنة 1976.
التيار الوحدوي …
كان من أبرز رموز التيار الوحدوي في الصحراء، حيث كان وراء عدة جهود وطنية وحدوية، فمنذ ثمانينات القرن الماضي كان له دور كبير في الترافع عن القضية الوطنية حيث شارك إلى جانب “أحمد عصمان” في بعثات للقارة الأسيوية، وإلى جانب خليهن ولد الرشيد مبعوثين إلى أمريكا اللاتينية.
شارك في المفاوضات سواء السرية أو العلنية مع جبهة البوليساريو إبتداء من مفاوضات نيروبي، ثم الطائف، وفي لقاء وفد البوليساريو مع الحسن الثاني بمراكش سنة 1988، ثم لقاء فندق بارادور بالعيون سنة 1992، ولقائهم مع ولي العهد آنذاك محمد السادس بطنجة سنة 1994.

رجل التوافقات …
كان منسقا لوفد ممثلي القبائل الصحراوية الذي حضر للقاء الملك محمد السادس بعد جلوسه على العرش. كما كلف من طرف الملك محمد السادس رفقة خليهن ولد الرشيد بالإشراف على تهدئة الأوضاع بالصحراء بعد أحداث العيون سنة 1999. شارك المرحوم أيضا في مفاوضات هيوستن 1 وهيوستن 2 برئاسة جيمس بيكر، ولقاءات لشبونة مانهاست.
كتب عنه أحدهم ينعيه بكلمات معبرة لخص فيها فضائله وشمائله حيث قال: “قبل البكاء والعويل نلقي السلام وأسمى آيات الإجلال والتبجيل على الروح الطاهرة لمن كان ثكالى لليتامى، وعصمة للأرامل وخير سند للقريب والبعيد. نودعك أيها القائد المبجل وفي القلوب حرقة، وفي الحناجر غصة وفي النفوس حرقة على رحيلك يا من ملأت الدنيا وشغلت الناس.
اختطفك قاهر الملذات من بين ظهرانينا فكانت الفاجعة التي تدك الجبال دكا لتفيض من العيون أنهارا تبكيك دما وكمدا على فقدانك. ستفتقدك أكثر كل حبة رمل من رمال الصحراء و يلهج بالدعاء لك كل من أسديت له معروفا وكل من مددت إليه يد الجود والعطاء والسخاء وذلك كان ديدنك ونهجك طوال حياتك.
ولا غرابة أن تتزين سيرتك العطرة بقيم الكرم والجود، فلك في تاريخ أبائك وأجدادك المنعمين وسير الفضلاء من قبيلتك العربية الزينبية الجعفرية العريقة خير نبراس إهتديت به في حياتك. لقد نهلت في البدء من معين والدك المنعم القائد الأمين والصدوق “حسنا ولد الدويهي” كل الشمائل الحميدة والفضائل الأصيلة، وتربيت في حضن والدتك “نبغوها بنت عبد القادر الفويرس” التي ورثت منها قصر القامة وبعد النظر وأورثتك ما في والدها قدس الله روحه من سخاء وكرم.
وريث الكبار …
ولم يكن ينقصك الدهاء والكياسة لتعي منذ ريعان شبابك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقك، أدركت قبل أن تخطو أولى الخطوات في مشوارك الطويل، بأنك مكبل بإرث عائلي عريق ومجد تليد، لقد ترك لك أجدادك تاريخا ناصعا بدءا بالأمير أحمد بن سعيد وحمد والقاضي القائد سيدي يوسف وعترته الطاهرة بابا أحمد وعبدالله وجدك المباشر الفقيه والولي الصالح البكاي، أدركت ذلك كله ووضعت نصب أعينك الإقتداء بسيرهم، والسير على منوالهم لكي تصعد درجات العلا والمجد.
لم تغريك السلطة ببريقها الذي لا يقاوم، وأنى لها ذلك وقد كانت تجري في عروقك دماء الحكم وقد ولدت وبيدك صولجان السلطان، يشهد عليك إقليم بوجدور وسكانه بكل خير. نعم مررت من هناك وبقيت ذكراك خالدة لم تنمحي مع مرور الزمن. هناك أتعبت من بعدك، بعدلك وسخائك وترفعك عن إذاية الآخرين، أبيت أن يسجن أحدا على يديك التي لا تتقن عملا سوى العطاء، ودافعت بكل حزم وإقدام عن المظلومين والمقهورين”.
رحيل كبير…
المرحوم محمد رشيد الدويهي وافته المنية بمدينة الرباط يوم السابع شتنبر من سنة 2014. وتلقت عائلة الفقيد رسالة تعزية ملكية من جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 10 شتنبر 2014. وري جثمانه الثرى بمقبرة قصبة ازرگيين بمنطقة الدورة، في أجواء مهيبة وبحضور شخصيات وازنة كان في مقدمتهم: محمد حصاد وزير الداخلية، عامل اقليم طرفاية “الناجم ابهي”، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ” عبد الله باها”، رئيس مجلس النواب “رشيد الطالبي العلمي، وزير الثقافة محمد امين الصبيحي، الامين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر، المدير العام للدراسات والمستندات ياسين المنصوري، والي ولاية العيون بوجدور الساقية الحمراء بوشعاب يحضيه، والي ولاية واد الذهب الكويرة لمين بنعمر، ومسؤولين سامين ومجموعة من البرلمانيين ورؤساء الجماعات وشخصيات من ممثلي وأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية، وشخصيات مدنية وعسكرية وفعاليات أخرى.
بالإضافة لحضور وزير الاتصال الموريتاني “حمدي ولد السويح”، الذي حل بمدينة العيون على رأس وفد هام وكبير من رجال الأعمال والسياسيين والمثقفين من الجارة الجنوبية موريتانيا، لتقديم التعازي لعائلة الفقيد ومواساتهم في وفاة المرحوم محمد رشيد الدويهي الذي عين واليا ملحقا بوزارة الداخلية قبل وفاته.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.