قال الباحث والمحلل السياسي المغربي محمد بودن عن إقالة وزيرة الخارجية الإسبانية في التعديل الحكومي الأخير
” في الواقع كان الاستغناء عن أرانشا غونزاليس لايا متوقعا حيث انها أثارت الكثير من الأزمات الدبلوماسية الإسبانية مع دول هامة بالنسبة لاسبانيا كالمغرب، ودول في أوروبا وأمريكا اللاتينية. فشلت أيضا في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة الامريكية، هذه الازمات أضعفت وزيرة الخارجية الإسبانية (الأزمة المتنامية مع دول في أمريكا اللاتينية كالبيرو ونيكاراجوا والمكسيك), ويمكن القول بأن الأزمة التي أضعفت غونزاليس لايا هي الأزمة الدبلوماسية مع المغرب بعد اشتباكها مع مؤسسات أخرى وتسهيلها لدخول المدعو ابراهيم غالي بالطريقة المعلومة، وبالتالي أعتقد ان هذا إقرار بفشل الوزيرة في تعزيز وجود إسبانيا على الساحة الدولية كما قوضت الثقة والشراكة مع المغرب كأهم شريك لإسبانيا؛ لاشك بأن بيدرو سانشيز تيقن من ان صورته الدولية ومكانة إسبانيا الإقليمية ستتضرر أكثر إذا استمرت ارانشا غونزاليس، بالتالي عودة خوسي مانويل الباريس الى المونكلوا تأتي في إطار الاعتماد على شخصية جديدة من أجل استعادة العلاقات مع أطراف دولية ومن أجل أن يكون بيدرو سانشيز في دائرة الضوء.
و عن العوامل التي أدت إلى هذه الإقالة، أوضح رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية
” لاشك بأنه كانت هناك الكثير من العوامل؛ هناك العوامل المحددة وهناك العوامل المساعدة، في الذهاب في اتجاه هذا التعديل والذي تبقى أرانشا غونزاليس لايا من أبرز عناوينه، خاصة وأن هناك إدراكا من اسبانيا لأهمية المملكة المغربية كشريك استراتيجي لإسبانيا وكذا حاجة اسبانيا لا على المستوى الاقتصادي ولا على المستوى الأمني للمغرب، أعتقد بأن التقييم الواقعي أدى في النهاية إلى اتخاذ هذا القرار، وهو قرار يأتي في إطار رغبة الحكومة الإسبانية في تعزيز صورتها الدولية والبحث عن فرص اقتصادية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها إسبانيا، حيث أثرت الأزمة مع عدة أطراف على فرص اسبانيا الاستثمارية وعلى وصول العروض الاقتصادية للسوق الإسبانية، وكله أدى في النهاية الى فشل أرانشا غونزاليس في الدبلوماسية الاقتصادية، كذا فشلها في العلاقات مع عدة شركاء من بينها المغرب.
اعتقد في تقديري أن الوزيرة لايا مثلت عامل توتر في العلاقات المغربية الإسبانية وإعفائها يدفع بهذا العامل السلبي بعيدا، لكن يجب قراءة العلاقات المغربية الإسبانية وآفاق مرحلة جديدة في هذه العلاقات وفق مقاربة شمولية.
و في ما يخص مستقبل العلاقات الثنائية بين المملكتين المغربية و الإسبانية أكد محلل المؤشرات السياسية الأستاذ بودن
” أن الرغبة في غد افضل من طرف اسبانيا مع المغرب لا تعتمد على مسألة إعفاء وزيرة وتغيير مسؤول بمسؤول، بل اعتقد انه يجب بناء منطق جديد يعتمد على المنفعة المتبادلة وعلى الاحترام، ويجعل من أسس الشراكة ذات مضمون، وأعتقد بأن تدعيم ما هو إيجابي والتخلي عن ما هو سلبي في العلاقات المغربية الإسبانية مسألة مهمة، لكن يجب معالجة الأسباب المؤدية للأزمة والتي في حالة عدم معالجتها، وبالرغم من تغيير مسؤول بمسؤول ستبقى علاقات هشة اقتصاديا وامنيا وسياسيا، لذلك أعتقد بأنه هناك أخطاء أدت إلى الوضع الحالي كالمسألة المتعلقة بوضع الحدود البحرية، مسألة دخول المدعو ابراهيم غالي، الموقف المتعلق بالمصالح المغربية وخاصة موقف إسبانيا بشأن الصحراء المغربية الذي يبقى متدبدبا فضلا عن بعض الردود المتصلبة في بعض المحطات بشأن ما يمكن أن نسميه ب”الأزمات النائمة”، والتي يجب معالجتها في إطار من الحوار والتفاهم.
أعتقد بأن العلاقات المغربية الإسبانية هي علاقات هامة في المحيط، لكن المقاربة يجب ان تكون شمولية من طرف الحكومة الإسبانية، واعتقد ان دفع عامل التوتر المتمثل في الوزيرة لايا هو خطوة في بداية الألف ميل.”