قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب الخاص للشرق الأوسط، قطب العقارات ستيفن ويتكوف لا خبرة له سابقة في الدبلوماسية، واختير لكونه مقرباً من دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يتعامل مع الأزمة في الشرق الأوسط مثل التفاوض على صفقة عقارات صعبة.
وفي تقرير أعدّه جوشوا تشافين وديبورا أكوستا قالا إن ويتكوف قطعَ شوطاً طويلاً في بناء مملكة العقارات من طفولته بحي برونكس في نيويورك، وصعوده في تجارة العقارات في نيويورك وفلوريدا.
وأشارا إلى حفل زواج ابنه زاك ويتكوف وزوجته الممثلة صوفيا نايت، والذي عقد في مقر إقامة دونالد ترامب في مار إي لاغو، عام 2022. وكان من بين الحاضرين، ولوقت متأخر، ترامب وزوجته ميلانيا، وحاكم فلوريدا رون دي سانتيس، وعائلات معروفة في مجال العقارات، مثل باري سترينتشلت، ولاعب البيسبول أليكس ردوريغوز. وتقول الصحيفة إن إيلون ماسك، ربما كان من “أفضل” أصدقاء ترامب الجدد، إلا أن ويتكوف ظلَّ الصديق المقرب للرئيس المنتخب، منذ زمن طويل.
فقد رافق ترامب طوال حملته الانتخابية، وكان يلعب معه الغولف عندما تعرّض لمحاولة اغتيال في أيلول/سبتمبر.
وقد اختاره ترامب، اليوم، لكي يقوم بمهمة كبيرة، وهي تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، وكمبعوث له في الشرق الأوسط. وهي المهمة التي أوكلها في ولايته الأولى إلى صهره جاريد كوشنر، الذي كان يعمل في مجال العقارات أيضاً.
عقارات الشرق الأوسط
وأضافت الصحيفة أن اختيار ترامب لمتعهد عقارات آخر زاد من الشعور بأن الرئيس المنتخب يتعامل مع أزمة الشرق الأوسط على أنها تفاوض معقد على شراء عقار.
ويشترك ويتكوف مع هذا الرأي، حيث ينظر إلى المنطقة باعتبارها “صفقة عقارات ضخمة”، وذلك حسب شخص مطلع على تفكير المبعوث المقبل.
كما أن اختيار شخص مقرب من العائلة يعني استمرارية ويتكوف في نهج كوشنر.
ومثل ترامب، فإن ويتكوف (67 عاماً) من أبناء نيويورك الذين نشأوا فيها، وكوّنوا فيها ثرواتهم، ثم انتقلوا للعيش في جنوب فلوريدا، وهو يحب لعب الغولف مثل ترامب. ويصفه أقرانُه بأنه شخصية موهوبة، ولديه لمسة خاصة في المفاوضات.
وقال متعهد العقارات المعروف دون بيبلز، والذي حضر حفل زفاف مار إي لاغو، إن ويتكوف “لديه أسلوبه في التفاوض، وهو ليس عدائياً”، وأضاف أن “ويتكوف ليس من ذلك النوع الذي يريد رؤية الدم قبل توقيع الصفقة”. وفيما إن كان قادراً على معرفة التاريخ المتشابك للشرق الأوسط، فهذا أمر آخر.
علاقات إقليمية وتجارية
ويعتبر ويتكوف، اليهودي، من أشد أنصار إسرائيل، ومن دون خبرة دبلوماسية، مع أن الأصدقاء يشيرون إلى العلاقات التجارية التي بناها في المنطقة.
وفي العام الماضي، باع ويتكوف فندق بارك لين في منهاتن لهيئة الاستثمار القطرية بمبلغ 623 مليون دولار، وشاركت هيئة الاستثمار في أبو ظبي أيضاً في الصفقة.
وقال صديقه المحامي بول إدلمان، من شركة بول هيستنغ: “هو واع لما يعرفه وما لا يعرفه”. ووصف ويتكوف بأنه شخص “يفهم مكعب روبيك، والناس الذين يحركونه”.
ظل كوشنر
لكن مديراً في مجال العقارات عبّر عن تشكّك من مؤهلات ويتكوف، رغم أنه مدح ذكاءه. وقال هذا الشخص إن صناعة السلام في الشرق الأوسط ليست عالم ويتكوف.
وبالإضافة لحساسيات المنطقة، فقد يضطر ويتكوف للحفاظ على علاقاته في أمريكا بشكل جيد، وخاصة أن كوشنر ألمح إلى استمرار مشاركته في الإدارة المقبلة، وإن بدون منصب رسمي.
وفي مقابلة أجرتها معه، قبل فترة، صحيفة “وول ستريت جورنال” قال: “سأقدم لهم نصيحتي، وسأساعدهم بأي طريقة يحتاجون إليها”. ويتوقع ويتكوف أن يتحدث ويتعاون ويتشاور مع كوشنر الذي يعتقد أن لديه “معرفة استثنائية بدينامية” المنطقة، وذلك حسب شخص على معرفة بهذا التفكير.
وعندما تم تعيين كوشنر كمستشار لترامب، وأوكلت له مهمة الشرق الأوسط، شعر الكثير من الخبراء بالمنطقة بالصدمة، لكن صهر ترامب استطاع التوصل إلى اتفاقيات أبراهام، التي أدّت لتطبيع عدد من الدول العربية العلاقات مع إسرائيل. وقد توقّف زخم هذه الاتفاقية منذ ذلك الحين بسبب هجوم “حماس” على إسرائيل، والحرب التي نتجت عن ذلك في غزة.
كما كشف كوشنر عن الإمكانيات التجارية للوظيفة. فعند ترك منصبه، حصل على دعم استثماري بقيمة 2 مليار دولار من السعودية لصندوق جديد للأسهم الخاصة. وجاء مليار دولار آخر من الإمارات العربية المتحدة وقطر.
علاقة قديمة مع ترامب
ومن المؤكد أن يحظى ويتكوف باهتمام ورعاية ترامب، فقد التقيا أول مرة عام 1986، عندما كان ويتكوف محامياً شاباً في شركة “دراير أند تروب”، والتي كان يتعامل ترامب معها. وبدأت العلاقة، كما يقول ويتكوف، بساندويش، وذلك حسب الشهادة التي قدمها، العام الماضي، نيابة عن ترامب في دعوى احتيال رفعها المدعي العام في نيويورك. حيث التقيا في مطعم بعد العمل على صفقة معاً. ولم يكن لدى ترامب أي نقود، لذلك “طلبت له لحم خنزير، وجبناً سويسرياً”، كما شهد ويتكوف.
وحسب ابن ويتكوف، أليكس، كان ترامب “أحد الملهمين الكبار” الذين دفعوا والده إلى القفز من المحاماة إلى التعهدات العقارية.
وتعمقت الصداقة بينهما، حيث مدح ويتكوف ترامب وموقفه الداعم، عندما مات ابنه أندرو نتيجة لتناوله جرعة زائدة من الأفيون عام 2011.
وفي خطاب ألقاه في المؤتمر الوطني للجمهوريين، هذا العام، قال عن ترامب بأن “وجوده جلب العزاء في ساعة مظلمة”. وقال إن ترامب “لطيف وعاطفي، ولم أقابل مثله في حياتي”.
دور مؤثر
وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، دعا ترامب وزوجته ميلانيا ويتكوف للحديث عن مخاطر الأفيون، لكن علاقات قطب العقارات مع ترامب بعيدة عن الأضواء، وكان أول من سارع لنجدة صديقه وشهد في قضية احتيال بمنهاتن، وفعل هذا عندما أبعد مانحون وأنصار سابقون له أنفسهم عنه. وظل مرافقاً لترامب طوال الحملة الانتخابية، حيث سأله شريك في العقارات متى سيراه، فأجاب: “سأبقى مع الرئيس في هذه الفترة”، وكان واحداً من عدة أشخاص دعاهم ترامب إلى المنصة ليلة الانتخابات للاحتفال بالفوز.
وعمل ويتكوف كأحد أكبر جامعي التبرعات لترامب، حيث كان صلته مع المانحين اليهود، بمن فيهم ميريام أديلسون، المؤيدة القوية لإسرائيل، والتي ساهمت، في النهاية، بمبلغ 100 مليون دولار للحملة.
كما لعب دور حلّال المشاكل، فبعدما أهان ترامب حاكم جورجيا برايان كيمب في تجمع جماهيري، طار ويتكوف إلى أتلانتا لتهدئة الأمور. وبعد أيام، ظهر كيمب على قناة “فوكس نيوز” ليعلن ولاءه لترامب.
وعندما انسحب دي سانتيس من السباق، توسط ويتكوف في تحقيق انفراجة بين ترامب وسانتيس، المرشح الذي تحوّل إلى منافس. وجمعهم ويتكوف، في نيسان/أبريل، لتناول الإفطار في نادي شيل باي في هالانديل بولاية فلوريدا، حيث تصل قيمة عضوية الغولف إلى أكثر من مليون دولار. وهو المكان الذي يلعب فيه ويتكوف الشدة أو “جين” مع أصدقائه.
ووصف شخص منتجعه هذا بأنه مثل مار إي لاغو، ولكنه أجمل. كما استطاع ويتكوف إقناع المرشحة المتحدية لترامب، نيكي هيلي، حيث روت كيف سافر ويتكوف إلى منزلها في ساوث كارولينا للتفاوض على “هدنة”، وسألها ماذا تريد من ترامب فأجابت: “لا شيء”، حيث صادقت على ترشيحه، لكنها لم تؤمن به.
كل هذا بعيد عن أيامه الأولى، عندما قام ويتكوف، ابن صانع معاطف، ومحام آخر من شركة دراير آند تراوب، لورانس غلاك، بمسح حي هارلم وبرونكس، في الثمانينيات، بحثاً عن المباني السكنية كنوع من النشاط الجانبي في مجال العقارات وسمّيا شركتهما ستيلار- مزيج من “ستيف” و “لاري”. وعملا في تأجير العقارات المنخفضة الأجر. وكان كثيراً ما يترك مناسبات عائلية للقيام بأعمال صيانة في بيوت الإيجار، ويحمل مسدساً لحماية نفسه في الأحياء الصعبة.