جيل كبيل المتخصص في قضايا الإسلام السياسي وشمال افريقيا: ” ماكرون ارتكب خطئا في التواصل مع المغرب والإسلام السياسي لم يعد في الدورة التاريخية التي حملته إلى القمة “
في حواره الأخير مع أسبوعية “لكسبريس” الفرنسية (عدد 3768بتاريخ 21 سبتمبر 2023) ، يتطرق الباحث المختص في قضايا الإسلام السياسي وقضايا المغرب العربي جيل كيبيل لقضايا الساعة التي تحظى باهتمام الرأي العام الوطني في البلدين وتحديدا تدهور العلاقات المغربية الفرنسية و الوضعية الراهنة لحركات الإسلام السياسي.
كما يبرز في حواره وجود تحولات سياسية دولية عميقة تشمل إفريقيا الشمالية وإفريقيا الفرنكفونية، من تجلياتها صعود مجوعة دول “البريكس” والدخول في نظام دولي متعدد الأقطاب، والتي لم تنجز الخارجية الفرنسية أية مقاربة استباقية بشأنها مما تسبب لها في أزمة. وباعتبار أهمية الحوار تقدم “لوبوكلاج” لقراءها ترجمة بتصرف لنص الحوار.
ترجمه بتصرف: الأمين مشبال
1- أزمة العلاقات الفرنسية المغاربية الافريقية
هناك أسباب تتعلق بعدم التفاهم الحاصل ما بين رئيسي الدولتين، لكن المشكل الرئيسي نتج عن قرار إبعاد المغاربيين المحكومين في قضايا الحق العام والذي تلاه قرار خفض عدد التأشيرات الممنوحة لولوج فرنسا.
وبعد هدوء نسبي في الإعلام المغربي، احتد الخلاف مجددا بعد زلزال الحوز. فالمغرب يدبر المساعدة الإنسانية بشكل سيادي، وهذا حقه. ضمن هذا السياق فإن توجه ماكرون المباشر للمغاربة خطئا جديدا في التواصل مما يبرز الصعوبة الموجودة لدى جهاز الدولة في فهم مستجدات العلاقات الدولية.
إضافة إلى ذلك فإن اتفاقيات ابراهام مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية غيرت المعطيات. فمقابل فتح سفارة إسرائيلية في الرباط اعترفت الولايات المتحدة الامريكية بمغربية الصحراء، وتلا ذلك اعتراف إسبانيا وألمانيا، وتتوخى الحكومة المغربية أن تسير فرنسا في نفس الاتجاه.
المشكل يكمن في كون فرنسا تسعى دائما للحفاظ على توازن ما بين المغرب والجزائر، لكننا اليوم لا نعرف مع أي البلدين العلاقات هي أسوأ.
2- تراجع الإسلام السياسي في شمال إفريقيا
في فرنسا يبدو أن السلفية والإخوانية أصبحتا في قلب الاستراتيجية الانتخابية لليسار الراديكالي. والمفارقة تكمن في كون بلدان جنوب وشرق المتوسط أخذت مسافة من توظيف الدين في السياسة.
فمنذ عشر سنوات خلت، إبان الربيع العربي، كانت قطر تمول الإخوان المسلمين في ربوع العالم، كما أن قناة الجزيرة المحملة بتوجه إخواني كانت موجهة لمنافسة المملكة العربية السعودية. لكن اليوم فإن السياق قد تغير تماما. فالتحالف ما بين تركيا وقطر وإيران لمجابهة السعودية (الذي سميته بالمحور الإخواني الشيعي) قد باء بالفشل، إضافة لكل ذلك فإن وصول محمد بن سلمان للحكم سنة 2017 أدى إلى تهميش السلفية مقابل لبيرالية في القيم. بل حتى تركيا، وحتى يخفف أردوغان من المشاكل الاقتصادية وانهيار العملة، وأمام حاجته الماسة للدولارات الخليجية، قام بإغلاق جميع القنوات التلفزية الإخوانية التي كانت تبث من بلاده.
أما بالنسبة لقطر التي تقاربت مع الرياض فإنها لم تعد بحاجة للإخوان للتنافس مع السعودية. كل هذا يعني أننا لم نعد في الدورة التاريخية التي حملت الإسلام السياسي إلى القمة منذ عقد من الزمن.
المفارقة المعبرة، بالنسبة لي، تمثلت في رؤيتي خلال هذا الصيف في ريفيرا الفرنسية Côte d’Azur سعوديات يرتدين سراويل قصيرة، بينما تتجول فرنسيات بالعباية وترتدين القناع الطبي بديلا للنقاب، وكأن أوروبا أضحت قلعة للإخوان المسلمين.