بيدرو هو شاب إسباني متحدث أصلي للغة الإسبانية، وهو شخص متعدد اللغات، حيث يتقن تسعة لغات بطلاقة.
بجانب الإسبانية، يتحدث بيدرو الإنجليزية، الألمانية، الروسية، البرتغالية، البولندية، الإيطالية، والفرنسية، وهو يمتلك شغفًا كبيرًا بتعلم اللغات واكتشاف ثقافات جديدة
- بداية بيدرو، عرفني عنك أكثر ، من هو بيدرو رودريغيز؟
أنا بيدرو رودريغيز، شاب شغوف باللغات، يدفعني فضولي لاستكشاف العالم وشعوبه المختلفة، ورغبتي في تسليط الضوء على عملية تعلم اللغات. لقد سافرت إلى 32 دولة بحلول سن 21، وكلما مر الوقت، ازدادت هذه الطموحات أكثر فأكثر.
- تحدث باللغات تفتح أبواب عديدة كيف ؟
التحدث باللغات هو المفتاح لاكتشاف تفاصيل الثقافات الأخرى مقارنة بثقافتك. إنها الأداة التي تبني جسراً بينك وبين الشخص الذي يقف أمامك.
لا أستطيع حصر عدد الأشخاص الذين تمكنت من التفاعل معهم بفضل معرفتي بلغاتهم. ولا أتحدث هنا عن مجرد تفاعل سطحي، بل عن التحدث بلغتهم، مما يجعل العلاقة بيننا أكثر قرباً ودفئاً بلا شك.
- كيف بدأت رحلتك مع تعلم اللغات؟
عندما كنت في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، كنت أتعلم اللغات في المدرسة مثل أي شخص آخر، لكنني بدأت أرى أن التواصل مع الآخرين بلغاتهم كان بمثابة لغز أتعلم حله تدريجياً.
ومع الوقت، بدأت أحب هذا التحدي أكثر فأكثر. أتذكر أنني بدأت التحدث مع أجانب عبر تطبيقات على هاتفي، وشعرت بدهشة كبيرة عندما أدركت كم هو واسع عالم اللغات، وكم من التجارب الرائعة يمكن “فتحها” بتعلمها. ومن هنا بدأت رحلتي.
- ما هو الدافع وراء تعلمك للغات ؟
لا أؤمن بفكرة “الدوافع” على المدى الطويل. صحيح أن هناك أشياء قد تدفعك لبدء تعلم لغة، كالتعرف على شخص معين، أو المرور بتجربة خاصة، أو الاهتمام بثقافة معينة، لكن بالنسبة لي، تعلم اللغة هو تحدٍّ شخصي؛ هو فرصة لأن أكون مبتدئاً في شيء جديد، وأن أتعلم بتواضع حتى أصل إلى المكافأة الكبرى: صنع ذكريات وتجارب لا تُنسى. قد تساعدك رؤية نفسك في مواقف مستقبلية، وبالفعل استطعت الحفاظ على دافع قوي لفترات طويلة، لكن في النهاية، الاستمرارية والعادات هي ما سيجعلك تتقن لغة، وليس مجرد الدافع.
- ما هي الصعوبات التي واجهتها أثناء تعلمك للغة ؟
من أكبر التحديات التي واجهتها كانت الأنظمة اللغوية المختلفة تماماً عن لغتي الأم واللغات الأخرى التي أعرفها، خاصةً فيما يتعلق بالأصوات الجديدة والنطق.
ومع ذلك، أعتقد أن هذه التحديات هي ما يجعل تعلم لغة جديدة ممتعاً؛ لأنه بمرور الوقت، تبدأ هذه الصعوبات في التلاشي تدريجياً. أيضاً، بعد أن تجاوزت تعلم خمس لغات، أصبحت مسألة الحفاظ عليها جميعاً تحدياً كبيراً.
- ماهي أصعب اللغة لديك ، وكيف تأقلمت معها ؟
إذا كان عليّ اختيار لغة أطمح لتحسينها، فستكون بلا شك اللغة الروسية. لطالما راودني حلم أن أرى نفسي أتقدم فيها شيئاً فشيئاً.
رغم صعوبتها، فإنني أراها كلغز، وكل جزء أتعلمه هو قطعة جديدة تجعل الصورة الكاملة أوضح. لا أحب أن أضيع وقتي في التفكير في التعقيدات النحوية أو أنظمة الحالات، بل أرى كل ذلك وسيلة لاكتساب مهارات تواصل فعالة.
- بعض الأحيان أثناء تعلمنا للغة نشعر بالإحباط ، لماذا نشعر بالإحباط ؟ وكيف يمكننا تخطي هذه المرحلة ؟
كل شخص قد يشعر بالإحباط عند تعلم لغة جديدة، وأنا لست استثناءً. من الصعب أن تبدأ شيئاً جديداً، لكن الأصعب هو الاستمرار فيه عندما يصبح أكثر تعقيداً.
الطريقة الوحيدة لتجاوز هذا الشعور هي أن تربط عملية التعلم بأشياء تجعله ممتعاً وذا قيمة، والأهم أن يكون لديك هدف أسمى من مجرد التحدث بطلاقة أو إتقان القواعد، عليك أن تتجاوز هذه الأهداف العملية وتستمتع بالرحلة نفسها، مدركاً أن التعلم عملية لا تنتهي أبداً لكنها دائماً تستحق الوقت والجهد.
- ما هي اللغة التي تجدها الأقرب إلى قلبك؟ ولماذا؟
بلا أدنى شك، لغتي الأم الإسبانية هي الأقرب إلى قلبي. قد أتعلم العديد من اللغات، لكن الإسبانية ستظل دائماً تحمل معنى خاصاً بالنسبة لي.
التعبيرات، النكات، وحتى الألفاظ العامية، كلها تأخذ بعداً آخر عندما تُقال بالإسبانية. أشعر بامتنان كبير لأنني نشأت متحدثاً لهذه اللغة.
- ما هي الطريقة التي تتبعها عادة لتعلم لغة جديدة؟ هل لديك أساليب خاصة؟
طريقتي في تعلم أي لغة تبدأ باستهلاك محتوى مفهوم ومرتبط باهتماماتي. قد لا يكون هذا المحتوى دائماً الأكثر تشويقاً في البداية، لكن متعة اكتشاف المعاني وفك شفرة الأصوات الجديدة كانت دائماً حافزاً كافياً للاستمرار.
كذلك، التحدث مع الناطقين الأصليين يساعد كثيراً. لكن الأهم هو أن تخلق نظاماً يلزمك بقضاء ساعات طويلة في التعرض للغة المستهدفة. السر ليس في تخصيص وقت منفصل لتعلمها، بل في دمجها ضمن أنشطتك اليومية، حتى وإن كنت لا تزال مبتدئاً.
- هل تشعر أن تعلم اللغات ساعدك في فهم ثقافات أخرى بشكل أفضل؟
بالتأكيد، عندما تتحدث لغة مختلفة، تبدأ في التفكير بطريقة مختلفة. قبل تعلمي للغة الألمانية، لم أكن أفهم تماماً كيف يعمل المجتمع هناك، رغم أنني زرت دولاً ناطقة بالألمانية.
لكن بعد تعلم اللغة، وعند زيارتي لهذه البلدان مرة أخرى، شعرت وكأنني “أندمج” أكثر في ثقافتهم، فقط لأنني أصبحت أفهم إشاراتهم الثقافية وأعرف الكثير مما يتحدثون عنه.
- ما هي الدول التي زرتها وتحدثت بلغتها الأم؟ وكيف كان احساسك ؟
خلال رحلاتي إلى ألمانيا، بولندا، بيلاروسيا، جورجيا، تركيا، ورومانيا، لطالما شعرت بمدى الامتنان الذي يبدونه الناس عندما تحاول التحدث بلغتهم، حتى ولو بكلمات بسيطة.
لن أنسى أبداً زيارتي لإسطنبول، عندما حاولت التواصل مع أحد السكان المحليين في مطعم صغير. مجرد قولي كلمة “iyi” (التي تعني “جيد” بالتركية) كان كافياً لجعل الرجل يحتضنني ويثني على جهودي. أشعر دائماً بواجب تعلم شيء من لغة كل بلد أزوره؛ لأنه يجعل التجربة أكثر عمقاً وثراءً.
- بيدرو متى ستتعلم اللغة العربية ؟
على الأرجح، في السنوات القليلة المقبلة! لدي بالفعل بعض الأصدقاء الذين يتحدثون العربية والذين أخبروني مرارًا وتكرارًا بتعلمها، لذا أعتقد أنها ستكون واحدة من اللغات القادمة التي سأتعلمها
- بيدرو ما هي نصيحتك للشخص الذي يرغب في تعلم لغات جديدة؟ ماذا يجب أن يفعل ليحقق النجاح؟
عليه أن يستمتع بالرحلة، ويحبّها، ويبحث عن سبب لتعلم اللغة يتجاوز الجانب العملي. يجب أن يخصص وقتاً لها، ويبحث عن روابط تجعلها جزءاً مهماً من حياته. عندما يفكر في اللغة الإيطالية، أول ما يخطر في باله هو النكات التي يشاركها مع أصدقائه الإيطاليين.
وعندما يتذكر البرتغالية، تعود إلى ذهنه الأوقات الجميلة التي قضاها مع أصدقائه البرتغاليين عندما كان يعيش في بولندا. هناك دائماً ارتباط عاطفي، وهناك دائماً دافع يجعله يمضي قدماً. ولكن الأهم من كل ذلك هو أن يستمتع!
تعلم اللغات هو رحلة لا تنتهي، وكل كلمة جديدة تقربك أكثر من فهم العالم والتواصل مع الآخرين. لا تخف من التحديات، فكل خطوة تفتح أمامك أبوابًا جديدة. استمتع بالتعلم، واترك اللغات تكون جسرًا يربطك بكل ثقافة جديدة