في عالم مليء بالتحديات، يبرز أشخاص قرروا أن يكونوا شعلة أمل في حياة الآخرين. أحمد زينون، رئيس جمعية “صوت القمر” في المغرب، هو واحد من هؤلاء الأشخاص. بتفانيه وإخلاصه، كرس حياته لمساعدة الأطفال المصابين بمرض نادر يُعرف بـ”جفاف الجلد المصطبغ” أو كما يُلقبون بـ”أطفال القمر”.
عبر توفير الحماية والرعاية اللازمة لهم، نجح في رسم الابتسامة على وجوههم وكسب احترام وإعجاب الملايين. فوزه بلقب “صانع الأمل” لعام 2025 كان تتويجًا مستحقًا لمسيرة مليئة بالعطاء.
في هذا الحوار الحصري، يفتح لنا أحمد زينون قلبه ويتحدث عن رحلته، أحلامه، وإحساسه بهذا التكريم
- بداية أحمد، اود أن اهنئك على فوزك بلقب “صانع الأمل” لعام 2025. كيف كان شعورك عندما تم الإعلان عن فوزك بهذه الجائزة ؟
عندما سمعت اسمي يُعلن كفائز بجائزة “صانع الأمل”، غمرتني مشاعر مختلطة بين الفرح والفخر والتأثر. كانت لحظة لا تُنسى، حيث شعرت أن كل الجهود والتضحيات التي بذلتها من أجل أطفال القمر لم تذهب سدى، بل وصلت إلى قلوب الناس وصناع القرار
- ماذا تعني لك هذه الجائزة على المستوى الشخصي والإنساني؟ وهل تراها نقطة انطلاق لمشاريع أكبر؟
هذه الجائزة تمثل لي مسؤولية أكثر من كونها مجرد تكريم. إنها اعتراف بقضيتنا وبدور الجمعية في تسليط الضوء على معاناة أطفال القمر. بالتأكيد، أراها نقطة انطلاق لمشاريع أكبر، حيث أصبح لدينا الآن منصة أقوى لدعم الأطفال وتوسيع نطاق التوعية.
- متى بدأت رحلتك مع “أطفال القمر”؟ وما الذي دفعك لتأسيس جمعية “صوت القمر”؟
بدأت رحلتي عندما التقيت بأول طفل مصاب بهذا المرض النادر. كان اللقاء مؤثرًا جدًا، ومنذ تلك اللحظة قررت أن أكون صوتًا لهؤلاء الأطفال الذين يعيشون في الظلام. دفعني الشغف والإنسانية لتأسيس الجمعية، حتى نوفر لهم الحماية والدعم الذي يحتاجونه.
- هذا المرض نادر وصعب. كيف كانت استجابتك عندما التقيت بأول طفل مصاب به؟ وكيف أثر ذلك على قرارك بالمضي قدمًا في هذه المبادرة؟
عندما التقيت بأول طفل مصاب، رأيت الخوف في عينيه، رأيت أحلامًا مكبوتة وحياة محدودة بسبب الشمس. لم يكن بالإمكان أن أمر مرور الكرام، بل شعرت أن عليّ التحرك والمساهمة في تحسين حياتهم، وهذا ما جعلني أكرس جهدي لهذا العمل
- ما هي التحديات الأكبر التي واجهتها خلال عملك على دعم “أطفال القمر”؟ وكيف تمكنت من تجاوزها؟
من أكبر التحديات التي واجهتها كانت قلة الوعي حول المرض، وندرة الموارد اللازمة لحماية الأطفال. تجاوزنا ذلك من خلال التوعية المستمرة، والتواصل مع جمعيات دولية، والبحث عن حلول إبداعية لتوفير الحماية لهم بأقل تكلفة ممكنة.
- كيف استطعت نشر الوعي حول مرض “جفاف الجلد المصطبغ” في المجتمع؟ وهل شعرت بتغير في نظرة الناس تجاه هؤلاء الأطفال؟
ركزت على حملات التوعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنظيم لقاءات ومحاضرات، بالإضافة إلى مشاركة قصص الأطفال. أعتقد أن التأثير الأكبر كان لرؤية الناس لقصص الأطفال أنفسهم، حيث يلمسون معاناتهم بشكل مباشر، مما يخلق تعاطفًا أكبر.
- من هم الأشخاص الذين كان لهم التأثير الأكبر في رحلتك الإنسانية هذه؟
هناك العديد من الأشخاص الذين أثروا في رحلتي، بدءًا من العائلات التي تقاتل يوميًا لحماية أطفالها، إلى الأعضاء والمتطوعين الذين يدعمون الجمعية. كذلك، وجود شخصيات ملهمة في مجال العمل الإنساني منحني دفعة للاستمرار رغم كل الصعوبات.
- ماذا تقول للأطفال المصابين بهذا المرض وأسرهم الذين ربما يجدون الأمل ؟
أقول للأطفال أنتم أقوياء، وأنتم لستم وحدكم، نحن هنا لدعمكم وحمايتكم. أما للأشخاص الذين يريدون المساعدة، فأدعوهم للانضمام إلينا، سواء من خلال نشر الوعي أو تقديم الدعم المادي والمعنوي، فكل مساهمة تحدث فرقًا.
- بعد فوزك بجائزة “صانع الأمل”، ما الخطوة التالية؟ هل هناك مشاريع جديدة أو مبادرات تعمل على إطلاقها؟
بالتأكيد، فالجائزة ليست نهاية الرحلة، بل بداية جديدة. نعمل حاليًا على توسيع نطاق التوعية، وإيجاد حلول أكثر استدامة لحماية الأطفال، ونسعى لإبرام شراكات دولية لضمان حصولهم على أفضل سبل الحماية والتعليم.
- أخيرًا، ما هي رسالتك للشباب العربي الذي يريد أن يصنع فرقًا في مجتمعه، لكنه ربما يشعر بصعوبة التحديات؟
رسالتي لكل شاب عربي يريد أن يصنع فرقًا في مجتمعه، هي أن الطريق لن يكون سهلًا، ولكن العزيمة والإصرار هما المفتاح. التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، قد تبدو غير مؤثرة في البداية، لكنها مع الوقت تكبر وتُحدث فرقًا حقيقيًا. لا تدع العقبات تحبطك، بل اجعلها دافعًا لتكون أقوى. ابحث عن شغفك، آمن بفكرتك، وابدأ من حيث أنت بالإمكانات المتاحة لك. لا تحتاج إلى موارد ضخمة، بل تحتاج إلى إيمان صادق بأنك قادر على التغيير. المجتمع بحاجة إلى شباب مبادرين، وأنت قد تكون الشخص الذي يُلهم الآخرين ليحذوا حذوك.
رحلة أحمد زينون هي قصة أمل، عطاء، وكفاح من أجل الإنسانية. في كل كلمة قالها، تشعر بحب حقيقي ورغبة صادقة في تغيير العالم نحو الأفضل. فوزه بلقب “صانع الأمل” ليس فقط تكريمًا لشخصه، بل هو اعتراف بقوة الخير التي يمكن أن تصنعها الإرادة. نتمنى له التوفيق في مواصلة هذه الرسالة النبيلة، ونأمل أن تكون قصته مصدر إلهام لكل من يسعى لصنع الفرق