يروج تجار الدين نفس السلعة المستوردة من الخارج عير ربوع الوطن، وهي من آخر ما تبقى من المخزون القديم من المنتوج الوهابي بعد إغلاق كل المصانع في بلد المنشأ الذي فطن أهله للفيروس الفتاك الذي تشكله الوهابية.
وقد فتح تجار الوهم دكاكينهم في كل الربوع، واقتسموا الأدوار بينهم بتوزيع الخريطة بينهم بين من يتكلف بالناطقين بالأمازيغية بمختلف تنويعاتها خصوصا في الجنوب، وبين من يتكلف بالناطقين بالدارجة المغربية، مع بقاء مناطق معينة مستعصية عل تجارة الدين التي تعرف بوارا غير مسبوق بعد قرارات بن سلمان بإغلاق المصانع والورشات.
فخلال سنتي 2020 و 2021، شن المتخذ لنفسه كنية أبو عمار بجنوب المغرب حملة شعواء ضد الروايس، ولم يترك وصفا قدحيا وصفهم به إلا ما نسي، ولم تسلم من خرجات المتشيخ مسلسلات وأفلام الأمازيغ بالجنوب، وحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس بربوع المناطق الناطقة بتشلحيت التي يتخذ من أكادير عاصمتها مقرا لبت سمومه نحو جمهوره الذي في صلبه الناطقون بتشلحيت.
رد سعيد أوتاجاجت وعدد من الفنانين الروايس والممثلين على خرجات المسمى أبو عمار، وتحدوه بإثبات كلامه من النص وهو ما لم يقم به، فأمطرهم وابلا من النعوت القدحية والصفات التنقيصية منهم كفنانين، ومن أوصافه للرايس سعيد أوتجاجت، عندما رد عليه من النص، وصفه له بكونه كقربة مصنوعة من جلد كلب ملئت عسلا، محيلا على رد لأوتاجاجت ضمنه آيات وأحاديث تفند مزاعم رسول الوهابية بالجنوب المغربي الناطق بتشلحيت.
انتهت خرجات ابي عمار عن الفنانين الأمازيغ، وتربعت أعمالهم على عروش المشاهدات والاستماع، ومضى الإبداع كما كان، ببساطة لأن الأمازيغ لا يأبهون كثيرا للفقاعات، خصوصا إن كانت واردة من الخارج.
وبينما المدعو أبو عمار منشغل بتسفيه الفن والفنانين الناطقين بالأمازيغية، يقوم زميله في العمل، أي تجارة الوهم والخرافة، بنفس الحملة ضد الأعمال الناطقة بالدارجة المغربية، وآخرها مسلسل المكتوب الذي تبثه القناة الثانية دوزيم.
إن حقيقة مدعيي الدعوة إلى الله أنهم يروجون لفكر غريب مستنبت في مناطق بعيدة، ولا صلة له بالمجتمع المغربي الوسطي، ويقتاتون من تجارته، فشيخ الجنوب أبو عمار لا عمل رسمي له، ولا يجيب عن أسئلة منتقديه التي تخص مورد عيشه، ومصير أموال قنواته على مختلف المنصات، وتركيزه على فئات معينة دون أن يمتد نقده للقضايا الحقيقية للمغاربة. ورفضهم لواقع المغاربة المختلف تماما عن الثقافة التي يروجون لها والتي لا صلة لها بثقافة المغاربة المعتدلة. فالمغاربة بكل فئاتهم منفتحون على الفن، والفن جزء من حياتهم، ولا يمكن لهذه الربوع أن تعيش دون فن، فلكل منطقة ألوانها الفنية المختلفة، ولن تفلح خرجات متشيخ هنا أو هناك في قطع صلتنا بماض امتد لعشرات القرون، ونستبدله بهلوسات شيوخ لا يبحثون إلا عن المال.
وإن ما لا يعلمه شيوخ الفتنة والضلال هو أن المغاربة سيرمونهم، كما رموا غيرهم كثير ممن يروجون لأي فكر دخيل، في حاويات القمامة، والأمثلة كثيرة. وستزول دعواتهم ويبقى المغاربة متعايشين مع ذواتهم وفي صلبها فنونهم المختلفة المتنوعة، ويعود الشيوخ والمصفقون لهم من أنصاف المتعلمين والانفصاميين إلى جحورهم خائبين، ففن الروايس منتوج مغربي صرف، وفن الشيخات كذلك، وكل عمل فني مجسد لجزء من الواقع يحظى بقبول المغاربة الأسوياء، ولا يرفضه، ظاهريا مع مشاهدته خلسة، إلا المرضى الذين يحلمون بتعميم فكر غريب مستورد من تربة مختلفة عنا تمام الاختلاف.