كورونا .. تجربة خوف كبير عشتها بألم كبير .. كيف يمكن الكتابة عن الفيروس الغدار ؟

لوبوكلاج : عمر أوشن

قرأت عددا من النصوص الأدبية والاعترافات والبوح عن هذا الخوف الرهيب والفراغ الذي يسكن العقل والأرواح حينما يسقط المريض بكورونا طريح الفراش ..

بين الحمى و السعال الحاد و الاختناق و الهلوسات و فكرة السفر بلا عودة.. الفكرة التي تقتل قبل أن يقتل حضرة الامبراطور العظيم كوفيد التاسع عشر كما سماه الصديق عزيز كوكاس في عنوان كتابه عن كوفيد

أجد أن التجربة تتكرر وتتشابه و تقترب من نساخات بعضها.. ما سأكتبه أنا الذي عشت المرض لن يختلف كثيرا عما يكتبه شخص آخر جرب الفيروس في آسفي أو مكناس أو في المكسيك والبرازيل والسنغال..

المهم ..باختصار..إنه مرض غدار و مخرب و كاسح يخبط خبط عشواء كحطاب يحطب في ظلام الليل..

كورونا مرض الجميع بدون تمييز طبقي واجتماعي وديني وطائفي .. كورونا لا تفرق بين الشيعة و السنة ..

لا يفرق بين خلق الله ..يحصد من أتى و au suivant ..au suivant كما قال جاك بريل عن عاهرات أمستردام..

كنت في لقاء عمل بمراكش وعدت الى الرباط في القطار..و عادتي أن اسافر حيث أشاء بسيارتي..القطار مكان اختلاط بامتياز  وأنا أفضل عزلتي…لا أحب الخلطة وخيطي بيطي في زمن كورونا وقبلها ودونها..

وصلت الرباط متعبا بشكل غير طبيعي..في اليوم الموالي قلت . لابأس..زكام عادي سيمر ولا يهم..إنسه..تجاهله ..

لكن الملعون كان له رأي آخر..الى أن فقدت القدرة على الحركة والتركيز مع حمى وإسهال وفقدان الشم  و التذوق و فقدان شامل لشهية الأكل وحرارة واختناق وآلام في المفاصل وجولات بين المستشفى العمومي ابن سيناء أعز الله عملهم و مصحة خاصة قيل لي عنها لاحقا أنها تحمل لقب المقبرة النموذجية بحي الرياض..

ألم كورونا ليس في الجسد فقط..ألم المرض وجراحه تبقى أيضا في الروح..في النظرة الى العالم..الأسرة..الأبناء..الآخرين..

حينما تسقط أرضا بسبب كورونا تصير فيلسوفا في معنى الوجود..في معنى الموت..كورونا مدرسة أخرى ..

الاوبئة والحروب غيرت مسارات شعوب ..الحمى الاسبانية و الطاعون والجراد..و اليوم كورونا غيروا مجرى الحياة و غيروا التاريخ..كورونا لم نلمس بعد نتائجها حصيلتها النهائية..لازالت تلعب معنا لعبة غميضة..لعبة مصارعة الثيران و لعبة دق الفرادة في مبارزة كو بوي في أفلام الويسترن..

من يسبق الآخر في طلق الرصاص..

الله يحد البأس..و يجعل الخسارات والأوجاع والفقدان أقل ثم أقل..

لكل من أصيب بالوباء نصيبه وحاجته الى فيتامين س و الزنك وحبوب وحقن مقاومة تخثر الدم ومضادات حيوية و كورتيكويد دوباج ..وباقي الوصفات الطبية و التقليدية الطبيعية والاعشاب..

لكن لكل مريض بالضيف الغدار الشرير وصفة أخرى ..بروتوكول آخر هو ميزان  النفسية..الروح..المعنويات ..الافكار..الحب..المقاومة.

بمعنى آخر ..المورال..الموراااان عشيري..

الحياة جميلة ياصاحبي..

سننتصر على كوفيد في القريب..

سننتصر ونحطم قلاع الفيروس..

سنعود إلى حياتنا الطبيعية قبل أن نتحول الى فئران و أرانب سيرك مروضة ..