ابتداء من هذه السنة سيتغير نظام دراسة الإجازة في المغرب والحصول على شهادتها. سنة إضافية أو نصف سنة حسب قدرة الطلبة على التحصيل، وموقع متقدم للغة الإنجليزية، وتغييرات جذرية في البرامج البيداغوجية.
ولفهم هذا التحول الذي يأتي بعد عشرين سنة من اعتماد نظام الإجازة الفرنسية في المغرب، “تيلكيل عربي” حاور وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني والتعليم العالي سعيد أمزازي، .
*هل يمكن أن تشرح للمغاربة وللطلبة والتلاميذ خصوصا المقبلين على ولوج الجامعة العام القادم، ماذا تحضر الوزارة بخصوص اعتماد نظام البكالوريوس؟
المغرب اعتمد نظام إجازة/ماستر/دكتوراه في 2003، وكان خياراً مسؤلاً ومهماً حينها، من أجل دمج منظومة التعليم العالي الوطنية في المنظومة الأوروبية، وهذه الخطوة جاءت في سياق تدويل التعليم العالي الذي نهجته دول الاتحاد الأوروبي.
هذا النظام منح طيلة سنوات من اعتماده النجاعة المنتظرة منه، ومنحنا مرونة إلى حد ما في التعليم العالي، وذلك بالانتقال من التعليم الجامعي السنوي إلى الأسدس، ولم تعد المواد طيلة السنة بل أصبحت لدينا وحدات مقسمة، وهذه الوجدات ونظام الأسدس وترصيد المكتسبات منح قيمة مضافة للنجاح.
كما قلت في السنوات الأولى كانت نسبة النجاح مهمة، لكن مع توالي المواسم الجامعية بدأنا نلمس بعض التراجع، لذلك قررنا بعد 20 سنة من اعتماد هذا النظام، القيام بوقفة تأملية وتقييمية، وقمنا بتشخيص النموذج الذي نتحدث عنه اليوم وقرر المغرب الإنخراط فيه.
*هل هذا يعني أننا سوف نقطع بشكل نهائي مع نظام إجازة/ماستر/دكتورة في التعليم العالي المغربي؟
لا، ولكن سوف نقوم بتنقيحه وتجويده وتطويره.
*كيف؟
أولا الإجازة سوف تتغير تسميتها لتصبح باكالوريوس، لماذا؟ لأنه اليوم الدولة الفرنسية هي الوحيدة التي لازالت تعتمد هذه التسمية، والأنظمة الدولية كافة، لا على مستوى الدول العربية أو الآسيوية أو الأمريكية، يعتمدون تسمية باكالوريوس.
وهذا النظام سوف يمنح إمكانية لحركية الطلبة واعتراف بالشهادة الوطنية للطلبة المغاربة من طرف جميع الدول، ومسألة التسمية هذه مهمة جداً.
الجانب الثاني، اعتماد هذا النظام الجديد هو مناسبة لإعادة النظر في الهندسة البيداغوجية، هذه الأخيرة، حسب ما هو معتمد في السابق، كانت تتضمن عدداً من وحدات التخصص، ولكنها تفتقر لوحدات تقوية اللغات ووحدات المهارات والكفايات العرضانية الأساسية.
يجب أن نعرف جيداً ونعي بأن المشغل اليوم، عندما يستقبل خريجا من الجامعات المغربية من أجل تشغيله، أصبح يشدد على ضرورة ألا يمتلك الخريج فقط شهادة في التخصص، بل يجب أن يمتلك مهارات إضافية أخرى، وأن يكون قادراً على الإقناع والترافع والتخطيط… وبأكثر من لغة.
الجانب الثالث، هو ضرورة الربط بين التعليم الثانوي والتعليم العالي، ووضع جسر بينهما، لتحقيق هذا الهدف، خلقنا ما يسمى بالسنة الجامعية التأسيسية، وهذا النموذج معتمد في دول مثل إنجلترا وكندا، وهذه السنة مخصصة حصراً لتطوير المهارات الذاتية للطلبة الجدد في الجامعات ولتطوير اللغات ومنح مهارات التفتح.
*هذا يعني أن نظام الباكالوريس سوف يعود بالطلبة إلى نظام التخرج بعد أربع سنوات؟
نعم سوف نعتمد سنة إضافية، والباكالوريس تمنح للخريجين كما قلت في أربع سنوات، لكن مع ضرورة الإشارة إلى أنه في إطار المرونة التي سوف نعتمدها، يمكن للطلبة أن يتخرجوا في أقل من أربع سنوات.
*هل هذا يعني أن السنة التأسيسية غير إلزامية؟ أم ستعتمدون داخل نظام الباكالوريوس مسلكا لامتلاك المهارات والكفايات التي تحدثم عنها؟
سوف نعتمد كما قلت في سياق المرونة، دورة صيفية مخصصة للغات والمهارات الذاتية، وذلك في إطار مشروع نهاية الدراسة الثانوية، ويمكن من خلالها للطلبة الذين يسايرون بجدية هذه الدورة الصيفية أن يحصلوا على البكالوريوس في ثلاث سنوات ونصف فقط.
*لكن هناك من سوف يثير هنا أن الوزارة عادت فقط إلى النظام القديم الذي كان معتمداً، وكانت تمنح من خلاله الإجازة في أربع سنوات؟
هذا النقاش ليس هو الأساس بالنظر إلى النتائج التي أصبحنا نقف عليها في نظام الإجازة في ثلاث سنوات.
معدل نسبة التحصيل على شهادة الإجازة هو من 4 سنوات ونص إلى خمس سنوات، يعني أن هذا النقاش منطلقه سيكون مغلوطاً من الأساس.
من يحصل على الإجازة اليوم في ثلاث سنوات نسبتهم قليلة جداً، لا تتجاوز 10 في المائة بالنسبة للمسالك العلمية و15 في المائة بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية و18 في المائة بالنسبة لشعب القانون والاقتصاد، هذه نسب ضئيلة جداً، ولا نصل إلى نسبة 40 في المائة من الحصول على شهادة الإجازة إلا بعد الوصول إلى خمس سنوات من الدراسة الجامعية.
*ماذا أعددتم لتنزيله؟ وكيف ستضمنون الانتقال السلس من نظام الإجازة إلى نظام البكالوريوس؟
نحن اليوم بصدد إخراج دفتر الضوابط البيداغوجية المؤطر لهذا الديلبوم، قمنا بإحالته على الجامعات، وكلها قدمت مساهماتها بخصوصه وأغنته وطورته.
كما طلبنا من الأساتذة الجامعيين مدنا بالمضامين البيداغوجية من أجل إطلاق طلبات العروض بخصوص المسالك في جميع التخصصات، علمنا أن شبكات كليات العلوم وشبكات كليات القانون والاقتصاد وشبكات كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية وأيضا شبكات الكليات المتعددة الاختصاصات، اشتغلت منذة مدة على هذا الورش، وقاموا بإعداد ما يسمى بالمسلك النموذجي والذي من خلاله سوف يتم تنزيل النظام الجديد في السنة الأولى والثانية، ومن خلاله أيضاً سوف يقوم الأساتذة بتطوير المضامين حسب التخصصات.
*نتحدث اليوم في إطار مناظرة مغربية – أمريكية حول تنزيل البكالوريوس، ماذا ينتظر المغرب من الولايات المتحدة الأمريكية؟
الولايات المتحدة الأمريكية تواكب منذ سنوات مع المغرب الورش الإصلاحي الوطني للتعليم من التعليم الابتدائي، واليوم قررنا أن تشمل هذه المواكبة التعليم العالي، اشتغلوا معنا في طريق القراءة المقطعية للعربية في مسلك الرياضيات وعلى مستوى عدد من المقاربات البداغوجية المبتركة على مستوى الابتدائي.
اشتغلوا معنا أيضاً في إطار برنامج “تحدي الألفية” على مستوى إعادة تأهيل 90 مؤسسة في ثلاث جهات، ويستهدف “مشروع المؤسسة المندمجة”.
وشمل الاشتغال والتعاون والمواكبة أيضاً مؤسسات التكوين المهني، حيث قمنا بتطوير نموذج معاهد التكوين المهني الذين يتوفرون على مواصفات دولية مهمة.
اليوم نشتغل على التعليم العالي كما قلت لكم في السابق، والنموذج الأمريكي معروف بالمرونة وبالانفتاح، لهذا لا يمكن إلا الاعتماد عليه، وذلك لأجل ما سيمنحنا من إمكانيات كبيرة، خاصة على مستوى الحركية.
هذا دون أن نغفل حاجة المغرب إلى تطوير امتلاك اللغة الإنجليزية عند التلاميذ والطلبة في النظام التعليمي برمته.
*هل هذا يعني أنه مستقبلا الإنجليزية في المغرب سوف تأخذ حيزاً أهم من الذي تحتله اللغة الفرنسية؟
نعم، بكل تأكيد. هذا الاختيار أصبح محسوماً، وسوف يتم تنزيله على مدى 10 سنوات.
اليوم من الصعب تعميم الاعتماد على الإنجليزية في مختلف المسالك التعليمية، لهذا دشنا هذا الورش على مراحل، ويمكن أن أقول لكم أننا سنشتغل على إدخال اللغة الإنجليزية بقوة في النظام التعليمي المغربي.
الإنجليزية اليوم هي لغة العلم والاقتصاد، هي لغة الحركية، ولا يمكن أن نمنح للطلبة، مستقبلا، إلا ما يمنحهم قيمة مضافة تمكنهم من التحصيل العلمي حسب المعايير الدولية، لتمكنهم من التخرج وهم يمتلكون كل مقومات الإنخراط في البحث العلمي والإدماج في سوق الشغل والاستفادة من الآفاق التي تفتحها أمامهم اللغة الإنجليزية في معظم دول العالم.