صدر عن دار القصبة للنشر، كتاب “السياسة الثقافية والتنمية” الذي نسق أعماله عبد العزيز الراشدي واحمد بلاطي بإشراف علمي لمختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء.
وقد راهن الباحثون المشاركون في هذا الكتاب على مساءلة مفهوم السياسة الثقافية والفعل الثقافي وصناعته بالمغرب، من خلال التوقف عند أدوار الفاعلين والمساهمين في بلورته، ويفتح هذا العمل نقاشا أكاديميا حول البنيات الثقافية المغربية والصناعة الثقافية والإنتاج الثقافي في مغرب اليوم، لتلمّس ملامح السياسة الثقافية التي يختطها المغرب لإعادة اكتشاف مرجعياته الثقافية والتقدم نحو بناء صورة ثقافية متوازنة تهدف إلى مِغرِبة الأفكار والتصورات، وإدماج الثقافة في مسار اقتصادي فاعل يخلق فرص الشغل وإمكانات الإنتاج وعناصر التنمية.
كما سعت الدراسات التي يضمها الكتاب، إلى بيان كيف أصبح الاهتمام بالسياسة الثقافية في البلدان المتقدمة مؤسسا على أسس تضع في حسبانها تطوير قدرات الشعوب على العطاء والإبداع، وتحقيق التنمية المستدامة ومراعاة جوانب الاقتصاد والتطور التكنولوجي وبناء المؤسسات؛ إذ يحظى الجانب الفكري والثقافي بمكانة هامة ضمن حلقات الإنتاج،
بوصفه قوة ناعمة ومحركا اقتصاديا، مما يجعل الثقافة تسير في منحى مواز لباقي القطاعات المنتجة، فيضخ المستثمرون رؤوس أموالهم في قطاع الفنون والثقافة لتحقيق الربح والرفع من حجم المعاملات. ومثلما هو معلوم، فإن اهتمام الدول بالثقافة وصناعاتها وسياساتها قد أضحى واحدا من أهم العناصر والأسس لبسط سيادتها وبناء مقومات شخصيتها،
لأن الهيمنة على الشعوب أصبحت ترتدي لبوس الثقافة والفن بعد أن تغيّرت سبل الهيمنة لتتجاوز النظريات التقليدية التي تعتمد القوة المباشرة، لذلك سعت الدول السائرة في طريق النمو، في السنوات الأخيرة، إلى محاولة تطوير وبناء ثقافتها وتراثها المادي واللامادي عبر البدء في سنّ سياسات ثقافية تجعلها تنافس باقي الدول وتضمن مكانتها بين الأمم وتحقّق هوياتها المحلية دون التفريط في الانفتاح على الأفق الكوني….