احتضنت عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض، الإثنين 25 أكتوبر 2021،انعقاد قمة مبادرة « الشرق الأوسط الأخضر »، وذلك بحضور العديد من القادة والوزراء من دول المنطقة وخارجها، عكست كلماتهم ومداخلاتهم خلالها توجها لتبني الاقتصاد الأخضر.
وتهدف الرؤية الاستراتيجية لمنظومة “الاقتصاد الأخضر” إلى الحد من المخاطر البيئية، وتحقيق التنمية المستدامة دون أن تؤدِّي إلى حالة من التدهور البيئي.
وقد افتتح ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أعمال قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر“، في العاصمة الرياض، وذلك بمشاركة دولية واسعة يتصدرها رؤساء وقادة دول وصناع القرار في العالم.
وتهدف قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر“، إلى “رسم خريطة إقليمية لحفظ الحياة ورفع جودتها”، في بادرة تقدمها المملكة العربية السعودية “لصنع الفارق العالمي في حفظ الطبيعة والإنسان والحيوان ومواجهة تحديات التغير المناخي”، وفق ما ذكرت وكالة “واس”.
وقال الأمير محمد بن سلمان، في بداية أعمال القمة: « نجتمع اليوم في هذه القمة لتنسيق الجهود تجاه حماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، ولوضع خارطة طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من 10 بالمئة من الإسهامات العالمية، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، وفق برنامج يعد أكبر برامج زراعة الأشجار في العالم، ويساهم في تحقيق نسبة 5 بالمئة من المستهدف العالمي للتشجير ».
وخلال كلمته بالمبادرة، قال وزير الطاقة القطري سعد الكعبي، إن كأس العالم لكرة القدم 2022 سيكون أول بطولة خالية من البصمة الكربونية، مضيفا: “بزراعة مليون شجرة قبل بدء المنافسات و10 ملايين شجرة بحلول 2030 ».
من جهته، أشار رئيس وزراء المغرب عزيز أخنوش، أن بلاده تستهدف خفض الانبعاثات الدفيئة بنسبة 45 بالمئة بحلول 2030، وغرس 500 ألف نخلة سنويا في إطار الاستراتيجية الفلاحية الجديدة.
وذكرت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد، أن موازنة العام المالي الحالي المنتهية في يونيو/حزيران المقبل، تتضمن 691 مشروعاً أخضرا باستثمارات 447 مليار جنيه (28.47 مليار دولار) في 12 قطاعاً.وأضافت: “نستهدف أن تشكل المشروعات الخضراء 30 بالمئة من مشروعات الحكومة بحلول 2024”.
وقال نائب رئيس الوزراء العراقي علي علاوي، إن بلاده تخطط لإنتاج 7.5 غيغاوات قبل نهاية 2023، لسد فجوة الطاقة الحالية، وللوصول إلى 12 غيغاوات طاقة شمسية خلال السنوات العشر المقبلة.
من جهتها، دعت رئيسة وزراء تونس نجلاء بودن، الدول المانحة لزيادة ضخ التمويل إلى الدول النامية، لدفع تقدمها نحو الاقتصاد الأخضر.
وذكر رئيس وزراء باكستان عمران خان، أن 60 بالمئة من الطاقة في بلاده ستكون نظيفة بحلول 2030، و30 بالمئة من النقل والمواصلات ستكون كهربائية.
وفي افتتاح أعمال القمة، أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مبادرات للمناخ بقيمة 39 مليار ريال (10.4 مليارات دولار) تساهم السعودية بـ 15 بالمئة منهما.
وأعلن بن سلمان في كلمته خلال إطلاق مبادرة « الشرق الأوسط الأخضر » في الرياض، الإثنين، تأسيس مركز إقليمي للإنذار المبكر بالعواصف في المنطقة.
كما أعلن عن تأسيس مركز إقليمي للتنمية المستدامة للثروة السمكية، ومركز إقليمي لاستمطار السحب، وإنشاء منصة تعاون لتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، ومؤسسة المبادرة الخضراء غير الربحية لدعم أعمال القمة مستقبلا.
وتجمع قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر قادة ومسؤولين بارزين من المنطقة والعالم بهدف تعزيز التعاون وتوحيد الجهود نحو تنفيذ الالتزامات البيئية المشتركة.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت المملكة عن مبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” لتحسين جودة الحياة من خلال زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتحييد الآثار الناتجة عن النفط وحماية البيئة.
المناخ والبيئة..الرهانات والتحديات
قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة إنه من الواضح أن الاقتصاد العالمي يتجه بشكل لا رجعة فيه نحو إزالة الكربون من جميع القطاعات، لكنها دعت في كلمتها من قلب المملكة العربية السعودية إلى ضرورة التأكد من أن يكون الانتقال إلى صافي انبعاثات صفرية منصفا لجميع الأشخاص، وجميع المناطق، خاصة تلك التي تعتمد على عائدات النفط والغاز.
وقالت السيدة أمينة محمد في كلمة خلال قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي استضافتها السعودية في 25 تشرين الأول/أكتوبر: « بالنسبة لهذه البلدان، فإن التحول من الوقود الأحفوري سيكون بلا شك تحديا ذا أبعاد ملحمية، ويتطلب استثمارات موسعة وموجهة لدعم أولئك الذين سيتأثرون بشكل مؤقت».
نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد : في معركتنا ضد تغير المناخ، يعتبر الفشل خيارًا وليس يقينًا.
وقد جمعت قمة مبادرة « الشرق الأوسط الأخضر » بين قادة من المنطقة والعالم بهدف تعزيز التعاون، ورص الصف من أجل تنفيذ الالتزامات البيئية المشتركة. وأشادت أمينة محمد بمساعي القادة، وخاصة المملكة العربية السعودية التي تقود الجهود لتحقيق الأهداف العالمية ومكافحة تغير المناخ.
وتهدف القمة إلى تشكيل أول تحالف من نوعه في المنطقة لمكافحة التغير المناخي في الشرق الأوسط، ولتوفير منصة تجمع بين المعرفة ورأس المال، إضافة إلى وضع أسس “دبلوماسية المناخ” والتي تتضمن تعزيز الإرادة السياسية اللازمة لإحداث التغيير الجذري.
وقالت السيدة أمينة محمد إن ثمة حاجة إلى تقليل واستقرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بشكل عاجل إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. « هذا يعني خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010 ».
منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأكثر تضررا مناخياً.
تُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أكثر المناطق المعرضة بشكل خاص لتأثيرات تغير المناخ، وتُضاف هذه المخاطر إلى مجموعة أخرى من التحديات التي تواجهها المنطقة، مثل الإجهاد المائي والتصحر وانعدام الأمن الغذائي والتهجير القسري وموجات الحر الشديدة.
وتطرقت السيّدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، إلى هذه التحديات وسبل معالجتها.
وقالت إنه تم تصميم المبادرة بحيث لا تساعد فقط في تقليل الانبعاثات من صناعة النفط والغاز في المنطقة، لكنها ستخلق أيضا مصارف كربون جديدة وتساعد على استعادة وحماية مساحات شاسعة من الأراضي من خلال التشجير. وأشارت إلى أن الطموح لزراعة 50 مليار شجرة
« مثير للإعجاب حقا، وسيكون له العديد من الفوائد المشتركة للناس ».
أمينة محمد: إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فستواجه هذه المنطقة 200 يوم من الحرارة الشديدة
وأضافت: « في الغالب، ما سمعته اليوم هو التزام سياسي ورؤية استراتيجية لتحويل اقتصادات المنطقة بعيدا عن نموذج تنمية غير مستدام قائم على الصادرات السلعية إلى نموذج تنموي جديد في انسجام أفضل مع الطبيعة ومناسب لتحديات القرن الحادي والعشرين ».
لكنها حذرت من « انتقال الطاقة الذي تتم إدارته بشكل سيئ الذي قد يؤدي إلى انحدار العالم إلى حالة من عدم المساواة والفقر والاضطرابات ».
ودعت السيدة أمينة محمد إلى التحرك بسرعة: « إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فستواجه هذه المنطقة 200 يوم من الحرارة الشديدة، ودرجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، كل عام بحلول نهاية القرن ».
وأضافت أيضا أن المنطقة لديها أصول هائلة يمكن الاستفادة منها، مما قد يجعلها المرشح الأوفر حظا كرائد أول لاقتصاد مرن وشامل في مرحلة ما بعد الكربون.
مبادرة « الشرق الأوسط الأخضر » هي نهج إقليمي وتعاوني
تأتي قمة مبادرة « الشرق الأوسط الأخضر » قبل أيام من قمة مجموعة العشرين في روما، وتسبق أيضا مؤتمر الأطراف السادس والعشرين للمناخ في غلاسكو.
وشددت السيدة أمينة محمد على أن التضامن والإنصاف من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام متعدد الأطراف، وقالت: « لهذا السبب يُسعدني أن أرى أن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر هي نهج إقليمي وتعاوني للعمل المناخي » .
وحثَّت على الاستعداد لحضور مؤتمر الأطراف السادس والعشرين « لجعله ليس فقط نجاحًا ولكن أيضا نقطة تحوّل حقيقية لتحقيق انتقال صديق للبيئة ومرن وعادل ».
وللاستعداد للمؤتمر، اقترحت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة على الدول، تقديم مساهمات وطنية محدثة منقحة تقرّب العالم إلى هدف خفض الانبعاثات، كما دعت الدول إلى “التكيّف” عن طريق تخصيص 50 في المائة على الأقل من التمويل الموضوع للمناخ من أجل التكيّف.
وقالت: « يتطلب التفعيل الكامل للمادة 2.1ج من اتـفاق باريس أن تتدفق جميع الأموال العامة والخاصة نحو الاستثمارات التي تتماشى مع أهـداف التنمية المستدامة واتـفاق باريس ».
كما دعت الجهات المالية الخاصة إلى المشاركة في الإطار المشترك لمجموعة العشرين لمعالجة الديون، لضمان قدرة البلدان النامية على الحفاظ على مستويات مستدامة من الديون دون أن يُطلب منها إجراء مقايضات مستحيلة على حساب شعوبها والكوكب.