أثار مشروع توسعة شارع محمد السادس بالرباط موجة انتقادات واسعة، بعد أن حددت لجنة نزع الملكية سعر المتر المربع لتعويض الملاك المتضررين بـ100 درهم فقط، في واحدة من أغلى مناطق العاصمة حيث تتراوح الأسعار بين 4000 و5000 درهم.
المستشار الجماعي عمر الحياني وصف القرار بـ”العبث الإداري”، مؤكّدًا أن الدولة تحتسب الضرائب على المواطنين وفق القيمة السوقية، لكنها حين تعوضهم تعتمد أسعارًا بخسة أشبه بما سمّاه “الريكلام”. وأوضح أن الملاك سيلجؤون إلى القضاء للطعن في هذه التعويضات، غير أن ذلك لن يتم إلا بعد معاناة طويلة مع المساطر الإدارية.
الحياني لم يقف عند مسألة التعويضات فقط، بل وصف المشروع برمّته بـ”الغبي”، مذكّرًا بأن شارع محمد السادس من أوسع شوارع العاصمة ويضم ستة ممرات، وقد خضع قبل فترة قصيرة لإصلاحات كلفت ملايين الدراهم. وأضاف أن التوسعة الجديدة ستجعل منه “طريقًا سيارًا يخترق المدينة”، بما يشكله ذلك من مخاطر على السلامة الطرقية وتناقض مع مبادئ التهيئة الحضرية الحديثة التي تشجع على الحد من حركة السيارات لفائدة النقل المستدام.
وختم تدوينته بالإشارة إلى الخطاب الملكي الأخير الذي دعا إلى القطع مع “مغرب بسرعتين”، متسائلًا: “أليس من الأجدر تحويل ميزانية هذه التوسعة إلى شوارع سلا أو تمارة التي ما زالت تعيش في قرن آخر؟”
إن ما يجري اليوم في الرباط ليس مجرد خطأ إداري عابر، بل تجسيد لانفصام القرار المحلي عن منطق العدالة والنجاعة. فالجهات المنتخبة التي يفترض أن تدافع عن حقوق المواطنين، والحكومة التي تراقب حسن تدبير المال العام، تتحملان معًا مسؤولية هذا العبث الذي يهدر الموارد ويعمّق الفوارق المجالية. القضية ليست توسعة شارع فحسب، بل نموذج صادم لفقدان البوصلة في التخطيط الحضري وغياب رؤية منصفة في تعويض المتضررين.















