في ملعب الٱراء
وفي ختام كأس أمم إفريقيا، لا بد أن نشيد ” بشخصية منتخب مصر”، المنتخب العظيم الذي لا يمكن ان نختلف على أنه علامة بارزة في القارة السمراء والكرة العربية، بفلسفة وتاكتيك خاصين، جعلاه يتربع على عرش أمم إفريقيا، معتمدا على قاعدة “صنع في مصر” كعلامة تميز بارزة، ولأن المغرب لا يختلف عن مصر من حيث عشق شعبي البلدين لكرة القدم، تجوز لنا المقارنة هنا ولو من باب ذكر الملامح الواضحة للنجاح هناك والفشل هنا!
في باب هذه المقارنة بين المغرب ومصر، ما يتم توفيره للمنتخب المغربي من إمكانيات مادية هائلة، تفوق دائما الامكانيات التي يتم توفيرها للمنتخب المصري ” ماديا” إلا أن منتخب مصر، حتى وإن كان تاريخيا لا ينتصر على المغرب في المواجهات المباشرة، باسثناء 2017 و2022، وسنة اخرى قبل ميلاد الثورة المصرية في كرة القدم، إلا أنه يتفوق على المغرب في ” الكرينتا وفي الأمتار الأخيرة والنتائج الحاسمة، فحتى في تلك المباراة الشهيرة التي سجل فيها حجي هدفه التاريخي في شباك مصر، عاد الفراعنة في النهاية وتوجوا باللقب القاري .
السر وراء الانتصار المصري يتمثل كما أشرنا سابقا في ” صنع في مصر” كعلامة بارزة تميز الأداء المصري على مر التاريخ، لطالما كان نادي الزمالك ونادي الأهلي، مرجعي الكرة المصرية في المنتخب الأول، على عكسنا نحن، لا نرى تأثيرا لقوة الوداد او الرجاء في المنتخب الأول ولو كانا في أوج عطائهما قاريا مثلما حدث مع الناديين في السنوات الاخيرة، وهنا نطرح السؤال البريئ فقط عن الاسباب، ولنا مرجعية تاريخية تقول أن المنتخب عندما كان يعتمد على لاعبي الجيش الملكي بنسبة كبيرة، كان علامة بارزة حتى لو لم ينجح حينها في تحقيق الالقاب، ولنا الحق مرة اخرى في نبش الذاكرة لمعرفة الأسباب، طبعا ليس المقصود هنا الرجاء او الوداد او الجيش وفقط، بل المقصود هنا هو الاستفادة من قوة الأندية بجميع الالوان لصالح المنتخب في كل الأوقات.
عندما أحاول في كل مرة التأكيد على ضرورة تقدير ودعم المنتوج المحلي، بل “بناء الانسان لبناء الوطن” في مختلف المجالات، فأنا لا أقصد بذلك الانتقاص من المنتوج المستورد، ولا تغضبوا مني إن وصفت اللاعبين المجنسين بالمنتوج المستورد، لأنهم شئنا أو أبينا، هم كذلك، وحملهم للقميص الوطني وإن كان عن حب، فإنه يبقى من باب محاولتنا لتقوية خطوطنا بالاعتماد على مغاربة العالم اللذين بالتأكيد هم مغاربة ونقدرهم، لكننا لم نساهم أبدا في تكوينهم، بل نستنجد بهم بعد فشلنا في صناعة النجاح داخليا، ونلومهم عند الخسارة ونقول، هؤلاء لا يبللون القميص، لأنهم يفتقدون لإحساس ما، ربما هذا حكم قاسي نصدره، وما دمنا ندخل في هذه الدوامة دائما، وننتقد ضعفنا من جهة أخرى، ضعفنا في التكوين المحلي، فلماذا لا نتوقف ولو لبرهة قصيرة للتفكير الجدي دون مزايدات ومن أجل الوطن وفقط؟ لا نريد بطولات الٱن، نريد تفكيرا جديدا واستراتيجية واضحة للمستقبل، نزرع فيها الان داخليا وخارجيا ونحصد غدا.
من الطبيعي ان لا تحصل على نتائج مختلفة وأنت تقوم بنفس الأخطاء، ومن الطبيعي ان تحصد النتائج الايجابية عندما تكرر الخطط الإيجابية، قاعدتين تصلحان في باب المقارنة بين منتخبي مصر والمغرب، على سبيل المثال، في اللحظة التي كان الاتحاد المصري لكرة القدم غاضبا من صلاح، لم يتم الخلط بين هذا الخلاف وبين أحقية صلاح في حمل القميص الوطني، في حين أن مجرد خلاف تواصلي او اختلاف في وجهات النظر، حرمت حمد لله وزياش ومزراوي من حمل القميص وفي طريقها لحرمان بونو، ولمجرد اننا يجب ان نعتمد على المحترفين ندخل الحدادي مكان رحيمي ونحرم الشيبي من الظهور بقميص المنتخب الوطني، فإذا كان المنتخب المصري نجح في المزج بين المحترفين كالنيني وصلاح وبين ابناء الاندية المحلية وصنع بهما منتخبا قويا ومحترما، فشلنا نحن في التعامل مع نجومنا بالخارج ونجومنا بالداخل، مما يؤكد أن بطولتنا ليست فاشلة لتلك الدرجة وان محترفينا ليسوا مفتقدين لذلك الاحساس لتلك الدرجة، بل هناك خلل في العقليات التواصلية التي تدير كرة القدم بعقلية غير رياضية بتاتا وتريد في نفس الوقت ان تحصد نجاحا رياضيا مفترضا، كيف يعقل ذلك، ومتى سنتعلم الدرس ونزرع اليوم لنحصد غدا؟