تفاعلت مجموعة من المنابر الإعلامية المحلية والوطنية مع الدعوات لوضع ميثاق أخلاقي جديد يؤطر تدبير جماعة تطوان، بما يضع حدا لسلسلة من الفضائح التي بلغت ذروتها مع انتخاب المجلس الحالي برئاسة مصطفى البكوري، بما يؤهله لأن يدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية.
بدأ هذا المسلسل “المشوق” باعتقال ثم إدانة مستشار جماعي بعد أن ثبت للمحكمة تورطه في قضية تتعلق بالتزوير، وتلته مستشارة قضت ما تيسر ضيفة بسجن الصومال في قضية مخدرات، ثم قضية أحد نواب الرئيس المتعلقة بالنصب والاحتيال أوما سمي إعلاميا ب “المال مقابل التوظيف”. وأخيرا ملف الدعم المالي السخي لجمعية أحد المستشارين الجماعيين.
إن ما يحدث في جماعة تطوان، ليس مجرد صدفة أو “تقويسة” عين حسود، بل هو نتيجة لتظافر عوامل متعددة أبرزها: مخطط مدروس ينجزه بعض محترفي السياسة عن سبق إصرار وترصد، والذين يعتبرون وصولهم لتدبير الشأن الجماعي أداة لتسخير بعض مرافق الجماعة الحيوية (التعمير، الرخص، دعم الجمعيات، الثقافة…)، وجعلها في خدمة أطماعهم ومصالحهم الشخصية.
العامل الثاني يرتبط بتراجع فظيع في تراجع منسوب القيم ونظافة الحياة السياسية الحزبية بالمدينة إذ أصبح بعض أصحاب الشكارة الأشباه الأميين يتحكمون في الدواليب الحزبية وفي العمليات الانتخابية وجمع الأصوات عبر توليفة عجيبة قوامها ” المرقة” و “الزرقة”.
إن الإيمان بدور الأخلاق والقيم في تشذيب وتهذيب النفوس وكبح جماح الغرائز المتوحشة أمر لا جدال فيه، لكن بموازاة ذلك، نشعر نحن معشر المواطنين البسطاء، أننا في حاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى، إلى تفعيل المبدأ الدستوري الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة لحمايتنا من تغول هؤلاء الذين يستمدون نفوذهم من التسيب واستفحال مظاهر الرشوة واستغلال النفوذ في حياتنا العامة.
من هنا فمن واجب السلطات العمومية والنيابة العامة، باعتبارها تمثل المجتمع، إيلاء عناية فائقة لتقارير الجمعيات الحقوقية وبعض المنابر الإعلامية بهذا الصدد، باعتبار المقاربة الزجرية، أو الحاجة إلى الزرواطة، في المرحلة الراهنة، أولوية قصوى لبث روح الطمأنينة لدى المواطنين وتحقيق السلم الاجتماعي.