أسلمت الفنانة المغربية خديجة أسد الروح إلى بارئها، مساء الأربعاء 25 كانون الثاني/ يناير، عن سن يناهز 71 عاما، وذلك بعد صراع طويل مع المرض.
هذا الرحيل كان بمثابة صدمة حقيقية لكل المشهد الفني المغربي، فقد رحلت في صمت، كما عانت دون أن تثير أي ضجة، والتحقت برفيقها وشريكها في الفن والحياة الفنان عزيز سعد الله الذي غادرنا بدوره، عام 2020.
كلاهما خديجة وعزيز رحلا في سن متقارب وهو العقد السابع، وكما خلفت وفاة سعد الله الألم والصدمة، كذلك نعى الجميع خديجة أسد وبكاها الكل دون استثناء فهي واحدة من الوجوه المحبوبة والرائدة في الفن المغربي على مستوى الدراما والكوميديا والمسرح.
آخر أعمالها الأكثر انتشارا، كان سيتكوم «للا فاطمة» الذي ادخل الفرحة وأمتع جمهور التلفزيون في المغرب، وكان بداية لمرحلة من «السيتكومات» لم تتمكن من مضاهاته مطلقا.
حضورها كان ثنائيا، لا يمكن الحديث عن خديجة أسد دون عزيز سعد الله وكذلك العكس وذلك طيلة ثلاثة عقود ويزيد من العطاء المتواصل، ويبدو أن تلك العشرة وذلك النبض قد أثرا في يوميات الفنانة بعد رحيل زوجها، وها هي تسلم الروح وتغادر دنيا الناس.
أول من نعى الفنانة الراحلة كانت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، التي قالت إن الراحلة خديجة أسد من الفنانات البارزات، و»برحيلها تفقد الساحة الفنية الوطنية، شخصية فنية كبيرة سيبقى اسمها خالدا في قلوبنا جميعا».
وتابعت الوزارة نعيها بالقول «عشنا مع الراحلة خديجة أسد، لحظات لا تنسى في شاشات التلفزة وقاعات السينما، إلى جانب رفيق دربها الراحل عزيز سعد الله».
ونعت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية خديجة أسد وذكرت بمسارها وروحها النضالية من اجل المهنة، حيث كانت إلى جانب زوجها الراحل سعد الله من الجيل الذي أسس النقابة.
الفنان عبد المجيد فنيش، خصص ورقة نعي بليغة، اختار لها عنوان «خديجة أسد… كنزة الأوْرَوبية بلمسة صدّيقية».
وكتب فنيش في ورقته التي تلقت «القدس العربي» نسخة منها، «خديجة أسد: انطلقت غاية في الشموخ، ورحلت غاية في البهاء، هكذا كانت مسيرتها الفنية بين علامتين، يسميها اخرون صيحتين: الأولى يصيح فيها المولود في وجه اهله حين الخروج من الرحم، واما الثانية فيصيح فيها الاهل في وجه هذا المولود حين تفيض روحه بعد عمر كان كتابا مؤجلا».
واسترجع فنيش بعد تفاصيل من الذاكرة، وهو يقول «دوما والى غاية اللحظة، ستبقى صورة خديجة اسد امام عيني وفي عمق الذاكرة، وهي تقف في عنفوان عنفوانها الباذخ، في مشهد ماتع من الخالدة مسرحية (مولاي ادريس) التي صاغها الاديب الشاعر احمد عبد السلام البقالي، ونحتها على الركح العميد العمدة الطيب الصديقي.
كان هذا، على خشبة سينما الامبير في فاس، شهر آذار/ مارس سنة 1964, وقد وضع الصديقي ثقته في خديجة اسد لتشخص دور كنزة بنت عبد الحميد الأوربي، امير قبيلة اوربة التي بايعت المولى ادريس الاكبر، وتم ساعتها زواجه مع كنزة لتكون والدة لباني مدينة فاس، المولى ادريس الازهر.
ويصل فنيش في ختام ورقته ليقول «ها هي خديجة اسد تحط الرحال في دار البقاء، بعد ان شكلت على مدى نصف قرن أحد اقوى وأبهى ثنائي درامي مغربي في رفقة حبها عشقها زوجها، الفقيد سعد الله عزيز تغمده الله بواسع الرحمة».