يكاد الفلسطينيون يتفوقون عددا على اليهود في أرض فلسطين التاريخية الممتدة بين البحر المتوسط غربا ونهر الأردن شرقا، التي تضم كلا من دولة إسرائيل ومناطق الحكم الذاتي بإدارة السلطة الوطنية الفلسطينية.
هذا ما يتضح من معطيات رسمية من دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية والإحصاء الفلسطيني.
وقالت عُلا عوض، رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إن الفلسطينيين واليهود يتساوون عددا في أرض فلسطين التاريخية.
ووفق معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإن 6.9 ملايين يهودي يعيشون في إسرائيل، وهي معطيات تشمل المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
لكن بعد أسبوعين فقط من نشر هذه المعطيات، فإن الدائرة الإسرائيلية ذاتها قالت إن عدد اليهود في إسرائيل بلغ 7 ملايين نسمة.
نحو 7 ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية، مقابل 6.9 ملايين يهودي يعيشون في إسرائيل
في المقابل، يقول الإحصاء المركزي الفلسطيني في معطيات رسمية، إن نحو 7 ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية بينهم 3.2 ملايين نسمة في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وتفيد الإحصاءات أن 2.1 مليون نسمة في قطاع غزة و1.7 ملايين نسمة يعيشون في المدن والبلدات العربية والمختلطة في إسرائيل.
أعداد الفلسطينيين تزيد
وأكدت علا عوض، مهنية البيانات التي تجريها دائرة الإحصاء الفلسطينية للسكان.
وقالت: “الرقم الإحصائي الفلسطيني مهني إلى أبعد الحدود، وهو يشمل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني”.
وبخصوص إحصاء فلسطيني 1948 في إسرائيل، أفادت عوض أن مصدرها منشورات دائرة الإحصاء الإسرائيلي.
وأضافت: “لا أقدّر أعدادهم إلا وفق المعطيات التي ينشرها الإحصاء الإسرائيلي”.
وعلى مدى سنوات عديدة، تشير تقارير إلى أن أعداد الفلسطينيين واليهود في فلسطين التاريخية تتقارب، لكن المعطيات الرسمية الفلسطينية والإسرائيلية تتحدث عن تفوّق أعداد الفلسطينيين فعلا.
وقالت عوض: “أعداد الفلسطينيين تزيد لعدة عوامل، أولها معدل النمو عند الفلسطينيين أعلى بكثير من الإسرائيليين، ومعدل الخصوبة لدى المرأة الفلسطينية أعلى منه لدى المرأة الإسرائيلية”.
واستنادا على معطيات الإحصاء الإسرائيلي، فإن عدد اليهود في فلسطين التاريخية عشية الحرب العالمية الثانية بلغ 449 آلاف نسمة، أي ما يوازي 3 بالمئة من عدد اليهود في العالم آنذاك.
وبحلول عام 1948، عشية إعلان إسرائيل عن تأسيس نفسها، بلغ عدد السكان اليهود 650 ألف نسمة، أي ما يوازي 6 بالمئة من عدد اليهود في العالم.
وتشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن عدد اليهود في العالم نهاية عام 2020 كان 15.2 ملايين نسمة.
أعداد الفلسطينيين تزيد لعدة عوامل، أولها معدل النمو عند الفلسطينيين أعلى بكثير من الإسرائيليين، ومعدل الخصوبة لدى المرأة الفلسطينية أعلى منه لدى المرأة الإسرائيلية
زيادة الإسرائيليين بالهجرة
بحسب المعطيات الإسرائيلية، فإن إسرائيل هي موطن العدد الأكبر من اليهود في العالم، حيث بلغ عددهم نحو 6.9 ملايين (45 بالمئة من مجموعهم في العالم).
تلي إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعيش فيها 6 ملايين يهودي، بينما يعيش 445 آلاف منهم في فرنسا، و393 ألفا في كندا، و292 ألفا في بريطانيا.
في حين يعيش 175 ألفا منهم في الأرجنتين، و150 ألفا في روسيا، و118 ألفا في ألمانيا، و118 ألفا في أستراليا.
في المقابل، يقول الإحصاء الفلسطيني إنه “رغم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني عام 1948 ونزوح أكثر من 200 ألف غالبيتهم إلى الأردن بعد حرب حزيران 1967، بلغ عدد الفلسطينيين الإجمالي في العالم نهاية عام 2021 نحو 14 مليون نسمة، ما يشير إلى تضاعف عددهم نحو 10 مرات منذ أحداث نكبة 1948”.
وتشير الإحصاءات إلى أن نصف عدد الفلسطينيين يعيشون في فلسطين التاريخية، ومع زيادة أعدادهم نتيجة المواليد الجدد، فإن أعداد الإسرائيليين اليهود تزداد نتيجة هجرة اليهود إلى إسرائيل.
وفي هذا الخصوص، تشير الإحصاءات الإسرائيلية إلى أن 38 ألف يهودي هاجروا إلى إسرائيل خلال عام مضى.
ولفتت إلى أنه منذ الإعلان عن إقامة إسرائيل، هاجر 3.3 ملايين يهودي إلى إسرائيل بينهم 1.5 مليون (أي حوالي44.7 بالمئة) هاجروا إلى إسرائيل بعد عام 1990.
وقالت عوض: “العامل الأساسي لزيادة اليهود هي الهجرة إلى إسرائيل، وأعداد المهاجرين تختلف من سنة إلى أخرى وهذا يُحدِث فرقا في نسبة النمو السكاني”.
وأضافت: ” فيما يتعلق بالنمو السكاني الفلسطيني، فإنه ناتج أساسا عن صافي المواليد والوفيات، ولأن الوضع الصحي عندنا جيد والخدمات الصحية جيدة فإن صافي الوفيات والمواليد ممتاز”.
وتابعت عوض: “لو تمكنّا من جلب الفلسطينيين من الشتات فإن أعداد الفلسطينيين ستزداد بشكل كبير جدا”.
وفي حين أن القانون الإسرائيلي يسمح لكل يهود العالم بالهجرة إلى إسرائيل، فإن القانون ذاته يمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم وممتلكاتهم التي هجروا منها عام 1948.
التعداد الإسرائيلي ناقص
وأوضحت عوض أن “هجرة اليهود إلى إسرائيل تخلخل الميزان الديمغرافي لصالح اليهود”، واستدركت: “لكن إذا بقي معدل النمو على ما هو عليه، فإن الفلسطينيين سيتفوقون عددا بشكل واضح”.
وزادت: “أما إذا بقيت معدلات النمو هي العامل الأساسي كما هو قائم حاليا، فحتى مع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، فإن أعداد الفلسطينيين ستزيد ديمغرافيا”.
نسبة اليهود عموما في فلسطين آخذة في الانخفاض بسبب ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية بين السكان العرب”.
وعادة ما يُنظَر الى الأرقام بتجرد، لكن الكثير من اليهود في الإحصائيات الرسمية الإسرائيلية لا يتواجدون في إسرائيل فعلا.
ولدى مئات الآلاف من اليهود جنسيات أخرى غير الإسرائيلية، ولا يمنعهم القانون الإسرائيلي من الإقامة خارج البلاد.
وقالت عوض: “الإسرائيليون لا يقومون بتعداد كامل مثلنا، إنما يعتمدون على السجلات السكانية الخاصة بهم”.
وأضافت: “في فلسطين نجري حصرا شاملا بغض النظر عمّن يقيمون خارج البلاد، ولو كان شخص مثلا يملك هوية فلسطينية لكنه يقيم خارج البلاد فإنه لا يشمله التعداد”.
وفي دراسة صدرت في يوليو/تموز 2021، أكد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، أن “نسبة اليهود عموما آخذة في الانخفاض بسبب ارتفاع معدل الزيادة الطبيعية بين السكان العرب”.
وأفاد المعهد: “في حين كانت نسبة اليهود 80.6 بالمئة من عدد السكان في إسرائيل عام 1995، بلغت 77.8 بالمئة في عام 2000، و76 بالمئة عام 2005، و75.4 بالمئة عام 2010، و74.8 بالمئة عام 2015، و73.9 بالمئة عام 2020”.
وقال المعهد الإسرائيلي، بعد احتساب مهاجرين غير يهود لصالح السكان اليهود: “عدد اليهود يفوق عدد الفلسطينيين في الميزان الواسع”.
وأضاف: “إذا استمر السكان الفلسطينيون في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة في النمو بمعدل أسرع من السكان اليهود، فمن المتوقع أن يتغير هذا التوازن في مرحلة ما”.