عقدت أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الثلاثاء بالرباط، ندوة أدبية بعنوان “الوهج المكنون في آثار عبد الله كنون”، تحتفي العلامة والمفكر المغربي الراحل عبد الله ڭنون، تم خلالها تسليط الضوء على إسهاماته الفكرية والنضالية.
وشهدت الندوة، المنظمة بالتنسيق مع مؤسسة عبد الله ڭنون للثقافة والبحث العلمي، تقديم شهادات لشخصيات أدبية وفكرية وأكاديمية عايشت تجارب المحتفى به الفكرية ونضالاته الوطنية، أبرزت الإسهامات الفكرية والأدبية التي أغنى بها العلامة عبد الله ڭنون المكتبة المغربية والعربية الإسلامية.
وقال أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، عبد الجليل لحجمري، في كلمة بالمناسبةـ إن الراحل عبد الله ڭنون كان من المفكرين الذين وضعوا اللبنات الأولى لمشروع نهضوي يسعى لتحصين الذات الثقافية والهوية الحضارية للمغرب، وترسيخ قيم الولاء للوطن والعقيدة والتراث.
وأضاف أن انشغالات العلامة الراحل كانت تتركز في الأساس على مشروعه الوطني والفكري، الذي كان يكمن في تجديد الفكر الديني، والدفاع عن استقلال الوطن وسيادته وتراثه، والعمل على تعزيز الثقة في الهوية الحضارية المغربية.
كما أشار لحجمري إلى المسار السياسي لعبد الله ڭنون، من خلال انخراطه منذ صغره في الحركة الوطنية، مبرزا أن الراحل كان يدعو إلى التحرر الفكري والوطني من الهيمنة الاستعمارية، وتحرير العقل من قيود التقليد، وكذا التحرر من القابلية للاستعمار.
وعن تنظيم هذا التكريم، قال لحجمري إن الأمر يأتي في إطار تنزيل الأهداف الهيكلة الجديدة لأكاديمية المملكة المتمثلة في تشجيع البحث العلمي وتطويره، وتفعيل مشروع الاحتفاء بوجوه الفكري المغربي والشخصيات التي أضاءت دروب النهوض الوطني والإنساني، وتقديم قراءات في حفريات مخزون الذاكرة الوطنية وإسهاماتها الفكرية التي تنير سبل النهوض والتطور للمجتمع المغربي.
وفي كلمة مماثلة، أكد رئيس مؤسسة عبد الله ڭنون للثقافة والبحث العلمي، محمد ڭنون، أن “المفكر عبد الله ڭنون سما في علوم ومعارف متعددة”، خصوصا الأدب والتاريخ والفكر الإسلامي، مبرزا أنه استطاع تكييف أبحاثه ودراساته لتتجاور مع متطلبات عصره، وأسهم بإبداعه الفكري ببحوث ودراسات أغنت الفكر الإسلامي.
وأبرز المتحدث مساهمات الراحل داخل صفوف الحركة والوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، مشيرا إلى العلاقة التي كانت تربطه بالعديد من الشخصيات الوطنية مثل عبد الكريم الخطابي ومحمد علال الفاسي وعبد السلام بنونة وغيرهم، مشيرا إلى أن ڭنون كان يساهم كذلك في المجال الفقهي من خلال محاربته للفتاوى التي كان ينشرها المستعمر لإشعال فتيل الفتنة في البلاد.
واعتبر أن احتفاء أكاديمية المملكة المغربية بمثل هذه الشخصيات التي برزت في الساحة الفكرية بالمغرب يعد بمثابة إحياء للتراث المغربي والتاريخ الفكري والمعرفي للمغاربة.
من جانبه، قال عضو الأكاديمية، محمد فاروق النبهان، في كلمة تليت باسمه، إن العلامة الراحل عبد الله ڭنون كان “رمزا علميا شامخا”، وتميز باعتزازه الشديد بالثقافة المغربية وسعيه لإغناء التراث الإسلامي، إضافة إلى الحكمة التي كان يمتاز بها في المواقف التي مكنته من قيادة رابطة علماء المغرب.
وتتواصل فعاليات هذه الندوة الاحتفالية بالمفكر الراحل عبد الله ڭنون، بلقاء علمي بعد غد الخميس ابتداء من الساعة التاسعة والنصف، بقاعة قصر مولاي عبد الحفيظ بطنجة، سيتم خلاله عرض فيه بعض البحوث العلمية، على أن يختتم بالإعلان عن موضوع جائزة “عبد الله ڭنون”.
وكان عبد الله كنون (1908-1989) فقيها وسياسيا وأديبا، من أهم العلماء والمفكرين، وأحد أعمدة اللغة العربية بالوطن العربي. درس العلم بجامعة القرويين بفاس على يد كبار المشايخ العلماء في ذلك الوقت.
واهتم بالأدب واللغة العربية والشريعة، حيث نال عضوية عدد من المجامع اللغوية العربية مثل دمشق والقاهرة وعمان وبغداد. كما كان له اهتمام بالمجال الصحافي، إذ كان يكتب في في صحف ومجلات متنوعة في العالم العربي والإسلامي.
وشغل كنون قيد حياته العديد من المناصب، مثل أستاذ في المعهد العالي وكلية أصول الدين بتطوان، ومدرس في المعهد الديني العالمي بتطوان، ومحافظا على مدينة طنجة عام 1957. كما كان عضوا بالمجلس الأعلى للتعليم الإسلامي في الرباط وتطوان، وعضوا في لجنة الأبحاث العلمية المشتركة في الرباط، ورئيسا لرابطة علماء المغرب.