نيويورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”: طالب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في كلمته المطولة أمام المجتمع الدولي في مقر الأمم المتحدة، بتمكينه من العودة إلى بلده الأصلي صفد لأنه لاجئ، حسب القرار 194 الذي اعتمد عام 1948 وعرف باسم قرار “حق العودة”. وقال إن إسرائيل التزمت خطيا عند قبولها عضوا في الأمم المتحدة بتنفيذ قرار 181 (التقسيم) وقرار 194 (حق العودة) وهي لم تلتزم بأي من القرارين وعليه يجب تعليق عضويتها في الأمم المتحدة إن استمرت في عدم تنفيذ القرارات ذات الصلة والتزاماتها بحل الدولتين.
عباس: يجب تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة لأنها لم تلتزم بتنفيذ قراراتها
وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت، لأول مرة في تاريخها، القرار (A-77-L. 23) بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 ينص على إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية في الخامس عشر من شهر أيار/مايو. وقد حصل القرار على 90 صوتًا مؤيدا، بينما صوتت 30 دولة ضده، من بينها المملكة المتحدة وألمانيا وكندا والسويد، إضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين امتنعت 47 دولة عن التصويت.
وقد ألقى محمود عباس كلمة استمرت 57 دقيقة في قاعة غرفة الاجتماعات رقم 4 بدلاً من قاعة الجمعية العامة. وقد تغيب كل من رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الجلسة وبعث بوكيلة الأمين العام للشؤون السياسية، روز ماري ديكارلو، التي ألقت كلمة نيابة عن الأمين العام.
وحضر الجلسة العديد من مندوبي الدول والعديد من ممثلي جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز والدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني.
وستشهد ساعات المساء عدداً من الفعاليات بما فيها الاستماع إلى شهادات حية من ناجين وبرنامج ثقافي تتخلله الأغاني الوطنية والفقرات الموسيقية إضافة إلى معرض للصور.
وحاولت الممثلية الإسرائيلية في الأمم المتحدة، كما وزارة الخارجية، الضغط والعمل على الحيلولة دون عقد كل هذه لكنها فشلت.
وقال عباس “إن النكبة لم تبدأ وتنتهي بعام 1948، حيث ما زالت إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني. وما زالت تتنكر للنكبة وقرارات الأمم المتحدة وحق العودة وتقرير المصير للفلسطينيين” .
عباس: تتحمل بريطانيا والولايات المتحدة على وجه التحديد مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة عن نكبة الشعب الفلسطيني
وأشار إلى استمرار احتلالها وفرضها نظام الفصل العنصري في الداخل الفلسطيني، وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقال “إن الأمم المتحدة اتخذت قرابة الألف قرار تتعلق بالقضية الفلسطينية سواء من مجلس الأمن أو من الجمعية العامة أو من مجلس حقوق الإنسان لكن لم ينفذ أي من تلك القرارات. “وركز حديثه على القرارين 181 (قرار التقسيم فلسطين) و194 (قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين) والتي التزمت إسرائيل خطيا بتنفيذهما كي تقبل عضويتها في الأمم المتحدة ويتم الاعتراف بها.
وحمل عباس المسؤولية عن الصلف الإسرائيلي إلى “دول كبرى” وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة وتقبلهما أن “تبقى دولة الاحتلال دولة فوق القانون وأن توفر لها الحماية من أي مساءلة أو عقاب بسبب الفيتو.” وتساءل عن الازدواجية في المعايير. وقال “تتحمل بريطانيا والولايات المتحدة على وجه التحديد مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة عن نكبة الشعب الفلسطيني. فهما اللتان شاركتا في جعل شعبنا ضحية، عندما قررتا إقامة وزرع كيان آخر في وطننا التاريخي وذلك لأسباب استعمارية خاصة بهما.” وقال إنه لولا الدعم الذي تلقته وتتلقاه إسرائيل منهما لما استمرت.
وتحدث عن إصدار وعد بلفور من قبل بريطانيا وبتنسيق مع الولايات المتحدة. ووصف وعد بلفور المشؤوم أغلبية السكان الفلسطينيين بـ “غير اليهود” دون أن يسميهم بالاسم “وأعطاهم حقوقاً مدنية ودينية فقط… رغم أنهم كانوا يشكلون آنذاك 96 بالمئة من كل سكان فلسطين فأين المنطق والقانون الذي يستند إليه هذا الوعد”. وتحدث عن تحمل الدول الاستعمارية المسؤولية التاريخية عن النكبة وعليها أن تتحمل في المقابل المسؤولية التاريخية في إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته.
وفند عباس في كلمته المزاعم الإسرائيلية بأن “فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، وقال: ” لم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب… عشنا فيها، نحن الفلسطينيون، منذ أن عمرها أجدادنا العرب الكنعانيون قبل أكثر من خمسة آلاف عام.” ثم تحدث عما بناه الفلسطينيون من مدن وقرى وحضارة في العصر الحديث كذلك، وأشار إلى يافا وما عرفته من تقدم وازدهار قبل النكبة. وأشار إلى الدعاية الصهيونية حول أن فلسطين كانت صحراء ولفت الانتباه إلى التطور الزراعي والأنهار والبحيرات التي قام المستعمرون الصهاينة بتجفيفها. وتحدث كذلك عن الادعاءات بأن الفلسطينيين تركوا طواعية ولفت الانتباه إلى وجود أكثر من خمسين مجزرة موثقة في حدود عام 1948 وتهجير أكثر من تسعمئة ألف فلسطيني ومحاربة بريطانيا لهم واحتلالها لفلسطين وتوفيرها للحركة الصهيونية الإمكانيات لتنفيذ مشروعها الاستعماري. واقترح على المستمعين أن يشاهدوا الفيلم الوثائقي “الطنطورة” الذي أنجزه إسرائيليون عن واحدة من تلك المذابح.
ومن جهتها، تحدثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، عن الإجراءات على أرض الواقع كالمستوطنات وهدم البيوت وغيرها التي تؤدي إلى تقويض قيام “حل الدولتين” الذي تنص عليه قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وأشارت كذلك إلى التصعيد الأخير في غزة ورحبت بوقف إطلاق النار. وشددت على ضرورة أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أهمية مداخلة المسؤولة الأممية إلا أن كلمتها بدت مكررة ولم تخرج عن نطاق الكلمات التي يقدمها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تور وينسلاند في الإحاطات الشهرية عن ضرورة إنهاء الاحتلال وحل الدولتين وغيرها من المواقف التي يتم تكرارها دون تقديم أي حلول أو ضغط فعلي على الأرض.
نيانج: مرور 75 عاما على النكبة يعني كذلك وجود أطول أزمة لاجئين في العالم
وافتتح شيخ نيانج، السفير السنغالي، ورئيس “اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف” الجلسة بكلمة عن أثر النكبة على الفلسطينيين وتدمير مئات القرى واضطرارهم للهرب وطردهم مما أدى إلى نزوح أكثر من نصف الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى استمرار معاناة الفلسطينيين في بلادهم وخارجها وعدم السماح لهم بالعودة وتقرير المصير حتى الآن، مما يعني استمرار النكبة كذلك. وتحدث عن صمود الشعب الفلسطيني وضرورة تلبية تطلعاته الوطنية.
وأكد على أن صمود الشعب الفلسطيني لا يعفي المجتمع الدولي من ضمان ودعم حقوقه. وتحدث عن أن مرور 75 عاما على النكبة يعني كذلك وجود أطول أزمة لاجئين في العالم، دون أن تجد لها حلا حتى اليوم. وشدد على أن المجتمع الدولي مدين للفلسطينيين بحل ودعم، بما يتماشى مع حقوقهم وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما فيها التعويض والعودة والاستقلال.وتحدث عن التهديد بالطرد الذي تعيشه الكثير من العائلات الفلسطينية حتى اليوم وخاصة في القدس وضواحيها.
ديكارلو: “نريد أن نرى دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن”
من جهتها، أكدت روز ماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، خلال جلسة إحياء ذكرى الخامسة والسبعين للنكبة على ضرورة تحقيق حل الدولتين الذي يؤدي إلى السلام والأمن العادل للإسرائيليين والفلسطينيين تماشيا مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات السابقة. وقالت: “نريد أن نرى دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن. وتكون القدس عاصمة لكلا الدولتين”.
وأعادت المسؤولة الأممية التأكيد على التزام الأمم المتحدة بدعم الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه غير القابلة للتصرف بتقرير مصيره وتعزيز الحل العادل والشامل والدائم في المنطقة. وقالت روز ماري ديكارلو إن إرث النكبة ما زال حيا ويدعو إلى العمل بشكل متواصل لإيجاد حل عادل ودائم للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مبينة أن هذه الجهود ظلت مركزية في عمل الأمم المتحدة منذ بداياته وأعربت عن قلق عميق إزاء تضاؤل آفاق حل الدولتين استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة، محذرة من استمرار العنف والتوسع السريع للنشاطات الاستيطانية التي تعد غير قانونية بموجب قانون الدولي.
وقالت ديكارلو إن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني تسبب في أطول أزمة لجوء في العالم مما أدى إلى إنشاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي تواصل خدماتها الأساسية لحوالي ستة ملايين لاجئ فلسطيني في الشرق الأوسط، مؤكدة على أهمية عمل الأونروا للحفاظ على الاستقرار في كافة المنطقة.