شكلت كلية قلنديا للتدريب المهني التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ملاذا لشبان يأتون من أنحاء الضفة الغربية المحتلة لتعلم حرف مهنية مختلفة، لكن يبدو مستقبل الكلية مجهولا الآن بعد قرار إسرائيل حظر الوكالة الأممية.
تقع الكلية في قلنديا قرب القدس، وتوفر تدريبا مهنيا في مجالات مختلفة مثل الكهرباء والنجارة والسباكة وغيرها.
ويثير قرار حظر الأونروا في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة مخاوف من مواجهة موظفي الوكالة في الضفة الغربية صعوبات في الوصول إلى تلك المناطق، بالإضافة إلى التواصل والتنسيق مع السلطات الإسرائيلية، ما يعطل عمليا عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
أحمد ناصيف (18 عاما) وهو من المتدربين في هذه الكلية، يأتي من مخيم الجلزون شمال رام الله. يقول ناصيف إنه لا يعرف ماذا سيفعل هو وزملاؤه حال إغلاق الكلية أبوابها نتيجة لهذا القانون.
ويؤكد في فصل دراسي كان يتعلم فيه تركيب الأضواء: “سيؤدي ذلك إلى تعطيل الكثير من زملائي الطلاب. كثيرون ليس لديهم الوسائل المالية للذهاب إلى معاهد أخرى للدراسة”.
والتعليم مجاني تقريبا في هذه الكلية حيث يتدرب الشاب منذ شهرين بعد تخرجه من المدرسة الثانوية. ويقول: “نتخيل أننا نقوم بتجهيز غرفة نوم وحمام، وتركيب الأضواء والمنافذ ومنافذ الطاقة”.
ويشير إلى أنه حال إغلاق الكلية “قد أفكر في الذهاب إلى الجامعة”، مضيفا أنه كان ينوي ذلك، لكن ظروفه الحالية “لا تسمح بذلك”.
وتدير الوكالة خصوصا مراكز صحية ومدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة.
بلا خيارات
حذر المتحدث باسم الأونروا في القدس جوناثان فاولر، من أن عدم قدرة المنظمة على الاستمرار في تقديم بعض الخدمات قد يؤدي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية “كارثية”.
وتساءل: “إذا لم تتمكن هذه الخدمات من العمل… فمن الذي سيوفر التعليم للأطفال واليافعين في هذا المخيم؟”.
يدير بهاء عواد هذه الكلية التي توفر فرص التدريب لنحو 350 طالبا ولم يتسن لها استيعاب المزيد بسبب عدم حصولها على إذن لتوسيع المباني.
وردا على سؤال عما إذا كان الطلاب سيتمكنون من إنهاء عامهم الدراسي، يقول عواد: “بصراحة، لا نعرف”.
ويوضح: “نحن نعمل كالمعتاد، ولا نريد نشر الخوف. نطمئن الطلاب بأننا نبذل قصارى جهدنا لمواصلة التدريس هنا”.
أما فيما يتعلق بما سيحدث إذا أغلقت المدرسة، يقول عواد: “هذا يعتمد. إذا كان الإغلاق دائما، فلن يكون لديهم خيارات”.
ويشير فاولر إلى عدم وجود بديل مستدام للعمل المتنوع الذي تقوم به الوكالة على هذا النطاق الواسع.
ويقول: “لا يمكن ببساطة الضغط على مفتاح فتختفي الأونروا ويتدخل طرف آخر”.
ويشير فاولرإلى أن “القانون غير واضح إلى حد كبير في العديد من المجالات، لذا فإنه من غير المعروف ما هي النية من ورائه، وكيف سيتم تنفيذ ذلك”.
وافق البرلمان الإسرائيلي على وقف عمليات الأونروا بتبنّيه قانونا أدانه المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
مدارس وعيادات
يعيش ربع لاجئي الضفة الغربية البالغ عددهم 912 ألف لاجئ في 19 مخيما، وفقاً لوكالة الأونروا، ويعتمد الكثيرون منهم على مجموعة متنوعة من الخدمات التي يقدمها موظفو الوكالة البالغ عددهم 3800 في الضفة الغربية.
تخرج ناصيف، الطالب في كلية قلنديا من مدرسة تابعة للوكالة أيضا، وتلقى الرعاية الصحية من إحدى عياداتها.
ويشير إلى أن الوضع في المخيم الذي يعيش فيه “صعب بشكل خاص بالنسبة للعيادة التي يعتمد عليها كثير من الناس للحصول على الأدوية والعلاجات. وفي حال إغلاقها، سيخسر الناس (العلاج)”.
ويكرر كثيرون أنه لا يوجد بديل قابل للتطبيق عن الأونروا لسكان المخيمات حال إغلاق منشأتها.
وفي أزقة مخيم قلنديا الضيقة، بين رسوم جدارية لفلسطينيين استشهدوا في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، تؤكد ممرضة في عيادة الأونروا المزدحمة أنه لا يوجد بديل.
وفي مدرسة الأونروا الابتدائية القريبة للفتيات، تقول مديرة المدرسة رنا نبهان، إنها “لا تعرف” إذا كانت طالباتها سيكملن العام الدراسي.