هذا الأسبوع الذي نودعه ، تزامن وذكرى وفاة أديب مغربي مثير لكثير من الجدل ، الأمر يتعلق بمحمد شكري ، عاشق طنجة و قاع المدينة ونتاجها ، الرجل نال بأدبه الفج و الوقح مالم يتحقق للكثيرين من الأدباء ( الأرستقراطيين ) ، وبكلماته و أسلوبه الواضح المباشر، الذي يسمي الأسود أسودا ، و الأبيض أبيضا ، و الأكثر أهمية ، لا وجود للرمادي في قاموس ألوانه ، نال به شهرة تفوق ، شهرة مجموع الأدباء المغاربة ، في الداخل كما الخارج ، وزاده المنع الذي طاله في بداياته ، شهرة و سطوعا على مستوى الأدب العالمي
الرجل و بغض النظر عن مواقفنا من أعماله و أسلوبه ، يحسب له أنه انتصر على غرار كبار الأدباء العالميين ، و بوضوح تام لقضايا إنسان الهامش ، و الخبز الحافي اليابس ، الذي يقتلع فقره المدقع الأسنان و الأضراس بوحشية ضارية ، لم يماري و لم ينافق ولَم يزوق لينال رضى أحد عن أدبه وكتاباته ، و فرض نفسه أديبا وكاتبا ، رغم أنف من شاء و من أبى ، ولا يغرنكم كلام النقاد و الأدباء في صالونات المحافل الأدبية و الثقافية ، عندما يغدقون على الرجل من حلو الكلام وبديعه ، بين من يمدح ومن يدعي صداقته ، ربما لأنه تصادف و أن شرب قنينة بيرة بجوار طاولته أو قهوة ، في يوم ما ، فكلامهم في العلن ، ليس كما هو في حواراتهم الخاصة ، فكثير منهم ، وبعد سنوات من وفاة الرجل و تألقه العالمي ، لازالوا يهاجمونه ، و ينكرون عليه صفة الأديب و الكاتب .
لا خير في أدب و لا قلم لا يمتح مداده ، من محبرة شجاعة الدفاع عن القضايا العادلة ، و أولها قضايا قاع المدينة بكل معانتها السوداء ، فقر و إستغلال بشع ، جهل و أمراض آسنة ، نزيف أخلاق و حقارة متقيحة ، أجساد بشرية زومبي تعج بها الثقوب السوداء و الزوايا المعتمة … أدب لا ينير كل هذا الظلام ، لا خير فيه و إن بدع الأسلوب ولمع السرد و تزوقت المترادفات… ، هاهنا هزمنا شكري الإنسان و الأديب ، صافعا كل وجوه السرد المنافقة ، ومنتصرا للإنسان ، كل إنسان ، رحم الله محمد شكري ، وعاش أدب قاع المدينة .