ضمن منشورات الربيع، صدرت رواية “اسمي زيزفون” لسوسن جميل حسن، التي تحكي عن أسرة سوريّة تنحدر من ريف مدينة اللاذقيّة، منذ ستينيات القرن الماضي، عن طريق الابنة الكبرى، والتحوّلات التي طرأت على حياتها، ومن خلال التاريخ الخاص للأسرة، يتم استدعاء التاريخ السوري بشكل عام، في محاولة لتفكيكه والبحث في المقدّمات التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت، وبخاصة الانهيارات المجتمعية، والمنظومات القيميّة، التي حصلت خلال سنوات الحرب الراهنة.
في بدايات تفتّح وعيها، الراوية، التي حملت اسمين، أحدهما فُرض عليها وعلى أمّها من قبل الأب وهو “جهيدة” والثاني الذي يمثّلها تجاه نفسها وهو “زيزفون”، يبدأ تمرّدها وبحثها عن مفهوم “الحريّة”، انتقامًا لانتهاك كرامتها بإجبارها على امتحان العفّة على الملأ، في تهمة باطلة، تحت سطوة الأعراف التي يباركها رجال الدين، بعبور طاقة في أحد المقامات الدينية. ومن هنا تبدأ رحلة البحث والتفكيك ومحاولة الفهم بالنسبة إليها، مترافقًا مع حلم السفر على طول السرد، وطيلة حياتها، التي تنتهي وقد تجاوزت الستين، بانهيار كل شيء، حتى حلم السفربانغلاق أبواب الهجرة في وجه السوريين، ثم انغلاق العالم في وجه بعضه بعضًا بظهور الفيروس الجديد الذي هزّ أركان أقوى الاقتصادات في العالم، كورونا.
يمشي الزمن في خطين متوازيين، الزمن الراهن، بسرد الأحداث التي وقعت منذ أن أغمي عليها وهي في اللاذقية في يوم صيفي من 2019، إلى أن انتهت الرواية في الشهور الأولى من العام 2020، أمّا الخط الثاني فهو الزمن الماضي عن طريق الاسترجاع، عندما قرّرت تدوين ذكرياتها في دفتر، بعد حادثة الإغماء، معتبرة تدوين هذه الذكريات نوعًا من اللعب، لكنها تطرح أسئلة الهوية والانتماء والوطن والجسد والحب والدين والموت إلخ.
في النهاية، يحترق منزلها بفعل فاعل، يحترق معه الدفتر، لكنها تكون قد حكت حكايتها على طول السرد، وسجّلت شهادتها للتاريخ.