في صباح يوم مشرق من شهر فبراير 2025، وبين التلال الخضراء التي تحتضن حقول القنب الهندي في إقليم تاونات، وقف المزارعون يتبادلون الحديث عن مستقبل زراعتهم التي لطالما شكلت محور حياتهم.
غير أن هذا الصباح كان مختلفًا؛ فوسط الترقب والحذر، أعلنت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي عن إطلاق برنامج تكويني يمتد لأسابيع، يستهدف الأقاليم الثلاثة المعنية بالزراعة القانونية للقنب الهندي. البرنامج، الذي يأتي في سياق جهود الدولة لتنظيم القطاع، يهدف إلى تحسين الإنتاج وضمان التسويق الدولي، غير أن المواقف حوله بدت متباينة بين التفاؤل والتخوف.
محمد الهاشمي، عضو جماعة بني وليد بإقليم تاونات عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يُخفِ تحفظه بشأن هذه الخطوة، معتبراً أنها “رغم أهميتها الظاهرية، إلا أنها لا تعالج المشكلات الحقيقية التي يعاني منها المزارعون.”
وفي تصريحه لجريدة لوبولاج الإلكترونية، أضاف الهاشمي: “البرنامج يركز على تحسين الإنتاج والتسويق، لكن ماذا عن الإكراهات التي يواجهها الفلاح البسيط؟
نقص الدعم المالي، غياب بنية تحتية قوية، وتعقيدات التصاريح القانونية كلها عوائق قد تجعل هذا المشروع مجرد حبر على ورق.”
على النقيض من ذلك، يرى أحمد السوداني، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمنتمي لمنطقة تاونات، أن هذا البرنامج يشكل تطورًا مهمًا في إطار القانون رقم 21.13 المنظم لاستعمالات القنب الهندي.
متحدثًا لجريدة لوبوكلاج، أكد السوداني أن “إدماج المزارعين في مسار قانوني منظم، وتكوينهم على أساليب الزراعة الحديثة والمعايير الدولية، يضمن لهم الاستفادة الفعلية من هذا التحول، ويحد من المخاطر القانونية التي كانت تحيط بهم لسنوات.”
كما شدد على أن نجاح هذا المشروع يعتمد على مدى التزام الدولة بمواكبة المزارعين من الناحية القانونية والإدارية، وليس فقط من خلال الدورات التكوينية.
أما من الناحية الاقتصادية، فقد سلط الخبير الاقتصادي محمد جدري الضوء على التأثير المحتمل لهذه المبادرة، مشيرًا في تصريحه لجريدة لوبوكلاج إلى أن “القنب الهندي يمكن أن يصبح رافدًا اقتصاديًا مهمًا للمغرب، شريطة أن يتم استغلاله وفق رؤية واضحة تستهدف الأسواق الدولية.”
وأضاف جدري: “حاليًا، هناك طلب عالمي متزايد على القنب الهندي لأغراض صناعية وطبية، وإذا تمكن المغرب من تطوير سلسلة إنتاجية متكاملة، بدءًا من المزارع وصولًا إلى التصنيع والتصدير، فإنه سيخلق فرص عمل جديدة، ويعزز مداخيل الدولة من قطاع واعد.”
لكنه حذر من أن “غياب استراتيجية تسويقية واضحة وعدم تهيئة البنية التحتية قد يُضعف من تنافسية المغرب في هذا السوق سريع النمو.”
يُذكر أن الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي كانت قد منحت تراخيص لممارسة أنشطة تحويل وتصنيع وتسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية، في إطار تطبيق مقتضيات القانون رقم 21.13.
ومع استمرار هذه الجهود، يبقى نجاح هذا الرهان مرهونًا بقدرة الدولة على تجاوز التحديات الميدانية وضمان اندماج فعلي للمزارعين في هذه المنظومة الجديدة.