القيام بجولة بأسواق مدينة الرباط في هذه الأيام التي تصادف شهر رمضان الفضيل ، كان كافيا لأن يشعر المواطن المغربي بالتهاب الأسعار والعجز عن اقتناء عدد كاف من المواد الغذائية التي اعتاد شراءها من قبل بأثمنة مناسبة.
لا شك ان المواطن المغربي لمس مؤخرا الارتفاع المهول في أسعار الوقود والمواد الغذائية من خضر وفواكه ولحوم ودواجن ناهيك عن الأسماك.
فقد أصبح سعر البطاطس على سبيل المثال 12 درهما، والبصل 13د، والطماطم 12 د و البرتقال12د، والفلفل الأخضر 20د وغيرها من المنتوجات الإستهلاكية، في الوقت الذي كان المواطن المغربي يأمل أن تشهد الأسعار انخفاضا خلال هذا الشهر المبارك .
إن تأزم الوضع المعيشي للطبقتين الفقيرة والمتوسطة بالمغرب يرتبط بعوامل كثيرة منها تداعيات جائحة كورونا التي خلفت آثارا سلبية على الأفراد والأسر والمجتمع إذ فقد كثير من المواطنين مناصب شغلهم وارتفعت نسبة الفقر والهشاشة وهو ما أدى الى زعزعة استقرار الأسر وارتفاع نسبة الطلاق.
كما ان الجفاف الذي عرفته بلادنا في السنوات الأخيرة ساهم أيضا في ارتفاع الأسعار لاسيما وأن موارد فئات عريضة من المجتمع تأتي من قطاع الفلاحة .
ويرى خبراء اقتصاديون أن الأوضاع الجيوسياسية التي يشهدها العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية أثرت بشكل كبير على ارتفاع تكاليف الشحن على السلع وعلى القدرة الشرائية للمواطن المغربي على الرغم من الدعم الذي خصصته الحكومة لمهنيي النقل.
وأمام هذا الوضع اضطر العديد من التجار إلى رفض تسلم عدد من المنتوجات الإستهلاكية من موزعي الشركات المنتجة بسبب ارتفاع أسعارها بشكل صاروخي.
كل هذه العوامل جعلت المواطن المغربي يعاني ويتألم من جراء الغلاء والقروض التي قصمت ظهره واغرقته في وابل من الفقر.
ولمواجهة موجة الغلاء والتضخم عمل بنك المغرب على تشديد السياسة النقدية لإبطاء وتيرة الاستهلاك حيث قام برفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 في المائة.
وتعبيرا عن استيائهم ضد غلاء المعيشة، خرج العديد من المتظاهرين بالعديد من المدن المغربية للتنديد بالأوضاع المزرية بسبب ارتفاع الأسعار وتقلص فرص الشغل التي من شأنها ضمان كرامة المواطن المغربي.
كل هذه الوقائع تؤكد أن الحكومة في منأى عن هموم وطموحات المواطنين وذلك بنهجها لسياسة التجاهل وفرض الأمر الواقع وهو ما سيحول بدون شك دون تحقيق برامجها التي لطالما رددتها من إصلاح والتزام وإحساس بالمسؤولية خصوصا في هذه الظروف التي تعيشها بلادنا حاليا.
والسؤال المطروح هو متى ستخرج الحكومة عن صمتها بشأن موجة ارتفاع الأسعار وتعطينا تفسيرا واضحا حول ما يقع بدون اللجوء الى لغة الخشب؟.