قد تكون لعبة السياسة قذرة كونها تجعل الأشخاص يظهرون بوجوه مختلفة ومواقف متغيرة. لكن يبدو أن من تم اعتمادهم لتدبير شؤون البلاد والعباد قد تمادوا في اللعبة السياسية لأبعد الحدود لدرجة صاروا سفسطائيين يتكلمون من أجل الكلام في غياب تام للمنطق أو اعتبار للمواطن المغلوب على أمره، والذي صار يبذل جهدا مضاعفا للوصول إلى الحقائق وسط الاتهامات المتبادلة والآراء المتغيرة التي تتبع الأهواء.

فكيف يعقل أن ينتقد أخنوش ومن معه سياسات سلفه وهو كان أحد الركائز الأساسية بالولايتين السابقتين لمدة تجاوزت العقد !
وكيف صار وهبي حبيب اخنوش بعدما كال له من التهم والنقد ما لايقبله أي شخص. وكيف لنزار بركة المعارض للتعاقد أن يصبح أكبر داعميه !
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر كل ذلك يندرج تحت إطار السياسة، بل هي فوضى وسراب وضباب. فهل السياسة تعني تغيير المواقف من أجل تحقيق المآرب؟
أم أنها تعني تغليب مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار ؟
في الحقيقية ليس هناك أحزاب ولا نقابات ولا برلمان ولا حكومة مادامت المواقف متذبذبة والرؤى غائبة.
“المال السايب يعلم السرقة”
ومن جهة أخرى فإن غياب المراقبة يجعل الأملاك والمدخرات عرضة لأطماع عديمي الضمير. ولعل روائح ملفات الفساد أزكمت أنوف قضاة المجلس الأعلى للحسابات،
والملاحظ أن المختلسين نوعان:
من لا يتركون أثرا لجرائمهم المالية من خلال حرصهم الشديد في التبرير والاستعانة ب “البونات” المختومة مع الابتكار في عملية تبييض الأموال المنهوبة.
أما النوع الثاني فهم من لا يهابون لا محاسبة ولا عقابا كونهم يعتمدون على “ظهر صحيح”. فلا تهزهم المنابر الإعلامية ولا لجان التفتيش بل يستأسدون على معارضيهم مهددين كل من اقترب من عرينهم بالزج به في غياهب السجون.
عقلية مريضة
تشير بعض الوقائع التي أخذت مسارها نحو القضاء إلى أن سلوك النهب والاغتناء عبر الفساد لم يترك أي مجال “لي لقا شي هوتة كيطحنها”. فالمسؤول يستغل النفوذ وهناك من يغتني من الأدوية المنتهية الصلاحية ومن المواد الغذائية المضرة … كل شيء وأي شيء حتى صارت قوة الفساد أقوى من قوة القانون وما خفي أعظم فهل هو نموذج فريد للدولة الحديثة؟
اقتصاد مثقوب

الأموال المنهوبة تمثل رقما ضخما يمكن من خلاله بناء مستشفيات جامعية ومركبات تعليمية من أعلى مستوى وتعزيز الربط الطرقي بالقرى والنقل المدرسي وخلق مناصب الشغل وتقليص الفوارق الطبقية وخلق مناصب الشغل…
الحل ؟
“هاد البلاد خاصها تفورماطا”
الحديث هنا عن وقفة حقيقية مع الذات يقودها ثلة من الصالحين في هذا البلد من خلال جلسة تشخيص لا تحابي أي جهة. أما العلاج فينبغي أن يكون من جانبين : الأول أن لا أحد فوق القانون ” لي حصل يودي” والثاني التعليم وتعزيز القيم. أما هذا الوضع الشاذ فيشبه إلى حد ما قصة الجزار الأحول الذي حاول ذبح ديك أحول أيضا ، فجرح الجزار أصبعه، أما الديك فظن أن الدم ينزف منه وأخذ يرقص رقصة الم