لا أدري لماذا عادت بي الذاكرة بعد الفاجعة الإعلامية التي صدمت الجسم الإعلامي المغربي هذا الصباح، في وفاة هرم من أهرامات الصحافة المغربية الكبير خالد الجامعي الذي رافق الصحفي مصطفى العلوي و محمد العربي المساري و خالد مشبال …لحدثين كبيرين أثرا في الحياة المهنية للفقيد الكبير الذي جمع بين الشجاعة و الجرأة و المهنية . حدثان من سنوات الجمر و الرصاص. الأول، حدث اعتقاله بسبب نشر صورة لم يكن يعلم صاحبها و تبين في الأخير انها لولي العهد المغربي و الملك الحالي محمد السادس، فكتب كتابا سنة 1973 تحت عنوان ” متهمون مفترضون ” (Présumés coupables) يحكي فيه عن معاناته في سجون سنوات الجمر و الرصاص ، كما يروي فيه ايضا بعض الممارسات السجنية الفظيعة و الحاطة بكرامة الإنسان ، كما تحدث عن التعذيب النفسي و الجسدي لحالات إنسانية رافقته في الزنزانة التي كان يوجد بها إلى جانب معتقلين آخرين سواء كانوا من الحق العام أو سجناء سياسيين و صحافيين.
بعد حوالي عشرين سنة و بالضبط سنة 1993، عندما كتب مقالا تحليليا تحت عنوان ” تحليل الحقل السياسي المغربي ” و قال فيه ” أن المغرب لم يعرف يوما تعددية حزبية، و أنه كان واقعا تحت الحزب الوحيد و أن نظام الحكم بالمغرب لن يسمح أبدا لحزب بأن يحصل على الأغلبية “
فاستدعاه الوزير القوي ( الذي مات ضعيفا ، وحيدا و غريبا بالديار الفرنسية) إلى مكتبه ليهدده و يقول له ما يلي ” شكون انت قوا منك وصح منك و طحنتهم ” لا حظوا كيف كان ادريس البصري ، وزير داخلية العاهل الراحل الحسن الثاني يخاطب الصحافي خالد الجامعي .
الغريب أن بعد إقالة ادريس البصري سنة 1999، كان الراحل الجامعي من بين الأوائل الذين تواصلوا هاتفيا مع الوزير المقال ليطمئن على أحواله. هذا هو خالد الجامعي، الرجل الشجاع و الجرئء و المهني و صاحب الأخلاق العالية و المواقف الرجولية. رحمك الله صديقي و زميلي خالد و أسكنك فسيح الجنان و ألهم أهلك و ذويك الصبر و السلوان و إنا لله و إنا إليه راجعون..
.