لا تخف من الموت..
عش حياتك بكل ما لديك من قوة وحب.
الموت جسر نعبره إلى حياة أجمل و أرحب.
حيث تغفو النجوم تحت عباءة السماء، يقف الإنسان وحيدًا أمام عتبة المجهول، يحدّق بعينيه في الظلام الدامس، باحثًا عن إجابات لأسئلة تُثقل روحه. يدرك في قرارة نفسه أن رحلته على هذه الأرض حتمًا ستنتهي، وأن الموت هو الوجهة النهائية لكل كائن حي. يتساءل: “ما هو الموت؟ هل هو نهاية الوجود؟ أم هو مجرد انتقال من عالم إلى آخر؟”
تبحث أفكاره عن ملاذ آمن، تتشبث بأي شعاع يلوح في الأفق، تبحث عن معنى للحياة بعد الموت. يُخيّل له أنه يرى روحه تتراقص بين ثنايا الجسد، تتأهب للفكاك من أسرها و التحرر من قيودها المادية، وتُحلق بعيدًا نحو عالم لا يعرفه.
يرى ذكرياته تتلاشى كأوراق الشجر في الخريف، تاركة وراءها شعورًا بالحزن والفراغ. يتذكر أحباءه الذين سبقوه في رحلة الموت، يتذكر ضحكاتهم ودموعهم، لحظات الفرح والحزن التي قضاها معهم. يتساءل: “هل سألتقي بهم مرة أخرى؟ هل سأعانقهم من جديد؟”
يُدرك أن الموت هو قانون طبيعي للحياة، يعي أن الموت عدو الجميع، لكنه الصديق الحميم لمن ملأ الايمان قلبه فكل شيء على هذه الأرض الى زوال و يبقى وجه الله الحي المتعال.
يدرك أيضًا أن الحياة قصيرة، وأن عليه أن يستغل كل لحظة فيها على أكمل وجه. يُقرر أن يعيش بقية حياته بسلام ووئام مع نفسه ومع الآخرين، وأن يترك أثرا طيبأ قبل أن يرحل. يُقرر أن يُحب و يجود ويُساعد ويُشارك، وأن يُنير دروب الآخرين بنبراس الأمل.
يُدرك أن الموت ليس نهاية كل شيء، بل هو بداية جديدة، رحلة إلى عالم آخر مليء بالأسرار .
يُقرر أن يواجه الموت بشجاعة وإيمان، وأن يُسلم نفسه لقدره المحتوم.
في النهاية، يهدأ قلبه، ويُسلم نفسه للنوم و يرى في أحلامه حديقة خضراء مليئة بالورود و العصافير والأشجار… يرى حبيبه الأزلي ينتظره بابتسامة تشرق لها السماوات و الأرض، بابتسامة تسربل الكون. يدرك أن الموت ليس نهاية، بل هو بداية لحياة جديدة مليئة بالسعادة.
لا تخف. اطمئن. كلنا سنرحل..
- أستاذ باحث و كاتب
المعهد العالي للإعلام و الاتصال