مسؤولية الجزائر ثابتة عن الأوضاع المتردية في مخيمات تندوف و لكن المغرب مطالب بتعزيز الثقافة الحقوقية بالأقاليم الجنوبية بالانفتاح على التجارب الدولية الفضلى من جهة و توسيع قاعدة التكوين في مجال حقوق الإنسان من جهة ثانية.
لأن التكوين الحقوقي للفاعل الأمني و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي هو لبنة أساسية في قاعدة الدفاع عن المكتسبات الوطنية و في مقدمتها الوحدة الترابية للمملكة.
1/ ظلت الجزائر منذ وقت ليس باليسير تمنع المفوضية السامية للاجئين من دخول المخيمات الموجودة فوق أراضيها و بالموازاة مع ذلك استمرت و بشكل مباشر في فرض رقابة صارمة على المخيمات من خلال ميليشيات البوليساريو التي لا تتمتع بالصفة القانونية و الأممية لادارة الساكنة في مخيمات فوق تراب دولة ذات سيادة.
2/ إن الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين – التي اعتمدها يوم 28 يوليوز 1951 مؤتمر الامم المتحدة للمفوضين بشأن اللاجئين و عديمي الجنسية الذي دعت الى انعقاده الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضى قرارها 249 (د-5) المؤرخ في 19 دجنبر 1950 و الذي ينص على أنه ” تمنح كل الدول المتعاقدة – و هنا حالة الجزائر لأنها وقعت على الاتفاقية بمجرد حصولها على الاستقلال سنة 1962 – اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها حق اختيار محل إقامتهم و التنقل الحر ضمن أراضيها “.
إن مظاهر خرق الاتفاقية الاممية من قبل الدولة الجزائرية واضحة للعيان، فاللاجئون في مخيمات تندوف هم فعلا مقيمون بصورة نظامية منذ ما يزيد عن 45 سنة و ليس لهم أدنى حق في اختيار محلات إقامتهم فوق عموم التراب الجزائري بل هم مقيمون في ما يشبه معتقل كبير لمدة زمنية تساءل الضمير البشري بإلحاح و تفرض على المجتمع الدولي أن يضع حدا لهذه المأساة التي يمعن حكام الجزائر في إطالتها.
3/ في ظل غياب حل دائم للنزاع ، فإن هذا الوضع يحرم سكان المخيمات من حقوقهم التي يكفلها القانون الدولي و تنص عليه كافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة لللاجئين، و المصادق عليه من طرف ما لا يقل عن 168 دولة.
و في هذا الصدد و على سبيل المثال لا الحصر، سجلت اللجنة الأمريكية للاجئين و المهاجرين في كل تقاريرها حول الوضع في مخيمات تندوف، أن الجزائر لم تف بالتزاماتها في ما يتعلق بالسكان المحتجزين فوق أراضيها، إذ لم تسمح من المفوضية السامية بإحصائهم، و كذا لم تكن أمينة على المساعدات التي يقدمها مكتب الشؤون الانسانية التابع للمجموعة الاوروبية و غيره من المنظمات المانحة.
فأغلب هذه المساعدات – كما جاء في التقرير – تغزو أسواق دول جنوب الصحراء و حتى أسواق مدن الجنوب الجزائري الفقير في إطار عملية فساد واسعة النطاق.
كما لا يفوتني في هذا الصدد، أن أشير كذلك الى التقرير حول انتهاك الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بمخيمات تندوف و الذي تقدمت به الرابطة المغربية للمواطنة و حقوق الانسان أمام اللجنة الإفريقية لحقوق الانسان و الشعوب ( دورة نيامي بالنيجر 2018 )، لاطلاع المجتمع الحقوقي الافريقي على خرق الاتفاقية الاممية لسنة 1950 الخاصة باللاجئين من طرف الدولة الجزائرية، خرق انعكس بشكل مأساوي على المعيش اليومي لسكان المخيمات و لا سيما النساء و الاطفال.
4/ اعتقد أن المدخل الاساسي لا نهاء معاناة ساكنة مخيمات تندوف، إجبار الدولة الجزائرية علء إحصاء الساكنة، لان هذه العملية تتيح إمكانية معرفة العدد الحقيقي للسكان الذين تتم باسمهم المطالبة بتقرير المصير، و من شأن العملية كذلك توفير حماية دولية فعلية للساكنة.
و بالتلى تمكين المفوضية العليا لللاجئين من تقديم المساعدات الانسانية بناء على تقديرات متحكم فيها، بما يكفل تلبية الحاجات الحقيقية للمستفيدين.
ابراهيم الأشهب
وجهة نظر حقوقية
الأمين الوطني للرابطة المغربية للمواطنة و حقوق الانسان