أكدت الجمعية المغربية لحماية المال العام أن المرحلة الحالية تتطلب إرادة قضائية حقيقية لمواجهة الفساد والاغتناء غير المشروع، داعية النيابة العامة إلى اتخاذ خطوات عاجلة ضد المتورطين في اختلاس المال العام واستغلال النفوذ وتبييض الأموال، على غرار التحرك السريع ضد المشاركين في أعمال التخريب التي رافقت الاحتجاجات الشبابية الأخيرة.
وقال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية، إن جرائم الفساد ونهب المال العام تُشكل خطراً مباشراً على الاستقرار والسلم الاجتماعي، ولا يجوز التساهل معها، لأنها أجهضت آمال مجتمع بأكمله في التنمية والعدالة الاجتماعية. وأوضح أن بناء الثقة والأمل يمرّ أساساً عبر محاكمة من استغلوا مناصبهم للإثراء غير المشروع وخدمة مصالحهم الخاصة، بينما تُركت فئات واسعة من المواطنين في مواجهة الفقر والتهميش.
واستشهد الغلوسي بما تعيشه مدينة آيت أورير بإقليم الحوز، التي بدت بعد الاحتجاجات وكأنها خرجت من حرب مدمّرة، وسط انتشار الأتربة والأزبال والكلاب الضالة، وغياب البنى التحتية وفرص الشغل، ما يعكس عمق التهميش. وفي المقابل، يتحدث السكان عن ثروات ضخمة راكمها بعض المسؤولين المحليين خلال سنوات قصيرة، رغم أنهم كانوا يعيشون حياة بسيطة قبل تسلقهم سلم السلطة والنفوذ، بل إن بعضهم يملك اليوم ممتلكات خارج المغرب.
وشدد الغلوسي على أن العنف الصادر عن بعض المشاركين في الاحتجاجات، ومعظمهم قاصرون، مرفوض ويجب أن يعاقبوا وفق القانون، لكنه نبّه إلى أن هؤلاء هم في النهاية أبناء بيئة مهمشة “تشبه الدوار”، نتاج سياسات فاشلة.
واختتم بالتأكيد على أن النيابة العامة مطالبة بالتحرك بالجدية نفسها ضد ناهبي المال العام، معتبراً أن جرائم الفساد أخطر من أعمال التخريب، لأنها تضرب في عمق المجتمع وتُقوّض أسس العدالة والتنمية.















