أمرت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بمدينة مراكش بإجراء تحقيق في مواجهة عدد من المسؤولين الجهويين في وزارة التربية الوطنية، بالإضافة إلى مقاولة ومقاول، بتهم تبديد واختلاس أموال عمومية، وتزوير في محررات تجارية وعمومية، واستعمالها، والمشاركة في ذلك، كل واحد حسب المنسوب إليه.
الخبر، الذي كشف عنه المحامي محمد الغلوسي، رئيس “الجمعية المغربية لحماية المال العام”، في تدوينة نشرها على صفحته بالفيسبوك، يفيد بأن “الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش طالبَ بإجراء تحقيق في مواجهة كل من مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة سابقاً، والذي يشغل الآن مهمة مدير الأكاديمية بجهة درعة تافيلالت”، و” خمسة مسؤولين بالمديرية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة”، إضافة إلى “مقاولة امرأة ومقاول”.
وأبرز الغلوسي، في تدوينته، أن قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى المحكمة المذكورة “استنطق المتهمين جميعاً ابتدائياً وتفصيلياً وشارف التحقيق على نهايته وينتظر أن يصدر قاضي التحقيق المذكور قراره في القضية خلال الأيام المقبلة”.
وتعود القضية، كما أوضح المحامي الغلوسي، إلى سنة 2015 عندما تقدمت “الجمعية المغربية لحماية المال العام”، “بشكاية الى رئاسة النيابة العامة حول شبهة الاختلالات التي شابت تنفيذ الميزانية المخصصة للبرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، والذي خصص له ما يقارب 44 مليار درهم”.
وأكد رئيس جمعية حماة المال العام على أن تلك الشكاية هي “التي أحالتها رئاسة النيابة العامة على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وأحالها الأخير على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، والتي استهلت أبحاثها بالاستماع لي شخصياً، بصفتي رئيساً للجمعية المغربية لحماية المال العام، كما كانت هذه القضية موضوع تقرير للمجلس الأعلى للحسابات”.
وتابع الغلوسي سرده للوقائع بالإشارة إلى أنه “بعد انتهاء الأبحاث التمهيدية، وإحالة ناتجها على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، والذي وبعد دراسة القضية قرر إحالة مجمل تلك الأبحاث على الجهات القضائية المكلفة بجرائم الأموال داخل دائرة نفوذها، والتي تتواجد فيها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين”.
ولم يفت رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن يبرز في الختام تسجيل “كون هذه الأبحاث القضائية لم تشمل الوزير المكلف بالقطاع حين تنفيذ البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم ودائرته الضيقة من المسؤولين الكبار، وهو ما يشكل تمييزاً في إعمال القانون، وتقويضاً لربط المسؤولية بالمحاسبة، في استمرار واضح للإفلات من العقاب في جرائم الفساد المالي كلما تعلق الأمر بمسؤولين كبار، والذين لا تطالهم يد العدالة، والتي تبقى ممدودة على صغار الموظفين وحدهم!”.
موضوع تدوينة الغلوسي كان قد شغل الرأي العام المغربي حين تفجّر القضية التي وصفت بـ “الفضيحة”، ودخلت رئاسة النيابة على الخط مباشرة، بعد توصلها بملف حول الاختلالات المالية التي شابت تنفيذ البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم.
وكانت تسجيلات صوتية لمديرة سابقة لإحدى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، قد فضحت المستور، ليصدر المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رسمية) تقريراً حول تقييم المخطط كشف عن اختلالات وصفها بـ “الخطيرة” شابت عملية صرف الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج.
الأبحاث والتحريات كشفت وجود هذه الاختلالات في إعداد وإبرام الصفقات وسندات الطلب، انطلاقاً من غياب آليات مضبوطة لتحديد الحاجيات الملحة من الوسائل التعليمية.
كما كشفت عن خرق بعض المقتضيات القانونية التي تؤطر عملية إبرام الصفقات العمومية من نشر طلبات العروض، ونتائج الصفقة، وتحديد أعضاء لجان فتح الأظرفة بتعيينات مسؤولة ورسمية.
إضافة إلى مسألة أخرى هامة، تتمثل في الإخلال بمبدأ المنافسة الحرة وتكافؤ الفرص، مع تسجيل تواطؤ كبير مع شركتين، من خلال الضغط على المصالح الجهوية والإقليمية عبر توجيه المواصفات التقنية وجعلها تتطابق مع البيانات والعينات الخاصة بالشركتين، وتجزيء الطلبيات إلى سندات طلب عوض تجميعها في صفقة واحدة، واللجوء إلى منافسات صورية لإبرام سندات الطلب، والتلاعب في أثمنة بعض التجهيزات المسلمة من صفقة إلى أخرى.