فجأة، عاد اسم عمر بلافريج ليتصدر النقاش العام وسط موجة الاحتجاجات الاجتماعية التي يقودها شباب “جيل زد” في مدن المغرب.
هذه العودة لم تأتِ من مؤتمر حزبي أو ظهور إعلامي تقليدي، بل من الشارع الرقمي والاحتجاجي، من نقاشات الشباب ومطالبهم، ومن الحنين إلى أصوات سياسية صادقة وجريئة غابت عن المشهد منذ فترة.
الواقع اليوم واضح: الجيل الجديد لم يعد يثق في القوالب السياسية القديمة. لا الأحزاب قادرة على تأطير النقاش، ولا البرلمان نجح في لعب دور الجسر بين السلطة والمجتمع.
الساحة الحقيقية أصبحت هي الشارع، والمنصات الاجتماعية تحولت إلى برلمان شعبي مفتوح يناقش ويحتج وينتقد بدون وسطاء.
في هذا السياق، يشكل بلافريج بالنسبة إلى عدد من الشباب رمزًا لسياسة مختلفة: سياسة الوضوح، والمواقف المبدئية، والاقتراب من نبض الشارع.
كان صوته تحت قبة البرلمان يخلق نقاشًا حقيقيًا، بعيدًا عن الشعارات الفارغة ولغة الخشب التي فقدت تأثيرها منذ زمن.
احتجاجات جيل زد أعادت بلافريج إلى الواجهة ليس كشخص فقط، بل كفكرة. فكرة السياسة النزيهة، الصادقة، التي لا تخشى قول الحقيقة، حتى عندما تكون موجعة. الجيل الجديد لا يبحث عن “زعيم ملهم” بقدر ما يبحث عن وجوه حقيقية يمكن أن يثق فيها.
المفارقة المثيرة أن هذه العودة جاءت من خارج القنوات السياسية الرسمية، وكأن الشارع يقول بوضوح: “من أراد أن يخاطبنا، فليأتِ إلى حيث نحن، لا أن ينتظرنا في قاعات مغلقة”.
إنها رسالة واضحة للنخب السياسية: الشارع سبقكم بخطوات، والجيل الجديد لا ينتظر أحدًا ليعبّر عن نفسه.















