إشكالية الخوف والتوتر من محادثات الفيديو، نموذج الدراسة عن بعد.
أدلى عدد من الطلاب والطالبات عن مختصر تجاربهم مع اجتماعات الفيديو، التي تم تنظيمها وتعميمها على مختلف الواجهات والمستويات التعليمية بالمغرب مؤخرا، جراء الظروف الاستثنائية التي فرضتها تطورات وتداعيات كوفيد 19، مما جعلنا نكشف عما يدور في هذا العالم الافتراضي الجديد من خبايا وما يلاحظه مستعملوه من طلاب و ملقنين.
الأمر لا يرتبط فقط بمنصة الكترونية لعقد اللقاءات والاجتماعات، فهي قد تتحول لخشبة مسرح ضخم، يواجه فيها المشارك جمهورا يقف أمام عدسة الكاميرا.
وفي محاولة لفهم هذا الوسيط الالكتروني الذي ذاع صيته في السنوات الأخيرة، لا بد من دراسة تجربة التعليم عن بعد، التي اعتبرها وزير التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد سعيد أمزازي، تجربة أسهمت في إعادة بناء وتحسين الصورة الجماعية للمدرس والمدرسة، كما أقر خلال حديثه في جلسة الأسئلة الشفهية حول المنظومة التربوية ما بعد الازمة، ‘ ان الارتياح العام حول هذه العملية بلغ 78 بالمئة ‘. وبهذه المناسبة، قامت جريدة لوبوكلاج الإلكترونية بمحاورة عدد من طلبة الجامعات والمعاهد المغربية، من خلال تركيز النظر على تلك المشكلات النفسية التي يواجهونها إبان فترات الدراسة عن بعد. وفيما يلي بعض التجارب:
ثقة مغيبة و توتر غير مفهوم
خلال سنواتي الدراسية بالثانوية كنت دائما المتفوقة في الشعبة الأدبية، وكنت اعتمد على الخطاب المكتوب بالدرجة الأولى، باعتباره عملية تسعفني في ترتيب أفكاري، لكن أثناء الدراسة عن بعد، صرت أواجه مشاكل سواء في طريقة الحوار المتقطع او الخطاب الارتجالي المشتت، ما أفقدني الثقة بمهارتي وقدراتي الإبداعية.
(الطالبة سلمى …)
الثقة غريزة مكتسبة، تختلف أشكالها من إنسان لآخر، ولكن المعنى واحد هو التفكير بالطريقة الصحيحة، ومواجهة المخاوف، من خلال الإيمان بقوة التغيير، وتملك مفاتيح الثقة المتجسمة في الاعتبار الذاتي، و الاقتداء بنماذج الناجحين من الناس ومن تم رسم معالم صورتك الذاتية وفقا لمتطلبات دواخلك بالتالي إيجاد طريق الصلاح لا الطلاح.
يقول ارنولد كارول في كتابه: ‘ قوة الثقة بالنفس ‘: الثقة بالنفس عبارة عن قول وعمل واعتقاد جنان مثل الإيمان فهو عبارة عن قناعات تستقر في القلب الجنان وعن كلمات ينطق بها اللسان وحركات تأتي بها الأركان.
الرفاهية و اللامبالاة
بصراحة، لم أستفد شيئا، لقد كنت أعاني من صعوبة التركيز والنسيان، لدرجة أنني لا أتحمل الحصة لأكثر من 15 الى 20 دقيقة، زد على ذلك أنني لم أكن قادرا على مواكبة الزملاء في كتابة الدروس، فأنام كقرار استسلامي مني، أو أرفه عن نفسي من خلال ألعاب الفيديو
(الطالب أنس …)
كيف يمكن للطالب أن يحافظ على روح المنافسة وشغف الابتكار كما تعود في أقسام التلقين التقليدية، ويخضع تلك الروح ذاتها لنموذج التعلم عن بعد أو بمعنى آخر بعيدا عن مقاعد الدراسة الحضورية وحركيتها الدائمة. هذه هي المفارقة الأهم التي تستدعي منا التأمل من أجل فهم حاجات الطلاب واكتشاف مهاراتهم و تطويرها من خلال الاستخدام الجيد لوسائل التعليم الإلكترونية إلى جانب توفير بيئة منزلية سليمة تغيب فيها أبسط المشتتات وهكذا سيتحول أداء الطلاب من ضعيف الى أحسن، بفعل الممارسة و قضاء وقت فعال وممتع في الوقت ذاته، وهنا يبرز دور الملقن في صنع التغيير و مضاعفة التحفيز و التشجيع وبالتالي تعويده على نمط التعليم عن بعد.
تعب مستمر
كنا نتذوق جميع أنواع التعب والإجهاد، فبعد يوم مليء بالدراسة من الثامنة صباحا الى السادسة مساءا، نجد أنفسنا ملزمين بحضور حصص تعويضية وأخرى إضافية في وقت متأخر من الليل
(طالبات جامعيات …)
تعتبر حالات الإرهاق والتعب الشديد واردة بعد انتهاء محادثات الفيديو، وذلك ليس فقط جراء الاستماع والتحدث لساعات طوال وحسب، بل قد تتسبب فيها عيوب ونقائص في تصميم التطبيق المستعان به في عملية الدردشة المرئية والمسموعة فمثلا منصات الفيديو تعرض ضمن قوالب مربعة تتيح للمتحدث إمكانية رؤية نفسه بشكل مختلف تماما عند النظر للمرآة. كما أن التفاعلات الحية وجها لوجه تختلف تماما عن مشاهدة التسجيلات وبالتالي تنشيط مناطق المكافأة في الدماغ قد تسبب في حدوث نوع من الإجهاد كما كشفت بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي.
التنمر الإلكتروني
في إحدى الحصص الصباحية شعلت الكاميرا ديالي بالغلط او مانتابهتش، حتى بديت كانسمع أصوات الضحك والسخرية من الهاتف بسبب الحالة لي كنت عليها خاصة أنني يلاه فقت، بداو كايضحكو على الحبوب لي فجبهتي وحناكي، او كيضحكو على شعري لي كان مشعكك، صرت كلما دخلت لغرفة الدردشة الخاصة بالقسم، من الضروري أنهم يتذكرو الحادثة بتفاصيلها، وليت كنتفادا جميع الحصص المقررة ، أولا نحاول نغطي الكاميرا بسكوتش كحلا او نكذب على الأستاذ بلي الكاميرا ماخداماش، لكن مع الوقت لقيت فيلتر فكاميرا الحاسوب فأصبحت كنحس بثقة وفخر كلما شعلت الكاميرا.
(الطالبة ايمان …)
يشير مفهوم التنمر الإلكتروني الى المضايقات والتسلط عبر الإنترنت، التي يتعرض لها الشخص داخل الفضاء الافتراضي، وتتجسد عوامله في: الكراهية، الانتقام، المزاح والمرح والمقالب، واختلاف الأراء والمواقف…
تتنوع أشكاله على عكس العنف التقليدي الذي ينطوي على استغلال الجسد، كونه يتضمن توزيع الصور الشخصية والنصوص ومقاطع الفيديو التي تحط من قدر المستهدف، وقد أشار الخبراء ان استخدام تقنية إخفاء الوجه والهوية والاستمرارية دون الحاجة للقوة البدنية، تجعل من الجاني غير متمكن من رؤية معاناة الضحية بأم عينيه، وبالتالي قد يجعله شعور كونه مجهولا غير قادر على تمييز حسن أو سوء سلوكه، كما أنه قد لا يشعر بالذنب حيال ذلك. لذلك وجب اتخاد تدابير مضادة مختلفة لكل سبب على حدي وتطوير برامج لمنع جرائم التنمر من الانتشار الكترونيا.
التعلق بحبل التعود و الممارسة
أجد تلك الاجتماعات والمقابلات أشبه بعوالم تختفي فيها الذات الإنسانية وفي المقابل تسود فيها سيطرة الرقمنة، أحيانا كانت تتملكني مشاعر الخوف والتوتر التي لا بد منها لأن الحديث ببساطة يتم داخل إطار رقمي ينتظر مني التنبؤ لمستقبل هذه العملية المقابلاتية…
(طالب م.)
من خلال عملية التفاعل سواء بين الأشخاص، أو اهتماماتهم، نستعين بفعل الملاحظة من أجل القراءة الأولى للغايات والأهداف وقياس مدى نجاح أو فشل العملية الجاري العمل عليها، ومن خلال الممارسة تتجلى النتيجة التي قد تكون ذات بعد ايجابي أو سلبي، ولكن عامة مع المحاولة ينكشف الغطاء على عدد من المهارات والخصال الخفية التي هي بحاجة للاستكشاف من أجل صقل القدرة البشرية بواسطة المعرفة والفهم والتحليل ومواجهة التحديات وبالتالي الاعتياد والتعلم الذي يتجسد في سرعة الاستجابة لعمليات أخرى مماثلة.