أكدت جامعة الدول العربية على ضرورة اعتماد جميع المؤسسات والمنظّمات التابعة لها،خريطة عربية موحَّدَة؛ وهي الخريطة التي تظهر فيها جميع الدول العربية، من المحيط إلى الخليج بدون فواصل ولا حدود ،أي أنها تمثّل كُتلة واحدة، متَّصلة ومتواصلة فيما بينها، بدون وجود أيّ دخيل أو كيان مصطنع.
هذا القرار قَضَّ مضاجع حكّام الجزائر،خاصة أنه أتى مباشرة بعد مجموعة من المكاسب التي حقّقها المغرب بدون ضجيج ولا ادِّعاء..وبدون “دْخول وخْروج في الهدرة”، منها القرارالأممي 2602،بمجلس الأمن،الذي ينص بصراحة ،وبكل وضوح،عن صواب وجِدِّيَة المقترح المغربي بالحُكم الذاتي، تحت السيادة المغربية، في الأقاليم الصحراوية؛ وموقف دول مجلس الخليج الداعم لاستقرار ووحدة المغرب الترابية..؛ وتثمين ألمانيا لاستئناف علاقات جديدة وجيِّدة مع المملكة المغربية،وتكثيف التعاون والعلاقات الاستراتيجية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل…كما أن قرار الجامعة العربية جاء في الوقت الذي تُصارع ـ وليس تُسارع ـ فيه الجزائر لاستضافة قمة عربية.
في هذا الأجواء جاء قرار جامعة الدول العربية من أجل ضبط الأمور، في الوقت الذي يُروّج فيه نظام الجزائر ،بطرق أقل ما يمكن أن يُقال عنها أنها غير لائقة وغير دبلوماسية، حول مساعيه ل”الوحدة” و”الاتحاد” و”التضامن” بين دول العالم العربي، وفي نفس الوقت يعمل النظام المذكور على تسريب مقترح ،في القمة العربية المنتظرة،حول ربط القضية الفلسطينية بما يسمَّى “القضية الصحراوية”، علْماً أن النظام الجزائري، هو نفسه، يعرف حقّ المعرفة، أنه لا توجد أي علاقة بين قضية فلسطين التي يوجد حوْلها، على الأقل، إجماع عربي وإسلامي..
،وبين قضية إيواءه لمجموعة من المواطنين اختطفهم من داخل الصحراء المغربية، ووضَعَهم في حالة احتجاز بمخيمات لاجئين بتندوف.. ويدَّعي أنهم أصحاب قضية تشبه القضية الفلسطينية،ناهيك عن الاتّجار بالقضية الفلسطينية نفسها، مع أن الفلسطينيين يعلمون ويعرفون أنه لا يوجد كائنٌ مَن كان أكثر فلسطينية منهم ،لسبب بسيط هو أنهم أصجاب القضية أوّلا وأخيرا،وأهل فلسطين أدْرى بشعابها.أكثر من ذلك ،فإن الفلسطينيين يعرفون جيدا الجغرافية السياسية العربية ومسالكها ودروبها وشِعابِها؛ كما يعرفون الدول التي تُصادقهم حقّاً وحقيقا، وتلك التي تنافقهم وتستغل قضيتهم لخدمة مآرب خبيثة..
هل هناك عربيٌّ عاقل، وعقلٌ عربي، يقبل الانجرار وراء أطروحة نظام الجزائر، بإيواء كيان غير كامل الأوصاف بين صفوفهم..وإعطائه صفة “قضية”؛ والأفظع مقارنتها بقضية فلسطين المقدّسة؟ أيّ اتحاد أو وحدة أو تضامن يتحدث عنه النظام الجزائري، وهو يعمل على التفرقة والانفصال والعدوان، طيلة أزيد من أربعة عقود، على جارِ اسمه المغرب ..؟ الجواب لمسه كل العقلاء، من جانب العرب والغرب، الذين يرفضون العبث.
يذكِّرني سلوك جامعة الدول العربية بسلوك الاتحاد الأوربي، المتجسّد في راية الاتحاد التي تلتئم نجومه حول خريطته بدون فواصل، ولا حدود، ولا كيانات مصطنعة ..بل لا يمكن قبُول كائِنٍ مَن كان، خاصة إذا كان كيانا مصطنعا تريد بعض دول الاتحاد، لزرعه وسطها ،بطرق ملتوية وانتهازية، مثل الأسلوب الذي ينهجه النظام الحاكم في الجزائر.