كشف تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صادر يوم الجمعة 17 أكتوبر 2025، أن حوالي 2.4 مليون مغربي يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، أي ما يعادل 6.4% من سكان المملكة، فيما يوجد 10.9% آخرون على حافة الوقوع في هذا النوع من الفقر. ويضع التقرير المغرب ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة، مسجّلًا أن كثافة الحرمان لدى الفقراء تبلغ نحو 42%، أي أن هؤلاء يعانون، في المتوسط، من نقص واضح في أكثر من أربعة مؤشرات أساسية تشمل التعليم، الصحة، ومستوى المعيشة.
وأشار التقرير إلى أن 1.4% من المغاربة يعيشون في فقر شديد، إذ تتجاوز معاناتهم نصف المؤشرات المعتمدة، مثل السكن غير اللائق، ضعف الولوج إلى الماء والكهرباء، وسوء التغذية أو تدني التحصيل الدراسي. هذه الفئة، بحسب التقرير، تظل الأكثر هشاشة في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمناخية.
ويعتمد مؤشر الفقر متعدد الأبعاد على عشرة مؤشرات موزعة على ثلاثة مجالات رئيسية: التعليم، الصحة، ومستوى المعيشة. ويُعتبر الفرد فقيرًا إذا حُرم من ثلث هذه المؤشرات على الأقل، ويُعد في فقر شديد إذا تجاوز حرمانه نصفها. وبلغت القيمة الإجمالية للمؤشر في المغرب 0.027، وهي أقل من المتوسط العربي البالغ 0.072، ما يعني أن وضع المغرب أفضل نسبيًا من المعدل الإقليمي.
وركّز التقرير على أن هذا المقياس يتجاوز مفهوم الفقر التقليدي القائم على الدخل، ليشمل أبعاد الحياة اليومية غير المالية مثل جودة السكن والتعليم والصحة. وبناءً عليه، فإن معدل الفقر المتعدد الأبعاد في المغرب يفوق الفقر النقدي (المقاس بخط 3 دولارات يوميًا) بنحو 2.7 نقطة مئوية، مما يعني أن بعض الأسر، رغم تجاوزها خط الفقر النقدي، تعيش في حرمان فعلي من الخدمات الأساسية.
التعليم.. السبب الأكبر للفقر
أوضح التقرير أن التعليم يمثل العامل الأكثر تأثيرًا في فقر المغاربة، إذ يساهم بنسبة 46.8% في مؤشر الفقر، مقابل 28.8% لبعد مستوى المعيشة و24.4% لبعد الصحة. ويعكس ذلك ضعف نسب التمدرس وقصر سنوات الدراسة، إلى جانب استمرار مشاكل البنية التحتية والخدمات الأساسية في المناطق القروية.
ورغم تحقيق المغرب انخفاضًا ملموسًا في معدلات الفقر بين 2011 و2018، واعتباره آنذاك من أبرز قصص النجاح في شمال إفريقيا، إلا أن التقرير حذر من تباطؤ وتيرة التقدم بعد 2018، بفعل جائحة كوفيد-19 والأزمات الاقتصادية والمناخية التي أثرت على الأمن الغذائي والقدرة الشرائية للأسر.
الفقر والمناخ.. عبء مزدوج
وأشار التقرير إلى أن الفقراء هم الأكثر تعرضًا لمخاطر التغير المناخي، إذ يعيش نحو 78.8% من فقراء العالم في مناطق تواجه أخطارًا مناخية حادة، مثل الجفاف وارتفاع الحرارة وتلوث الهواء. ويؤكد التقرير أن المغرب، رغم أنه ليس ضمن الدول الأشد فقرًا، إلا أنه معرّض لارتفاع درجات الحرارة والجفاف المتكرر، وهو ما يهدد سبل العيش في المناطق القروية.
وأبرز التقرير أن 83% من فقراء العالم يعيشون في المناطق الريفية، وهو ما ينطبق على المغرب أيضًا، حيث يتركز الفقر في القرى بسبب ضعف البنيات التحتية وبعد المؤسسات التعليمية والصحية وندرة فرص العمل خارج القطاع الزراعي. كما أن ارتفاع كلفة النقل وصعوبة الوصول إلى الماء والطاقة يزيد من عمق الحرمان.
وفي ختام التقرير، دعا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى إعادة تقييم السياسات الاجتماعية في المغرب، خصوصًا في مجالي التعليم والتنمية القروية، باعتبارهما المفتاح الأساسي لكسر حلقة الفقر والهشاشة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتصاعدة.















