إن فهمنا للواقع النقابي على أرضية الواقع لا ينفي اعتقادنا بأن وضعيته هي امتداد بطبيعته مركزية ومجاليا بحكم المرجعيات والتثورات السائدة لدى قيادات نقابية صنعت في الكواليس الحزبية لتتربع على كرسي الزعامة بناء على أصوات موجهة ومؤتمرات مفبركة ! ذلك ما يؤكد لنا إشكالية تبعية النقابي للحزبي.
نفهم من خلال الخطاب والممارسة النقابيين ، أن النقابي اصبح يسير وفق املاءات بعيدة كل البعد عن الهم الجماهيري والشعبي الذي تمثله الطبقة العاملة، كنا تبدو بعيدة عن كشف مكامن الخلل في البنية الاجتماعية المتهالكة والواقع المرير الذي تتخبط فيه فئات عريضة من المجتمع المغربي…
أجور متدنية أمام ارتفاع متزايد لأسعار المواد الإستهلاكية و معطلين يعضون الأنامل من الغيض حسرة ويبحثون عن إنسانيتهم في المسيرات والوقفات الإحتجاجية، وبطالة مقننة وفي المقابل نرى واقعا نقابيا ممزقا لا تملك قياداته الشجاعة الكافية لاتخاذ القرار للدفاع عن ملفات حارقة لا تنتظر التأجيل و يتبادلون الأدوار التمثيلية في مسرحية الحوار الحكومي الذي لا طائل من ورائه سوى ربح النقط والوقت… على حساب زمن نقابي لا زال ينتظر الحياة ! قيادات باعت الملفات في السوق ليلا وجلست على الطاولة نهارا فغدت غير مؤهلة لخوض المعارك ولا صناعة الحدث كالذي عشناه في بداية الثمانينات من القرن الماضي.
إن الفعل النقابي الحقيقي هو الذي يعمل أساسا على محو بنيات الاستغلال الفاحش والقهر المنظم كيفما كانت تسمياته ولبوساته من أجل تاسيس مجتمع بديل تسوده العدالة الاجتماعية و بناء اقتصاد قوي يعمم الرخاء والرفاه على المواطنين على اختلاف فئاتهم و أحوالهم حتى تتقلص الفوارق وتتساوى الحقوق ونضمن كرامة المواطن في وطن كريم.
لا بد للفعل النقابي أن يتحرر من الهيمنة الحزبية و إملاءات السلطة، فيكسر قيود الارتهان ليعود إلى أحضان الكفاح الجماهيري إلى جانب الطبقة العاملة ويرفع صوتها ، ويرفض الشرط السياسي الذي يعطل كل عمل نضالي لتحقيق المكتسبات ويجيب عن الأسئلة الراهنة التي تفرض نفسها على واقع الشغيلة وعموم الطبقة العاملة.
من خلال قراءتنا لواقع الحال يتبادر إلى الذهن أن الخطاب النقابي لم يعد خطابا يستمد مشروعيته باستعمال القاموس النقابي وألفاظه كما أن القيادة اختزلت الزعامة في كرسي متحرك في مكتب مكيف تزين جدرانه صور تظاهرات فاتح ماي او صور الزعيم المزعوم مع قيادات خرافية !
لقد نسيت الزعامات ” الكرطونية ” أن الفعل النقابي لا بد أن تقوم بصياغته من جديد الطبقة العاملة المكافحة طال الزمن او قصر لأن الواقع الذي تعيشه هذه الفئات من المجتمع يفرض عليها إزاحة الدرك النقابي الذي يجثم على صدرها عقدا من الزمن بعد صناعته في صالونات بعيدة كل البعد عن الكفاح الجماهيري
و شرف المرافعة عن ضحايا السياسات الحكومية المتعاقبة المنفذة لاملاءات المؤسسات المالية الدولية التي اغرقت البلاد في الديون واقتصاد السوق و شروط التجارة العالمية دون مراعاة إلى حقوق الأفراد في العيش الكريم و الحفاظ على تماسك المجتمع …
إلى حين فك الارتهان و صياغة فعل نقابي قوي و بعيد عن التجاذبات الحزبية مخلص بقضايا الطبقة العاملة وعموم الشغيلة… اقرئكم سلاما نقابيا…يفوح عطرا رائعا.