صنّفت مجلة غلوبال فاينانس الأمريكية والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، ضمن قائمة أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم لسنة 2025، مانحة إياه درجة “أ” في تقريرها السنوي Central Banker Report Cards الذي دأبت على نشره منذ 1994. ويعد بنك المغرب المؤسسة المصرفية الوحيدة في العالم العربي التي نالت هذا التنقيط المرموق، ما يعكس مكانة الجواهري في الأوساط المالية الدولية، رغم استمرار الجدل المحلي حول خياراته النقدية.
تستند معايير المجلة، التي تأسست عام 1987 وتوزع في أكثر من 185 دولة، إلى القدرة على السيطرة على التضخم، دعم النمو الاقتصادي، ضمان الاستقرار النقدي، وتدبير أسعار الفائدة. وتمنح الدرجات من “أ” (ممتاز) إلى “إف” (فشل). غير أن بعض الخبراء يشككون في حيادية هذه التقييمات بالنظر إلى ارتباطها الوثيق بالرؤية الليبرالية للمؤسسات المالية الدولية.
الجواهري، البالغ من العمر 83 عاماً، يعد من أبرز الشخصيات الاقتصادية المغربية. فقد شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية بين 1981 و1986، وأدار البنك المغربي للتجارة الخارجية، قبل أن يتولى قيادة بنك المغرب عام 2003. ومنذ ذلك الحين، قاد إصلاحات محورية شملت التحرير التدريجي لسعر صرف الدرهم، تطوير أدوات السياسة النقدية، وتشديد الرقابة على القطاع البنكي.
وحظي بإشادة دولية لنجاحه في الحفاظ على استقرار النظام المالي ومواجهة التضخم، لكن سياساته أثارت انتقادات داخلية، خاصة بعد قرارات رفع أسعار الفائدة في 2022 و2023، التي اعتبرتها النقابات والمقاولات الصغرى سبباً في ارتفاع كلفة التمويل وتباطؤ الاستثمار والطلب الداخلي.
ويأتي هذا الاعتراف الدولي في ظرفية دقيقة، حيث لا يتجاوز معدل النمو 3 في المئة، فيما بدأ التضخم بالتراجع بعد ذروته في 2023، وسط ضغوط اجتماعية متصاعدة من بطالة وارتفاع تكاليف المعيشة. وبينما تؤكد المؤسسات المالية العالمية صواب التوجه النقدي الصارم، يرى منتقدون أن هذه السياسات لم تراعِ كفاية البعد الاجتماعي. وهو ما يجعل الجواهري رمزاً للمفارقة بين صلابة التوازنات الماكرو–اقتصادية وتعقيدات الواقع الميكرو–اجتماعي في المغرب.















