من عادتي عندما أغضب غضبا شديدا، أن أصمت وأنسحب بهدوء، هذا ما فعلته البارحة، أغلقت هاتفي ونمت، لأني فعلا حزنت كثيرا، إلى حد البكاء، على منتخب لا زلت أراه أقوى من منتخب مصر، وهذا هو مربط الفرس، وسبب حزني، أن تكون منتخبا قويا وتخسر في النهاية، ان تتوفر لديك كل مقومات النجاح وتخسر.
ألوم المدرب طبعا، ىاخراج بوفال؟ الاعتماد على الحدادي؟ ادخال النصيري لتسعين دقيقة؟ الخ … ولكني ألوم الجمهور أيضا، ألوم العقليات السلبية التي تحاول أن تقنعنا أن قدرنا أن نؤمن بأننا ولدنا للهزيمة، أمة أصبحت تعتبر التشجيع على الفشل مادة دسمة للسخرية، و”كلها كايضرب على مصلاحتو” لأنه يعرف انه لو عبر عن ما يجب ان يقال سيهاجم، مثلما فعل معي البعض، نحن لا نؤمن بالاختلاف في الرأي، ونسخر من كل شيى حتى لو كان منطقيا، بالنسبة لي هناك ما هو غير قابل للسخرية، ومن بينها ما شاهدناه من تبخيس للمنتخب ولنا جميعا قبل المباراة ومند بداية البطولة .
لا يهمني إن كان خروجي عن الرأي السائد سيكون سببا في خساراة ما، دائما ما أحاول النظر للأمور باتزان، ومن خلال ما تعلمته في دراستي وحياتي، أستطيع الجزم بأن هذه العقلية السلبية التي انتشرت هي أحد أسباب الهزيمة ونقصان العزيمة، بدل أن نناقش بالمنطق نقط القوة ونقط الضعف، أصبحنا نجزم بأن منتخبنا ضعيفا، لكي نكسب تعاطف الأغلبية، و”جيماتهم وهاهاتهم” ولو كانت هذه الأغلبية مخطئة فنحن يجب أن نكون معها ” باش نبانو كيوت”، الخطير في الأمر أن ينجر الجميع لهذا الاتجاه، بمن يفترض فيهم ان يكونوا متزنين، لا اتكلم عن السخرية العابرة وانما السخرية المقنعة .
إذا كان دور اللاعب هو اللعب والمدرب هو التدريب ورئيس الجامعة هو التسيير، فدور المشجع هو التشجيع ودور الصحفي هو طرح السؤال، ولهذا شجعت منتخبي وطرحت أسئلة كثيرة عن ما يفعله وحيد بمنتخب قوي، يضعفه في بعض الأحيان بقراراته الغريبة، وعلى رأسها عدم استدعاء اسماء وازنة وعدم الاستفادة من ما يتوفر لديه من اسماء على الاقل .
لقد قلت سابقا اننا منتخب قوي نواجه منتخبا لا يخيف، يلعب على الجوانب النفسية وهو ما حدث، ويلعب على نقط قوته وهي الحارس والنيني وصلاح وهو ما حدث، لقد غلبتني عاطفتي عندما توقعت فوز جامبيا لاني كنت اريدها ان تفوز ولأنها قدمت مردودا رائعا ايضا، وتونس لاني كنت اريدها ان تفوز، لكن توقعي لفوز المغرب وفوز السينغال والله لم يكن عاطفيا، وانا لا زلت متشبث برأيي المبني على مؤشرات، كان باستطاعتنا الفوز على منتخب مصر ولكن للأسف، هناك إدارة فاشلة من طرف المدرب وضعف ذهني وليس فني من اللاعبين أخرجهم من المباراة، هل يترك صلاح لوحده ؟
محمد صلاح فنان، ولاعب كبير، لكن تسجيله للهدف الاول وطريقة صناعته للهدف الثاني تؤكد ان المنتخب خرج ذهنيا من المباراة واعتقد ان الجمهور يتحمل مسؤولية إخراجهم منها، لا يمكن لعلم التواصل وعلم النفس أن ينطق على الهوى وما حدث من تبخيس بدل ان نشجع وننتقد بالعقل، لا بد انه كان من عوامل التأثير على نفسية اللاعبين، لقد قلتها سابقا، الشيئ ان زاد عن حده انقلب الى ضده، في الجزائر شجعو منتخبهم بحمق فحملوه اكثر من طاقته فخسر وفي المغرب حدث العكس فخسر كذلك والمنطق يقول انه يجب ان نشجع باتزان ونحترم الخصم ونؤمن بأنفسنا، ونركز في عملنا وهو ما فعله الجمهور المصري ومنتخب مصر فانتصر .
من الباب الإيجابي، اعتبر ان طريقة تعامل الجمهورين المصري والمغربي مع المباراة، في باب ” الجانب العلائقي” درس كبير لكل جماهير كرة القدم، لانها في نهاية المطاف مجرد لعبة، تفرحنا وتحزننا، لكن لا يجب ان تقودنا للحرب والحقد.
لن أناقش من يجب ان يبقى ومن يجب ان يرحل فذلك بالنسبة لي لا يغني ولا يسمن من جوع … وسيناريو يكرر كل سنة، كل مناسبة، وكل فصل من فصول الهزيمة التي لم نولد من أجل تقبلها، المغرب بلد العظيم والمغاربة شعب عظيم، يجب أن نؤمن أننا كذلك، لننتصر … اتمنى فقط ان نحب وطننا بصدق ، وان نفكر بالعقل وان نعمل بجد .. وان لا ” نكون مع الموجة” فقط لأنها موجة…. والسلام .