مواصلا سياسته الاحتقارية، باستعمال أساليب ينعدم فيها الاحترام واللياقة، في حق كل المتدخلين في القطاع، لم يسلم، هذه المرة، في سابقة خطيرة، الطلبة المغاربة العائدين قسرًا من أوكرانيا الذين وصفهم عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بعدما أخلف جميع وعوده تجاههم وفشل فشلا ذريعا في تدبير الأزمة، ب”ضعاف المستوى“.
للتذكير، فإنه لم يتمكن سوى 123 طالب عائد من أوكرانيا من اجتياز بنجاح مباراة الولوج إلى كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان الخاصة، عوض العمومية التي وعدهم بها، أولا، عبد اللطيف ميراوي، أي ما يعادل 2% فقط من ال6000 طالب (من أصل 7200) بالتكوينات الطبية الذين سجلوا أنفسهم على المنصة التي أحدتثها الوزارة بهدف جرد أعدادهم.
وتعود أسباب رسوب عدد كبير من الطلبة في اجتياز المباراة إلى كونهم تلقوا تكويناتهم بالجامعات الأوكرانية باللغات الأوكرانية أو الروسية أو الإنجليزية، بينما الاختبارات التي قدمت لهم خلال المباراة كانت باللغة الفرنسية، وبالتالي لم يتمكنوا، كما جاء في عدد من الشهادات المستقاة، من ضبط المفاهيم ولا حتى فهم الأسئلة المطروحة عليهم، ولم تضع الوزراة، كما تم وعدهم بذلك، رهن إشارتهم المواكبة اللغوية لضمان إدماجهم في أحسن الظروف، ولا حتى التخفيض الموعود في رسوم التسجيل لفائدة من تم قبولهم.
وقد عرفت مباراة الولوج مقاطعة واسعة من قبل الطلبة المعنيين، إذ لم يتقدم للمباراة سوى 393 طالب (أقل من 7%)، بالنظر إلى الكلفة المرتفعة لرسوم التسجيل والدراسة بالكليات الخاصة التي توازي 130.000 درهم سنويا، حيث يعتبرون أنفسم ضحية لوعود ميراوي الذي غرر بهم وتخلف، في ما بعد، عن كل تعهداته التي أطلقها، منذ شهر مارس الماضي، بإدماجهم كلهم بالجامعات العمومية، قبل أن يتراجع عن تصريحاته “غير الموزونة والمتسرعة” التي طغا عليها الطابع السياسوي اللامسؤول، ويتوارى إلى الخلف ويرفض استقبالهم.
من جهة ثانية، ومن أجل إيجاد حلول بديلة لهؤلاء الطلبة، مع العلم أن فئة واسعة بينهم قد غادرت الوطن بعدما سئمت تصريحات ووعود ميراوي التي لم تتحقق يوما، قال الوزير أنه سيكلف لجنة وزارية للقيام بجولة أوروبية في دول جوار أوكرانيا، كبلغاريا، من أجل تسجيلهم في جامعاتها، مع العلم أن الطلبة المعنيين قد ضاعت عليهم السنة الماضية والسنة الحالية كذلك نتيجة تدبير تخبطي للملف الذي لم يعرف حلا إلى حدود الساعة.
في ذات السياق، يتساءل أولياء الطلبة المعنيين عن “الطريقة التي ستترافع بها الوزارة لدى دول جوار أوكرانيا لصالح أبنائنا قصد إدماجهم بجامعاتها”، علما أن “الوزير المغربي، الذي يدعي دفاعه عن تأهيل الرأسمال البشري، لا يترك فرصة تمر دون أن ينقص جهرا من قيمة أبنائنا العلمية .. في تصرف غير مسؤول يدل عن فشله في حلحلة الإشكال“.
الفشل الدريع لميراوي في تدبير هذا الملف، والذي أوكل لديوانه، ودون إشراك الإدارة المركزية والجامعات، مهمة إخراج القرارت المتتالية والمتناقضة في التعاطي مع هذا الملف، يتنافى مع التصريحات “الغريبة” التي أطلقها الوزير في آخر خرجاته الإعلامية مدعيا أن “المشكل قد حل بعقلانية”، في تجاهل للطلبة المعنيين الذين غادروا المغرب من أجل البحث عن آفاق أخرى بعدما تخلت عنهم الوزارة الوصية، بالرغم من عشرات الوقفات الاحتجاجية التي نظمها الطلبة العائدين من أوكرانيا وأولياء أمورهم أمام باب الوزارة من أجل مقابلة الوزير الذي رفض في كل مرة استقبالهم.