في ظل الانهيار الإداري المتواصل داخل الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، تتصاعد موجة غضب عارمة في صفوف العاملين الذين باتوا ضحايا لسياسات مرتجلة و فاشلة حولت المؤسسة إلى فضاء للاحتقان و الفوضى. المكتب النقابي التابع للمنظمة الديمقراطية للشغل كشف بالواضح و المكشوف عن حجم العبث الذي تمارسه مديرية الموارد البشرية بالنيابة، خصوصًا في ملف تنفيذ قرارات المجلس الإداري، و في مقدمتها الزيادة في الأجور التي صادق عليها المجلس منذ يونيو 2025، و التي كان من المفترض صرفها بأثر رجعي ابتداءً من يناير من نفس السنة.

إن مسؤولية مدير الموارد البشرية بالنيابة ثابتة و لا جدال فيها، بعدما تحولت مصالح الموظفين إلى رهينة بين يديه، بفعل التماطل المقصود و التسويف المتعمد في تنفيذ القرارات المصادق عليها، و حرمان العاملين من مستحقاتهم في الساعات الإضافية، و عرقلة احتساب الخدمات السابقة، و تجميد مؤسسة الأعمال الاجتماعية و التقاعد التكميلي. كل ذلك يكشف بجلاء سوء التدبير وغياب أي حس بالمسؤولية أو التزام تجاه الشغيلة.
الوضع لم يعد يُحتمل. الاستهتار بحقوق العاملين و تهميشهم لن يقابل سوى بمزيد من التصعيد. النقابة الأكثر تمثيلية، باعتبارها الصوت الصادق للشغيلة، أعلنت عن وقفة احتجاجية حاشدة يوم 23 شتنبر 2025 أمام المقر المركزي للشركة، في خطوة تصعيدية تعكس درجة الاحتقان الخطيرة التي بلغها الوضع داخل المؤسسة.
مطالب النقابة مشروعة، واضحة، و لا تحتمل التأجيل: تفعيل منحة الأخطار المهنية، صرف الساعات الإضافية، تمكين التقنيين من الإطار خارج السلم، معادلة الشواهد، و تنفيذ كل قرارات المجلس الإداري دون مماطلة أو تلاعب. إنها مطالب ليست مجرد ملفات تقنية، بل حقوق أساسية لا تقبل المقايضة و لا التنازل.
إن استمرار الإدارة في سياسة الإقصاء والتماطل هو لعب بالنار. فإصرارها على نهج اللامسؤولية قد يدفع الشغيلة إلى معارك نضالية أقوى و أشد، دفاعًا عن الكرامة و الحقوق المشروعة.
و يبقى السؤال الكبير: إلى متى ستظل الشركة الوطنية رهينة لسياسات عرجاء و قرارات مشلولة؟ و هل ستفهم الإدارة أخيرًا أن الاستهتار بالعاملين لن يقود إلا إلى الانفجار؟















