في إطار الجهود التي تبذلها جمعيات المجتمع المدني للتوعية بالزيادة المقلقة في معدلات الإصابة باضطراب طيف التوحد بالمغرب، أطلقت جمعية (VAINCRE L’AUTISME Maroc) حملة تحسيسية تحت شعار “طفل من بين 50 يولد توحديا” للتوعية بأهمية التشخيص المبكر والتكفل السريع بهؤلاء الأطفال، ولتسليط الضوء على الصعوبات الكبيرة التي تواجه الأسر من أجل مواكبة والتكفل بأبنائها، في ظل الخصاص الكبير المسجل على مستوى بنيات التكفل وآليات المرافقة.
وفي هذا الصدد، يجيب رئيس جمعية (VAINCRE L’AUTISME Maroc)، السيد امحمد ساجيدي، عن ثلاثة أسئلة لوكالة المغرب العربي للأنباء، حول أهداف هذه الحملة ومرتكزاتها، وآخر الإحصائيات المتوفرة حول معدلات انتشار هذا الاضطراب في المغرب والعالم، فضلا عن البرامج التي تعتمدها الجمعية للنهوض بأوضاع المصابين باضطراب طيف التوحد، كبارا وصغارا.
1 – بمناسبة اليوم العالمي للتوحد، أطلقتم حملة تحسيسية طيلة شهر أبريل الجاري تحت شعار “طفل من بين 50 يولد توحديا”. ما هي أهداف هذه الحملة وما هي مرتكزاتها ؟
منذ سنة 2013 ، وجمعية (VAINCRE L’AUTISME) تحذر من زيادة حالات الإصابة بطيف التوحد في جميع أنحاء العالم وتسلط الضوء على معدل الإصابة الذي يصل إلى 2 في المائة من المواليد، وهو المعدل الذي تؤكده أحدث الدراسات في البلدان المتقدمة. لذلك فإن الهدف الأساسي لهذه الحملة هو إطلاع الرأي العام على مستوى انتشار اضطراب التوحد حاليا، والذي ازدادت حدته في السنوات الأخيرة. والواقع أننا خلال 20 عاما، انتقلنا من ولادة واحدة مصابة بالتوحد في كل ألف ولادة، إلى ولادة واحدة في كل مائة، ثم إلى ولادة واحدة في كل 50 اليوم.
هذه الوتيرة السريعة للانتشار لا يواكبها، للأسف ، وضع الآليات الملائمة للتكفل بالعدد المتزايد من الأطفال المصابين بالتوحد. ومن المعترف به دوليا أن الشخص المصاب بالتوحد يحتاج إلى تعليم مهيكل وم كيف ودائم، مما يتطلب تطوير بنيات تربوية مبتكرة موجهة للمصابين باضطرابات طيف التوحد. ويتمثل الهدف الثاني للحملة في تسليط الضوء على الحلول الملائمة لاحتياجات الأطفال المصابين بالتوحد. وقد عملت الجمعية على تطوير مجموعة من الحلول التي حصلت على تقييم ممتاز والقابلة للتعميم على نطاق واسع، فضلا عن كونها نالت استحسانا كبيرا من قبل الأسر. لذلك، باشرت جمعية ( VAINCRE L’AUTISME ) عددا من المبادرات لدى السلطات العمومية والعديد من المؤسسات بهدف الانخراط في شراكات، وتسعى للحصول على دعم الشركاء من القطاع الخاص للمساعدة في تطوير هذه الحلول.
وأخيرا ، تستجيب هذه الحملة لهدف مزدوج ، من خلال وفائها برسالة جمعية (VAINCRE L’AUTISME)، وهي الحفاظ على دورها للإنذار بشأن مستويات الإصابة التي تتزايد باستمرار، والتوجه نحو المستقبل من خلال حلول مبتكرة للتكفل، حتى يتمكن الأطفال التوحديون من العيش في ظروف أفضل.
2 – كيف تقيمون واقع الأطفال التوحديين بالمغرب وما هي آخر الإحصائيات التي تتوفرون عليها بخصوص تفشي التوحد بالمغرب ؟
مكن المؤتمر الوطني الأول حول التوحد سنة 2004 من إخراج موضوع اضطراب التوحد إلى دائرة الضوء في بلادنا، حيث تم إطلاق العديد من الحملات الإعلامية والتوعوية والتكوينية. وفي هذا الإطار، أصدرت جمعيتنا تقرير 2009 عن حالة التوحد في المغرب. وكانت الحكومة حينها تدفع في اتجاه التشاور مع الجمعيات حول استراتيجية للتكفل بالتوحد. غير أنه لا توجد حتى الآن خطة حقيقية أو ميزانية مخصصة لتمويل رعاية والتكفل بالأشخاص التوحديين، ولا تزال الأسر وحيدة في مواجهة الواقع الصعب لأبنائها. ويبدو الأمر أكثر إثارة للتفاؤل في ما يتعلق بتكوين المهنيين وزيادة عمليات التشخيص المبكر. في غياب دراسة وبائية، لا توجد أرقام مضبوطة عن عدد المصابين بالتوحد بالمغرب. غير أنه بناء على معدلات الانتشار على الصعيد الدولي، يوجد في المغرب 680 ألف مصاب بالتوحد، من بينهم 216 ألف طفل، بمعدل ولادة يقدر بـ12800 في السنة ، أي 35 ولادة في اليوم. وفي ضوء معدلات الانتشار هاته، أصبح من الملح أن تضع الحكومة خطة للتكفل بالمصابين باضطراب طيف التوحد.
3 – ما هي البرامج التي تعتمدها الجمعية في عملها اليومي مع مختلف الأطراف: الأطفال التوحديون، الأسر، باقي مكونات المجتمع المدني ؟ قامت جمعية (VAINCRE L’AUTISME Maroc) بهيكلة أنشطتها وفق مجموعة من الأقطاب وبشكل محدد الأهداف، من أجل الملاءمة مع ما هو معمول به على الصعيد الدولي. وتسهر فروع الجمعية على تطبيق هذه الأهداف بكل الدقة اللازمة.
باعتبارنا جمعية للأسر، فإن نضالنا يصب في اتجاه ضمان احترام الحقوق من خلال محاربة جميع أشكال التمييز والإقصاء التي يعاني منها الأطفال المصابون بالتوحد وأسرهم. ف”قطب الآباء” مخصص للدعم النفسي والإداري والقانوني للآباء. نحن نرافقهم حتى يخرجوا من العزلة، ويدركوا حقوقهم وحقوق أبنائهم.
ويهتم “قطب التدخلات” بالتكفل بالمصابين بطيف التوحد (أطفالا وبالغين) من خلال مجموع الحلول التي طورتها الجمعية، على غرار التصور الخاص بمركز (FUTUROSCHOOL) (يوجد مقره بالرباط). ويضم هذا المركز متخصصين في التوحد وعلماء النفس ومشرفين. وترتكز هذه الحلول البديلة لجمعية (VAINCRE L’AUTISME Maroc) على مفاهيم مبتكرة للتميز تتلاءم مع الاحتياجات الخاصة للعلاج. وهي تسمح بتحسن حالة أي طفل مصاب بالتوحد بغض النظر عن سنه أو مستواه أو مكان إقامته. ويعتمد تنفيذ هذه الحلول المختلفة على إشراك وانخراط الأبوين.